الحاقن والحاقب والحازق ثلاثة أصناف يجمعهم حرمة الصلاة وعدم تولي القضاء وهم متلبسين في هذه الحالات الثلاث، إذ لا رأي لهم، فمن هم في لغة الجذور؟
الحاقن من الجذر الثلاثي (ح ق ن) اسم فاعل، وحَقَنَ اللبنَ في القِرْبة صبّه فيها والماءَ في السقاء كذلك، وحقَنَ البَوْلَ يَحقُنُه ويَحْقِنُه حَبَسه حَقْناً ولا يقال أَحْقَنه ولا حَقَنَني. واحْتَقَنَ المريضُ احتبَسَ بَوْله وجاء في الحديث الشريف:
(لا رأْيَ لحاقِبٍ ولا حاقِن) فالحاقِنُ في البول والحاقِبُ في الغائط والحاقنُ الذي له بولٌ شديد وفي الحديث الشريف أيضا:
(لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو حاقِنٌ) وفي رواية: (وهو حَقِنٌ حتى يتخفَّفَ). قلنا: الحاقِنُ والحَقِنُ سواءٌ، والحُقْنةُ دواءٌ يُحْقَنُ به المريضُ المُحْتَقِنُ واحْتَقَنَ المريضُ بالحُقْنةِ ومنه الحديث: أَنه كَرِه الحُقْنةَ، وهي هنا أَن يُعطى المريضُ الدواءَ من أَسفلِه وهي معروفة عند الأَطِبّاء والممرضين والحاقِنةُ المَعِدة صفة غالبة لأَنها تحْقِنُ الطعامَ، وتخزنه قال المفضل: كلَّما مَلأْتَ شيئاً أَو دَسَسْتَه فيه فقد حقَنْتَه.
والمِحْقن القِمَعُ الذي يُحْقَن به اللبنُ في السقاء ويجوز أَن يقال للسقاء نفسه مِحْقَن كما يقال له مِصْرَب ومِجزَم قال الأزهري: وكل ذلك محفوظ عن العرب واحْتَقنَتِ الرَّوْضةُ أَشرفت جوانبُها على سَرارِها (مرويّ عن أَبي حنيفة)، واحتقان الدم عدم اهراقه، ومنه الدعاء: اللهم احقن دماءنا.
*****     *****     *****
أما (ح ق ب): في لسان العرب، الحَقَبُ بالتحريك الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير وقيل هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مما يلي ثِيلَه لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ فَيُقَدِّمَه تقول منه أَحْقَبْتُ البَعِيرَ وحَقِبَ بالكسر حَقَباً فهو حَقِبٌ تَعَسَّرَ عليه البَوْلُ مِن وُقُوعِ الحَقَبِ على ثِيلِه ولا يقال ناقةٌ حَقِبةٌ لأَنَّ الناقة لَيس لها ثِيلٌ. إذن فالحقب امتناع خروج البول لسبب ميكانيكي فيزيائي خارجي.
وإذا كان امتناع خروج البول لسبب مرَضيّ فنحن أمام حالة يسميها العرب الحصر والحَصــار والسطام.
وجاءَ في الحديث الشريف: (لا رَأْي لِحازِقٍ ولا حاقِبٍ ولا حاقِنٍ) الحازِقُ الذي ضاقَ عليه خُفُّه فَحَزَقَ قَدَمَه حَزْقاً، أي ضغطهــا، وكأَنه بمعنى لا رأْي لذي حَزْقٍ والحاقِبُ هو الذي احْتاجَ إِلى الخَلاءِ فلم يَتَبَرَّزْ وحَصَرَ غائطَه، شُبِّه بالبَعِير الحَقِبِ الذي قد دَنا الحَقَبُ مِن ثِيلِه فمنَعَه من أَن يَبُولَ وفي الحديث نُهِيَ عن صلاة الحاقِبِ والحَاقِنِ وفي حديث عُبادةَ بن أَحْمَر: "فجمَعْتُ إِبِلي ورَكِبْتُ الفَحْلَ فحَقِبَ فَتَفاجَّ يَبُولُ فَنَزَلْتُ عنه". حَقِبَ البعيرُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه ويقال حَقِبَ العامُ (الموسم) إِذا احْتَبَس مَطَرُه والحَقَبُ والحِقابُ شيء تُعَلِّقُ به المرأَةُ الحَلْيَ وتَشُدُّه في وسَطِها والجمع حُقُبٌ ، والحِقابُ شيءٌ مُحَلىًّ تَشُدُّه المرأَةُ على وَسَطِها، قال الليث: الحِقابُ شيء تتخذه المرأَة تُعَلِّق به مَعالِيقَ الحُليِّ تَشُدُّه على وسَطها والجمع الحُقُبُ.
