مدينة، لا نظير لها في العالم، تتعرض للمصادرة ،والاحتكار ، وطرد ساكنيها، وهدم بيوتهم، وحرمانهم من العبادة فيها، على الرغم من أنها مدينة السلام، والوئام، مدينة الأديان السماوية الثلاثة، لا توجد مدينة في العالم، تشبهها في جرعات العنصرية العالية!
عواصم الدول، ومدنه الكبرى تستقدم الأجناس من الخارج، وتدمجهم في نسيجها الاجتماعي لتحسين الحياة، إلا هي، هذه المدينة المنكوبة تحيط بيوت عرقها (النقي)! بالأسلاك، والجدران، والحواجز العسكرية، تطارد الآخرين ممن لا يلبسون لباسها العنصري، تصادر بيوتهم، تطردهم، بحجة أنهم غرباءُ، لا ينتمون إلى نسلها الأول المزعوم!
خلال خمسة عشر يوما فقط، قررتْ حكومة إسرائيل تعزيز الجينات العنصرية لهذه المدينة، فقد دعم رئيسُ الوزراء، نتنياهو، يوم 26-7-2017 مشروعا لتوسيع بلدية القدس، فقط لأبناء الدين اليهودي، وذلك بضم المسروقات التالية إلى بلديتها، لأنهم ينتمون إلى العِرق العنصري الواحد، كتلة غوش عتصيون، معالية أدوميم، بيتار عيليت، غفعات زئيف، إفرات.
وفي الوقت نفسه صادقت الكنيست على قانون عنصري ينصُّ على استبعاد، كل الجينات غير اليهودية من بلديتها، وعلى رأس تلك الجينات، ساكنو مخيم شعفاط، وكفر عقب، وعناتا، لهدف إقصاء 140 ألف فلسطيني من حدود هذه البلدية العنصرية!
وفي التاريخ نفسه قدم عضو الكنيست، يوئيل حسون مشروع قانون، يهدف لتعزيز عنصرية القدس، اسمه(إنقاذ القدس) يرمِي القانون إلى تطهير المدينة من ساكنيها الأصليين، من العيسوية، جبل المكبر، بيت حنينا، شعفاط، صور باهر، وإلحاقهم بالسلطة الفلسطينية ماليا وإداريا، وإبقائهم في أسر الاحتلال أمنيا، للتخلص من ثلاثمائة ألف فلسطيني، لا يحملون الجينات اليهودية!!
أثارتْ صحف إسرائيل الرعبَ في نفوس الإسرائيليين، عندما أوردتْ إحصاءً يقول:
"كانت نسبةُ الفلسطينيين (العرب) في القدس عام 1967 حوالي 26% من سكانها، أما اليوم فنسبتهم تصل إلى 40% ، يا ساكني القدس العنصريين، طاردوهم، رحِّلوهم، تخلصوا منهم."
إذن، لا مفر من سحب الهويات، ومصادرة الأملاك، والعزل بالجدران والأسلاك، وإغلاق مقرات العبادة، والمطاردة في الشوارع بواسطة عصابات دفع فاتورة الثمن الإسرائيلية، وإعدام كل مَن يُشتبه في عرقه، والتنكيل بالشباب الفلسطينيين، وكل مَن يتحدث اللغة العربية!
ليست هناك مدينة في العالم أكثر عنصرية من مدينة السلام! ففيها تقطن أبشع جمعيةٍ في تاريخ العنصريات في العالم أجمع، جمعيةٍ اغتصبتْ معظم أراضي سلوان، أقامتْ حدائقها التوراتية، وتستعد لمصادرة آخر أحجار مدينة القدس، اسم الجمعية: عير داود، أي مدينة داود، جمعية تحظى بالرعاية الحكومية، تسعى في ألفيتنا الثالثة لجعل المدينة لأتباع داود فقط، وليخرج كل مَن لا ينتمي إلى هذا الدين، هذه الجمعية أسدلت الستار على اسمها الحقيقي، وأسمتْ نفسها جمعية( إلعاد).
للأسف، هذه المدينة العنصرية، التي لا تُشبهها مدينة في العالم، لم يتمكن أهلُها الفلسطينيون الأصليون من رصد هذه العنصرية الفاقعة، وتسويقها إلى العالم، لأننا مغرمون بتقاليدنا المعتادة، تسويق عدد الشهداء والمعتقلين، وعدد مداهمات المتطرفين للأقصى، وتصريحات السياسيين المجانين فقط.
أما رصدُنا الإعلامي لوقائع العنصرية الرسمية الحكومية، وممارسات جمعيات العنصريات في القدس، أقلَّ بكثير مما يجب أن يكون.
كذلك لم نفلح في إظهار صورة الفلسطيني، صاحب الأرض، وهو يناضل بالنيابة عن الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام، المسيحية، اليهودية، في مواجهة نظام العنصرية والأبارتهايد.
ولم نفلح حتى اليوم في إبراز صورة شعبنا الفلسطيني الحضاري كآخر شعبٍ مُحارب من أجل الحرية، ضد عنصرية المُدن، وضد إرهاب المتطرفين الحارديم!