أنحدر من عائلة تتكون من ثلاثة أشقاء، وأنا الابنة الوسطى بين شقيقين، يبلغ الفارق بيني وبين أخي الأكبر 13 شهراً فقط؛ لذا قد يفترض أي شخص أننا قريبان بطبيعة الحال، لكننا لسنا كذلك، بل لسنا كذلك على الإطلاق، فقد كنت أقرب إلى أخي الأصغر الذي يصغرني بخمسة أعوام؛ إذ نتحدث عبر الرسائل النصية كل يوم تقريباً، حتى إنني قريبة للغاية من زوجته.
لسبب أو لآخر، لا يحدث هذا مع أخي الأكبر، إننا في الوقت الحالي "ننسجم"؛ لأننا نعمل سوياً من أجل الاطمئنان على أن والدنا، الذي أفادت التشخيصات مؤخراً بأنه يعاني من الخرف الوعائي، يحظى بأفضل رعاية ممكنة، لا يجري رأب الصدع في علاقتي مع أخي كثيراً لأن هذا الصدع يُنسى.
وكنت دوماً أتساءل: لماذا لم "تجبرنا" أمنا على الانسجام أفضل من ذلك، تنتابني هذه الفكرة الغربية بأنها كانت قادرة على القيام بشيء لنكون قريبين من بعضنا، ولتصلح الضرر الذي جلبناه لعلاقتنا مع أشقائنا منذ أن كنا صغاراً، إنني اعتقدت ذلك اعتقاداً راسخاً في الحقيقة إلى أن صارت بناتي بالغات وشهدت نفس القرب الذي أشاركه مع أخي الأصغر يحدث بين ابنتي الوسطى وابنتي الصغرى.
وعلى الرغم من أن الفارق الزمني بين ابنتي الكبرى والوسطى 23 شهراً فقط، فابنتي الوسطى والصغرى قريبتان للغاية ولا تفترقان، تتبادلان فيما بينهما النكتة تلو الأخرى وتتحدثان يومياً عبر فيس تايم عندما تجبرهما ظروف الحياة على الابتعاد عن بعضهما لآلاف الأميال.
وبطبيعة الحال هاتان الأختان مقربتان وحسب، فلديهما أشياء كثيرة مشتركة، ولديهما نفس الاهتمام في مشاهدة التلفاز، والأفلام، والكتب، والموسيقى، وهما ببساطة ترتبطان ببعضهما بشكل أفضل، والأمر هكذا نهائي ولن يتغير، لا يعني هذا أنهما لا تحبان أختهما الكبرى أو لا تحترمانها وتحرصان عليها، بل لأنهما فقط ارتبطا ببعضهما لسنوات عديدة.
وأنا باعتباري أُماً، أجد رؤية هذا دائماً مؤلماً، فقد كان لدي هذه الفكرة الرومانسية بأن ثلاثتهن في نهاية المطاف عندما يصرن بالغات سيكنّ متقاربات تماماً مثل الفرسان الثلاثة، كنت دائماً أتناول الفكرة داخل عقلي تناولاً رومانسياً بأن القرب سوف يأتي مع انتقالهن عبر تغيرات الحياة الكبيرة، مثل الزواج والإنجاب وبلوغهن سن الرشد.
غير أنه مع اقتراب زواج ابنتي الكبرى في أكتوبر/تشرين الأول القادم، فأنا حزينة لقول إن التحول الهائل في اتحادهن لا يزال لم يحدث بعد؛ إذ إن وقوفهما باعتبارهما صديقات العروس ليس بعد اللحظة في حياتهن التي ستجعل ثلاثتهن على قدم المساواة.
وباعتباري أُماً لم تشهد وحسب علاقات معقدة مع شقيقها منذ البداية، بل إنني شاهدت علاقة أخرى معقدة بين بناتي، فأنا أعرف الآن أن الآباء ليس بيدهم أي شيء ليفعلوه كي "يجبروا" على وجود علاقات بين أبنائهم.
إنني أجد الراحة في أن أعرف، بدون أدنى شك، أن بناتي الثلاث يحمين ظهور بعضهن في كل المواقف، ولا يوجد أي شخص من الخارج قادر على أن يكسر قلوبهن، أو ألا يحترمهن، أو يعاملهن معاملة غير عادلة بدون أن تقفز إحداهن لتدافع عن الأخرى، إنهن يبدون مثل القبيلة عندما يتعلق الأمر بشيء كهذا، إنني أعرف هذا لأنني شهدتهن يدافعن عن بعضهن خلال أوقات الأزمات أو المضايقات، وهذا شيء هام.
وفي النهاية، تعتبر علاقة الأخوّة مثل أي علاقة على وجه الأرض، فالحقيقة البسيطة للغاية هي أن كل واحد منا سوف ينجذب نحو أن يحظى بعلاقة قريبة من شخص ما، وربما لن يكون الأمر كذلك مع شخص آخر، بغض النظر عما إذا كان هناك رابط دم يربطهما أو لا.
وما أقترب من التعايش معه هو أنه ليس التقارب المُتصوَّر الذي ينبغي علينا أن نطمح إليه، بل ما يهم هو الحب العميق والحقيقي والرابط بين العائلة.
قد ينتهي الحال بالأشقاء بألا يكونوا أفضل أصدقاء، ولكني شخصياً شديدة الامتنان أن بناتي وجدن وحدة الدعم مع بعضهن.