*****     *****     *****
الحازق: وهو اسم مفعول بمعنى فاعل من الجذر الثلاثي (ح ز ق) ، وأصل الحزق كما جاء في المعجم: الشدّ والضغط، تقول العرب:
حزَقه حَزْقاً: عَصَبه وضغَطه.
والحَزْقُ شدة جَذْبِ الرِّباط والوَترِ. حَزقه يَحْزِقُه حَزْقاً وحزَقه بالحبْل يَحْزِقه حَزْقاً: أي شدّه.
وحَزق القوسَ يَحزِقُها حَزْقاً: شدّ وترها، وكلُّ رِباط حِزاقٌ.
ورجل حَزُقّةٌ وحُزُقّةٌ ومُتَحَزِّق: بخيل مُتَشدِّد على ما في يديه ضَنّاً به، والاسم الحَزَقُ؛ وفي الحديث: لا رَأْي لحازِقٍ؛ الحازِقُ الذي ضاقَ عليه خُفُّه فَحَزَقَ رجله أي عَصَرها وضَغَطَها، وهو فاعل بمعنى مفعول، كما أسلفنا.
ومن هنا جاءت تسمية الرجل القصير بالحُزقّة، لأنه قد تضامَّ على بعضه وكأنَّه قد ضُغِط. وقيل للجماعة حِزْقةٌ لانضمام بعضهم إلى بعض.
قال في القاموس: الحُزُقُّ القصيرُ الذي يقارِب الخَطْوَ. قال الشاعر:
 تَفَكَّر آ إيَّاهُ يَعْنونَ أمْ قِـرْدا ***  حُزُقٌّ إذا ما القَوْمُ أَبْدَوا فُكاهةً
والحُزُقَّةُ أيضاً مثله.
ورجل حُزُقٌّ وحَزُقٌّ وحُزُقٌّ وحُزُقَّة: قصير يقارِب الخَطْو كما أسلفنا آنفا ً؛ قال امرؤ القيس:
 وأعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّةِ خالِدٍ، ***كمَشْيِ أتانٍ حُلِّئتْ بالمَناهِلِ
 وفي كلام العرب (في بعض حالات الرقى): حُزُقَّةٌ حُزُقّهْ، ترَقَّ عينَ بَقّهْ؛ ترَقَّ أي ارْقَ من قولك رَقِيتُ في الدَّرجة.
بل جاء في الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يُرقِّص الحسن أو الحسين ويقول: "حُزقة حزقه، ترَقَّ عين بقه"؛ الحزقة: الضعيف الذي يقارب خَطوه من ضَعف فكان يَرْقى حتى يضَع قدميه على صدر النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن الأثير: ذكرها له على سبيل المُداعَبة والتأْنيس له، وترقَّ: بمعنى اصْعَد، وعين بقة: كناية عن صغر العين، واعرابيّـــــا ً:
حزقةٌ: مرفوع على خبر مبتدإ محذوف تقديره أنت حزقة،
وحزقة الثاني: كذلك، أو أنه خبر مكرّر ويعرب للتأكيد.
ومن لم ينوّن حزقة أراد يا حزقة، فحذف حرف النداء، وهو في الشذوذ كقولهم: أطْرِقْ كرا لأن حرف النداء إنما يحذف من العَلم المضموم أو المضاف، وقيل: الحُزُقّة القصير الضخْمُ البطنِ، وفي البادية يقال للرجل سريع الغضب الشديد الضيِّق "حُـزُقّـا ً"، ويقال للرجل إذا تجشّــأ حَـزَّق.
وهو تعبير عن حالة الضعف في جهازه الهضمي ووقوع المري تحت ضغط الهواء المندفع من غازات المعدة. فتعبير الحورانيين والفلسطينيين وأهل البادية " حزَّق" تعبير سليم فصيح وكذلك تسمية الحالة بالحزّوقة.
فالحزق لغة له طيف جذوري واسع يبدأ بالضغط على القدم بسبب ضيق الحذاء، ويشمل الرجل المتضامّ القصير وضيّق الخلق المتضايق، ويضم أيضا من لزمته حالة التجشؤ وضغطت على جهازه التنفسي والهضمي.
------------------ مفردات:
الفحل: يقصد به البعير.
الثَّيل والثِّيل والثول: وِعاء قَضِيب البعير والتَّيْس والثَّور، وقيل: هو القضيب نفسه، وقد يقال في الإِنسان، وأَصله في البعير.
الحَقْوُ والحِقْوُ: الكَشْحُ، وقيل: مَعْقِدُ الإزار، والجمع أَحْقٍ وأَحْقاء وحِقِيٌّ وحِقاء، وفي الصحاح: الحِقْو الخَصْرُ ومَشَدُّ الإزار من الجَنْب. يقال: أَخذت بحَقْوِ فلان.
تفاجَّ يبول: باعد ما بين رجليه ليبول.