أكدت آمال صيام، مركز شؤون المرأة بغزة على الرفض التام لكافة أشكال العنف الممارس ضد النساء سواء أكان عنفاً عائلياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو قانونياً أو سياسياً في الحيز العام والحيز الخاص أيا كان شكله ومبرره.
وقالت صيام: "إن استمرار ظاهرة العنف ضد المرأة بأشكاله المختلفة يشكل مؤشراً خطيراً ومعيقاً حقيقياً ورئيسياً أمام تنمية المجتمع الفلسطيني بصورة عامة والنهوض بواقع المرأة الفلسطينية بشكل خاص ويحد من فرصها في التطور والتمكين ويضعف من خطى المجتمع نحن التطور والتقدم وتحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين".
جاءت أقوال صيام خلال مؤتمر نظمه مركز شؤون المرأة بغزة حول "العنف المبني على النوع الاجتماعي" تم خلاله عرض لتجارب مؤسسات محلية ودولية لمناهضة العنف ضد المرأة، ضمن مشروع "الحد من العنف المبني على النوع الاجتماعي للفتيات والنساء في قطاع غزة" الذي ينفذه المركز بتمويل من مؤسسة Trócaire بحضور العشرات من فئات المجتمع كافة في قطاع غزة.
وأضافت: "انطلاقاً من هذا كله أصبح محاربة العنف ضد النساء كظاهرة كونية ومحلية ضرورة حتمية تتطلب كافة الجهود الرسمية والمدنية والأهلية والنسوية، تتطلب جهودها جميعا كأفراد وجماعات حتى نتمكن من اقتلاعها من جذورها".
وتابعت: " أننا في مركز شؤون المرأة نولي اهتماماً واضحاً ومخططاً لمحاربة العنف ضد النساء إلى جانب زميلاتنا من المؤسسات النسوية والأهلية والدولية ذات العلاقة وذلك عبر العديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة والمتعددة وحملات المناصرة والضغط".
ودعت صيام المؤسسات النسوية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني إلى تكثيف جهودها وتجميع طاقتها لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة عبر الاستمرار في برامجها المناهضة للعنف ضد النساء وبناء التحالفات والائتلافات التي من شانها أن تزيدنا قوة في مواجهة العنف والتمييز الممارس ضدنا.
وطالبت صيام بضرورة العمل على تبني قوانين فلسطينية أكثر حماية للنساء من العنف، وإلغاء كافة النصوص القانونية التي من شانها أن تعطي ذريعة وغطاء لاستخدام العنف ضد النساء، ولن يتحقق ذلك إلا بإنهاء ملف الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة الوحدة واللحمة إلى النسيج الفلسطيني وتوجيه البوصلة باتجاه قضايانا الوطنية وعلى رأسها صراعنا الحقيقي مع الاحتلال".
وعرضت شيرين ربيع، منسقة التدريب المركز أنشطة المشروع الذي يهدف إلى المساهمة في الحد من انتشار العنف المبني على النوع الاجتماعي وآثاره لدى النساء و الفتيات الأكثر ضعفاً في قطاع غزة.
وستكون أهم الأنشطة التي ستنفذ خلال المشروع إنشاء (5) مجموعات شبابية للعمل ضمن مشروع مجموعة في كل محافظة تتكون كل مجموعة من 10 شباب من كلا الجنسين حديثي التخرج تتراوح أعمارهم من (22-26 ) .
وعقد تدريب حول "العنف المبني علي النوع الاجتماعي" لـ(50) مشارك/ة من مختلف محافظات قطاع غزة، و عقد 10مجموعات نقاش حول "الجندر وحقوق المرأة، العنف الأسري ضد المرأة" في مختلف محافظات قطاع غزة.
وقالت ربيع: "ومن ضمن أنشطة المشروع أيضاً عقد 10مجموعات نقاش لرفع الوعي حول قضايا المرأة تقوم بها مجموعات العمل الشبابية و يتم استضافتها في المؤسسات النسوية الشريكة، وإحالة (100) حالة إلى مركز شؤون المرأة ومزودي الخدمات حسب الحاجة لتلقي الخدمات القانونية، النفسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والحماية".
وكما سيتم خلال تنفيذ المشروع نشر وتوزيع (1600) منشور حول حقوق المرأة ، الجندر، والعنف ضد النساء والفتيات، والأسباب والعواقب؛ العنف في القوانين الفلسطينية؛ العنف في الاتفاقيات الدولية؛ ومكافحة العنف ضد النساء والفتيات؛ وإحصاءات عن العنف ضد النساء والفتيات في قطاع غزة، وإنشاء منتدى إلكتروني خاص بالمشروع وتنظيم حملة الـ16 يوم (الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة).
مسببات العنف
وفي ورقة عمل حول "تجربة مركز صحة المرأة البريج في التعامل مع حالات العنف ضد النساء" أكدت فريال ثابت مديرة صحة المرأة في جمعية الثقافة والفكر الحر لا تقتصر ظاهرة العنف ضد المرأة على مجتمع دولة بمفردة أو على طبقة دون الأخرى، ولا تنتشر فقط بين أحزمة الفقر بل تعم كل المجتمعات ولكن بمستويات متنوعة "
وأوضحت ثابت بأن قطاع غزة يتميز بتنوع المسببات للعنف وتزداد وتتعقد كل يوم عن الآخر وما زال العدوان الإسرائيلي المتكرر، الانقسام السياسي، الحصار الإسرائيلي، تفسخ النسيج الاجتماعي، انعدام الأفق بالمستقبل، سوء الحالة الاقتصادية ونهج التنشئة الاجتماعية، يُعتبر من أهم معالم ارتفاع احصائيات الممارسات السلوكية المرتبطة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي بمختلف الاعمار والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي لمقترفي جرائم العنف او لضحايا العنف.
من جهتها أوضحت آيات أبو جياب، في ورقة عمل بعنوان "تجربة جمعية عايشة في الاستجابة لحالات العنف ضد النساء والفتيات" بأن هناك تحديات لدعم خدمات العنف المبني على النوع الاجتماعي في السياق المحلي العام أهمها، الثقافة الذكورية والممارسات الاجتماعية، التوجهات الثقافية للعاملين في القطاعات المختلفة نحو العنف و برامج مناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، الحروب المتكررة والأزمات تفرض عن قصد إبقاء التدخلات على مستوى الاستجابات الطارئة والإغاثة الإنسانية في جميع المجالات، و تمنع الانتقال إلى مراحل التعافي والتنمية، الحصار والانقسام.
من جانبه قال حسن زيادة، في ورقة عمل بعنوان "تجربة برنامج غزة للصحة النفسية في التعامل مع ضحايا العنف ضد النساء: "كان من أهم الدروس المستفادة خلال تجربتنا هو أن تمكين المرأة اقتصاديًا يعيد ثقتها بنفسها وتصبح أقل اعتمادًا على المجتمع المحيط والذي بالغالب يمارس عليها العنف، الإشراف المهني على الموظفين والموظفات في المؤسسات العاملة في مجال المرأة يزيد من فعالية الأنشطة المقدمة للمجتمع، لازال هناك حاجة لتوعية المرأة في حقوقها، وطريقة الحصول عليها، أن خدمة الهاتف الارشاد المجاني سهلت عملية الوصول للنساء لتلقي خدمات الارشاد النفسي".
وأضاف زيادة: "أهم التوصيات التي خرجنا بها هي، ضرورة تسليط الضوء على قضايا المرأة ومشكلاتها في وسائل الإعلام، العمل على تحسين موقف المجتمع تجاه المرأة عبر تدريب الشخصيات القيادية في المجتمع على قضايا النوع الاجتماعي، المشاركة في التوعية والتثقيف من جوانب الصحة النفسية والتداعيات السلبية لأي ممارسة لشكل من أشكال العنف، عدم التركيز في التدخلات على الضحية وهي المرأة ولكن يجب استهداف الرجال في أنشطة التوعية والتثقيف، وتأهيل حالات فردية وتأهيل عائلي لبعض الحالات التي تعاني من العنف".
دليل موحد
وفي ورقة عمل حول "إجراءات اعم الموحدة لإدارة وإحالة حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي وحماية الطفل في قطاع غزة-تجربة القطاع" أوضحت أميرة مهنا، أن دليل إجراءات العمل الموحدة يصف المبادئ التوجيهية، والإجراءات، والأدوار، والمسؤوليات في الوقاية من والتصدي للعنف المبني على النوع الاجتماعي، وحماية الطفل لسكان قطاع غزة، و يستند هذا الدليل إلى الممارسات الوطنية وممارسات قطاع غزة، والبروتوكولات، والأطر القانونية وكذلك المعايير الدنيا الدولية.
وأضافت مهنا: "أهم التحديات التي واجهت الدليل، على الرغم من مشاركة كافة الوزارات و ممثلين على مستوي عالي في الوحدات المختلفة من الوزارات إلا أن وكلاء الوزارة احتاجوا وقت كبير في مراجعة دليل الاجراءات وإعطاء تعليقات عليه، على الرغم من الارتباط الكبير وموافقة كافة الأعضاء على عمل دليل مشترك لحماية الطفولة والعنف المبني على النوع الاجتماعي إلا أن صانعي القرار طالبوا بعمل دليل منفصل للعنف المبني علي النوع الاجتماعي، الانقسام السياسي و الوضع السياسي الحساس لقطاع غزة أثر على القوانين الخاصة بالنساء والعنف المبني علي النوع الاجتماعي، وعدم وضوح القوانين الخاصة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي".
قوانين حماية
من جهتها قالت تهاني قاسم، منسقة الوصول المجتمعي في مشروع حياه في ورقة : "كانت أهم التوصيات التي خرجنا بها من خلال تجربتنا، تطوير وتحديث آليات الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي، بناء الجهود المشتركة بين المؤسسات لتفعيل الإيواء في مشروع "حياة"، تنسيق الجهود بالعمل على خلق قاعدة بيانات بين المؤسسات العاملة في مجال مناهضة العنف، توضح عدد ضحايا العنف، والناجين/ات منه، وأنواع العنف الممارس، من خلال تفعيل المرصد الوطني".
وأضافت قاسم: "التحديات التي تواجهنا في تنفيذ حماية أعلى للمستفيدات هي، تعطل المجلس التشريعي بسبب الانقسام السياسي، وانعكاس ذلك على تعطيل العملية التشريعية، الأمر الذي يجعل تأثيرها مضاعفاً على النساء اللواتي يعانين من العنف وتبعاته، إطالة أمد التقاضي في المحاكم، وآثاره السلبية على حقوق النساء، عدم وجود قاعدة بيانات خاصة بإحصاءات ونسب العنف، للمؤسسات العاملة في مجال الحماية من العنف، عدم تفعيل الإيواء في مشروع حياة، مما يجعل المركز غير قادر على تقديم أفضل خدمات الحماية للنساء، والفتيات ضحايا العنف من خلال المبيت، وتمكين هؤلاء النساء وإعادة دمجهن في المجتمع، وتساوق مؤسسات العمل الأهلي والأحزاب السياسية مع ثقافة التمييز المبني على النوع الاجتماعي، وتقديم التنازلات وتجاهل حقوق المرأة تحت حجج مختلفة ( دينية، عشائرية، عرفية)، مما يجهض جهود المناصرة التي نقوم بها لصالح قضايا المرأة.
وفي ورقة عمل حول" دور العيادة القانونية في مركز شؤون المرأة في حماية النساء المعنفات" أوضحت سهير البابا محامية في العيادة القانونية أن مركز شؤون المرأة أولى اهتماماً كبيراً بقضية النساء المعنفات وذلك لدعم وصولهم للعدالة وضمان حقوقهن بما يحقق العدالة المجتمعية، وكان التركيز دوماً على تقوية النساء وتمكينهم قانونياً من خلال العيادة القانونية في مركز شؤون المرأة والتي تم افتتاحها في عام 2011 للدفاع عن قضايا النساء ومناصرة حقوقهم وصولاً للعدالة والمساواة في المجتمع الفلسطيني، وحيث أن التمكين القانوني هو أحد الأليات لدفع عملية التنمية بكل أشكالها وأن التمكين القانوني هو مقدمة للتمكين الاقتصادي ودفع عملية التنمية المستدامة لذلك كان وجود العيادة القانونية مهم لحماية النساء المعنفات حيث أن العيادة القانونية هي احدى آليات تقديم الدعم القانوني المجاني للنساء المهمشات لدعم وصولهن للعدالة.
وأكدت البابا على أن الظروف الاجتماعية تعتبر من أهم الأسباب التي تشكل العنف ضد المرأة فالعادات والتقاليد الخاطئة في كثير من الأحيان التي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر عن الأنثى مما يؤدي إلى تصغير دور المرأة والتقليل من شأنها أيضاً وهنا يأتي دور العيادة القانونية في أهميتها في توعية النساء بحقوقهن وضرورة المطالبة بها وذلك من خلال ورش العمل التوعوية لأنها تجهل حقوقها القانونية وتوضيح أهمية الاتفاقيات الدولية التي تنص على حماية النساء من العنف وتثقيف النساء بأن لها ذات الحقوق في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.