الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

تحكم الآباء في رغبات الأبناء الدراسية يجبرهم على التمرد

  • 1/2
  • 2/2

" وكالة أخبار المرأة "

بمجرد ظهور نتيجة المرحلة الثانوية يبدأ الطلاب في تحديد رغباتهم والجامعات التي يرغبون في الالتحاق بها، كلّ بحسب مجموع درجاته الذي حصل عليه. لكن التدخل المفرط للوالدين للإشراف على التخطيط لمستقبل الابن أو الابنة قد يتحول إلى تعنّت وسيطرة سلبية، حيث يجلس الآباء والأمهات بدلا من أبنائهم لملء استمارة الرغبات وتحديد الكليات ظنا منهم أنهم أكثر خبرة وعلى دراية بمتطلبات سوق العمل، وهم لا يشعرون أن هذا تدخل منهم في الحياة الشخصية لأبنائهم ومصادرة لمستقبلهم وحقهم فيه.
وكشفت إحصائية أجريت في الوطن العربي، أن أكثر من 10 بالمئة من الآباء يتدخلون في اختيار الرغبات الدراسية للأبناء لرغبة الأب في توريث مهنته لابنه، أو الرغبة في أن يمتهن الابن عملا معيّنا تراه الأسرة أفضل بالنسبة إليه من الذي يريده هو، لتأمين مستقبله هذا بالنسبة إلى الأبناء الذكور. أما بالنسبة للإناث فوجدت الإحصائية أن أكثر من 40 بالمئة منهن يخضعن لتدخل الأسرة في اختيار رغباتهن نظرا للظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تحكم المجتمع.
وأكد الباحثون أن عملية اختيار الطالب للتخصص الذي يريد الالتحاق به والاختصاص الجامعي من العوامل التي تؤثر على شخصيته سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو الدراسي والتعليمي.
وعن أبرز الأسباب التي تدفع الآباء والأمهات للتدخل في اختيارات ورغبات أبنائهم الدراسية، يقول محمد عبدالعزيز، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة المنيا في مصر، إن للأهل دورا كبيرا في تشكيل مستقبل أبنائهم ورغبتهم في اختيار الأفضل بالنسبة إليهم، وشغفهم لرؤيتهم أفضل منهم وفي أعلى المناصب العلمية، لذلك نجد أن هناك الكثير من الآباء والأمهات يتدخلون في تحديد التخصّص الذي سيلتحق به ابنهم دون النظر إلى ما كان هذا التخصص سيتناسب مع قدراته العقلية وميوله العلمية والنفسية وأحلامه وطموحه أم لا؟
وأضاف قائلا “تنطوي كل أحلامهم حول التحاق ابنهم بإحدى كليات القمة المتمثلة في الطب والهندسة والعلوم السياسية، لكي يتباهى الأب بابنه أمام الآخرين ويشبع غروره الداخلي من خلال تفوق ابنه على أبناء أقاربه وزملائه، وقد يكون ذلك نتيجة تجربة سيئة مر بها أحد الوالدين ولا يريد أن تتكرر مع ابنه، لكن في النهاية يكون الابن هو ضحية إرضاء أهله”.
وأشار عبدالعزيز إلى أن تحديد الآباء لمصير الأبناء يؤثر على نفسيتهم ويجعلهم يقعون في حيرة من أمرهم، فيصبحون مشتتين بين تلبية رغبات الأهل وميولاتهم الشخصية وما يناسب سوق العمل، وهو ما يؤدي إلى فشل الكثير منهم في مسيرته الدراسية نتيجة إجباره على الالتحاق بتخصص لم يكن مناسبا له منذ البداية والخضوع لرغبات الآباء.
وقال عبدالعزيز “في بعض الأحيان يحقق الطالب التفوق في الكلية التي اختيرت له من قبل الأهل، لكنه بعد التخرج يلتحق بمهنة أخرى مخالفة لما درسه في تلك الكلية ولتخصصه، لكي يُرضي ذاته ورغبته في تحقيق حلمه، وفي نفس الوقت لم يخالف رأي والديه”.
ونبّه إلى أن سيطرة الوالدين على حياة أبنائهم تُنتج شخصا عديم الثقة في النفس ومحبطا، لا يستطيع حتى اتخاذ قرار في حياته دون الرجوع إليهما، فاقد الرضا عن الذات ومضطرب الهوية نتيجة لقمع حريته وحدوث شرخ في شخصيته.
وأكد أن تمسك الأهل برأيهم بشكل قهري وسلطوي يجعل الابن في تشتت نفسي قد يجعله عاجزا عن اختيار الطريق الأفضل بالنسبة إليه، ويضعف قدرته على النجاح وتحقيق أهدافه في الحياة.
ومن جانبها توضح سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس في مصر، أن تدخل الآباء لفرض مستقبل بعينه على الأبناء، من شأنه أن يعلم الابن التبعية والاعتماد على الآخرين في كل شيء ويفقده الكثير من مقومات شخصيته بما في ذلك قدرته على اتخاذ القرارات، كذلك قد يعود الأمر بالسلب على مستقبله الدراسي والعلمي ليفشل في النهاية بالدراسة.
وبيّنت أن الابن يشعر بالقهر النفسي والاجتماعي عندما يقبل بالالتحاق بالكلية التي اختارها الأهل وبعد أن يتخرج ويحتك بسوق العمل يكتشف أنه غير قادر على مواجهة هذا العمل والتكيّف معه، وهو ما يجعله شخصا محبطا غير قادر على تحقيق ذاته ويتحطم مستقبله لمجرد انصياعه وراء رغبات الأهل. وأكدت أن مشاعر الظلم والقهر التي يتعرض لها الأبناء من المحيط القريب تكون أكثر صعوبة وألما، فلن ينسوا أبدا أن الأهل هم سبب فشلهم.
ولفتت خضر، إلى تأثير ثقافة المجتمع على تدخل الأهل المتسلط في تحديد اتجاهات أبنائهم الدراسية، فثقافة المجتمع التي تعطي مكانة خاصة لخريجي ما يعرف بكليات القمة، جعلت الأهل يبذلون كل ما في وسعهم لإلحاق أبنائهم بهذه الكليات، مهما كانت التكلفة سواء مادية أو معنوية أو نفسية.
وأوضحت أن ثقافة القطيع والتقليد الأعمى والرغبة في الوصول إلى مظهر اجتماعي مناسب في إطار من الأنانية الأبوية، كلها عوامل يكون ضحيتها الأبناء ومستقبلهم النفسي والعلمي، وللأسف هذه السلوكيات الأبوية لا تقتصر على فئة أو مستوى اجتماعي معيّن، وإنما تسود في كل طبقات وفئات المجتمع كإحدى الثقافات التي ترسّخت في المجتمع والتي لا يستطيع التخلي عنها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى