الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

العنف الزوجي

  • 1/2
  • 2/2

الدكتورة : امانى عبدالفتاح - مصر - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

سابدأ هذا المقال بحديث الرسول صلى الله عليه و سلم الذى انهيت به مقالى الأول عن العنف الزوجى و هو " رفقا بالقوارير " فما هو المقصود بالرفق ؟  فمادة الرفق فى اللغة تضمر المعانى التالية : اللطف  و اللين و السهولة فيجب عليك ايها الزوج ان تعامل المراة بالرفق فى كل شىء فى الكلمة و فى النظرة و فى اللمسة و فى الحركة و حتى فى اللوم عليها و عتابها و ذلك لما يتناسب مع طبيعة المراة من رقة و جمال و لذلك وصفها رسولنا الكريم بالقوارير اى الزجاج الرقيق  الذى يسهل كسره و اردت ان ابدا مقالى بهذه الصورة البديعة حتى اقارنها بما يحدث فى واقعنا ومجتمعنا ليس فقط المصرى ولكن العربى ايضا فماذا حدث للرجال ؟ فهذا السؤال يتردد كثيرا فى ذهنى كلما سمعت او شاهدث اثار الضرب المبرح و او ما يعرف فى الطب الشرعى بالعنف الجسدى على اجساد السيدات سواء كانت زوجات تم ايذائهن على يد ازواجهن اوحتى بنات تم ضربهن من ابائهن او اخوانهن و احب ان اؤكد كطبيبة ان العنف الجسدى لا يحدث عادة  منفردا و لكن يكون مصاحبا بعنف لفظى او حتى عنف جنسى فلم يكفى الرجال ان ينهالوا على زوجاتهم باسوأ الألفاظ  و الأهانات و الشتائم و التى لا تجرح الزوجة  فقط كانثى ولكن تجرحها فى المقام الأول كانسان يستحق ان يعيش بكبرياء و كرامة و حرية و التى يكفلها لنا جمييعا الدستور سواء كاناث  او كرجال على حد سواء و التى تكفلها لنا الأديان كلها ايضا فنحن متساوون فى الحقوق و الواجبات و لكل من الزوج و الزوجة دور فى الحياة الزوجية  لا يقل فى اهميته عن الأخر فمن اعطى الحق للرجل ان يهين المراة او ان يظلمها بل و يضربها و يترك على جسدها الرقيق اثار قسوته و ضعفه و لؤمه!  نعم لؤمه الم تسمعوا عن قول رسولنا الكريم "( ما اكرمهن الا كريم و ما اهانهن الا لئيم ) " فان الرفق بالزوجة و احترامها دليل على اكتمال رجولة الزوج و اهانتها دليل على ضعف الرجل و قلة حيلته و اذا بحثنا عن الأسباب التى يتشدق بها بعض الرجال ليبرروا ضرب الزوجات تجدها فى كثير من الأحيان اقتصادية فضيق ذات اليد قد تدفع بعض الرجال الى تفريغ غضبهم عن طريق اهانة زوجاتهم و اطفالهم بدلا من البحث عن طرق اخرى لكسب لقمة العيش و هى كثيرة اذا اراد الأنسان ان يكد و يتعب و يكسب مالا حلالا و لكن ضرب الزوجة المسكينة التى ترضى بالقليل و التى تقوم برعاية المنزل و الأطفال بالمال الذى يتركه لها مهما كان قليلا يحقق له بعض السعادة و الأحساس بالقوة كى يستطبع ان يتغلب على فشله و قله حيلته و هناك سبب اخر هام جدا و هو "الراعى الرسمى"  كما احب ان اطلق عليه بلغة الأعلام لكثير من الكوارث المجتمعية و انتشارالعنف فى المنازل و الشوارع وهو المخدرات فلا يخفى علينا جميعا ان المخدرات منتشرة بشكل مرعب فى جميع الأوساط المجتمعية فهى منتشرة بين الأغنياء و الفقراء و فى العشوائيات و لكن تختلف الأسباب للتعاطى من فئة الى اخرى و سوف نتطرق الى الحديث عن المخدرات فى مقال لاحق لانه يمثل قنبلة موقوتة اعتقد أنها للاسف الشديد انفجرت فى مجتمعنا و لكن ما يهمنى هنا هو علاقة المخدرات بالعنف الزوجى فالمخدرات تذهب العقل وتضر الجسم ضررا شديدا و  تجعل الأنسان غير قادر على التحكم فى مشاعره و تصرفاته و طبعا تكون الزوجة كالعادة  هى اول الضحايا و لكن هذا ايضا ليس مبررا فما الذى دفع الزوج منذ البداية الى التعاطى بل و قد يعرض زوجته لما هو اسوأ من العنف و هو ان تقوم بجلب المخدرات له حتى يشبع مزاجه و لا يصب غضبه عليها  و عندما تذهب المخدرات بعقله تماما و يصبح غير قادر على العمل يدفع زوجته الى العمل و ياخذ اموالها ليشترى بها المخدرات ليكون العنف مضاعفا و تدفع هى و اولادها ثمن استهتاره و عدم تحمله مسئولية الزواج  و قد يكون هناك سبب اخر و هو الأضطراب النفسى الذى قد يعانى منه الزوج و الذى يجعله غير مسئول عن تصرفاته و فى هذه الحالة يجب ان يخضع الزوج للعلاج النفسى و تبدأ الزوجة  حرب اقناعه و اقناع اهله و المحيطين به بحاجته الى الطب النفسى و هو ما يقابل فى كثير من الأحيان بالرفض و الأنكار لوصمة المرض النفسى فى مجتمعنا فيكون الخيار للزوجة اما ان تكمل حياتها و تتحمل المرض النفسى للزوج وماله من تبعات على نفسيتها و اطفالها و زواجها و اما ان تقرر الرحيل لكى تحاول الحفاظ على ما تبقى منها و على اطفالها و دائما يكون سؤالى الذى قد احتفظ به لنفسى و قد اتجرأ و اسأله للزوجة الضحية اذا طلبت رأيى كزميلة او صديقة او حتى كطبيبة لماذا تتحملين كل هذه الأهانة النفسية و الجسدية ؟ لماذا لا تتركى هذا الرجل الذى يتعمد ايذائك بكل الطرق ؟  و تختلف بالطبع الأجابات بحسب ثقافة و تعليم  كل سيدة فلكل منها مبرراتها و لكن تبقى اجابتين هما الأكثر شيوعا  الأولى هى ان الزوجة تتحمل  كل هذا الذل من اجل الحفاظ على ابنائها و بيتها و اتساءل اى اطفال نربيهم و نخرجهم اللى المجتمع بعد ما شاهدوا كل هذا العنف ؟و  الأجابة الأخرى و هى الأكثر شيوعا فى الطبقة الأقل تعليما و ثقافة و هى الحقيقة المرة التى دائما ما اواجهها فى عملى و هى انها تتحمل كل هذا العنف  لانها لا تجد ماوى تلجأ اليه و غالبا الزوجة فى هذه الطبقة تكون صغيرة السن و  غير متعلمة او متعلمة تعليما متواضعا لا يؤهلها لاى عمل و تكون من اسرة فقيرة قامت بتزويجها مبكرا كى تتخلص من اعبائها فاذا لجأت اليهم شاكية من زوجها و قسوته و طلبت منهم الدعم و الحماية اعادوها اليه فتصبح مكسورة تماما بين عائلة فقيرة لا تملك قوت يومها و زوج قاس يشعر بضعفها فيستغله ويزيد فى عنفه و جبروته و الأن ايها السادة الكرام هل اتضحت لكم الصورة بين ما بدأت به المقال من رقة و عطف و حب و بين ما نهيت به مقالى عن واقعنا المرير و مايحدث فيه من اهدار لكرامة المراة و العنف الممارس ضدها و لكن دائما هناك امل فى ان تنصلح الأحوال و تتحسن العلاقات الزوجية و تصبح المراة أكثر وعيا بحقوقها و اولها التعليم و اخرها الحق فى حياة زوجية كريمة غير مهينة و لنا لقاء فى مقالات اخرى عن العنف الزوجى ان شاء الله.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى