أكدت رانيا هاشم، أن حملتها “زوِّجى زوجك”التي أطلقتها مؤخرا، من أجل القضاء على العنوسة، لاقت إقبالا إلى حد ما من جمهور النساء اللاتي وافقن على زواج أزواجهن من نساء أخريات وهم في طريقهم إلى تنفيذ ذلك.
وبسؤال رشا رفعت، ربة منزل، عن رأيها في تلك المبادرة أكدت أنها لا يمكن أن توافق على زواج زوجها بامرأة أخرى بهدف القضاء على العنوسة لأن ارتفاع نسبة العنوسة يرجع للكثير من الأسباب وليس فقط عدم رغبة الشباب في الزواج، فهناك أسباب متعلقة بالفتاة أيضا.
وأشارت إلى أن المرأة التي توافق على زواج زوجها من أخرى تكون مجردة من المشاعر والأحاسيس فاقدة لعنصر الغيرة، لأنه لا توجد امرأة على وجه الأرض توافق على مشاركة زوجها مع أخرى لأي سبب كان.
ومن وجهة نظر ياسر هشام، محاسب بأحد اللبنوك ومتزوج، أن حملة “زوِّجي زوجك” مبادرة نسائية فعالة تساهم في تقليل نسبة العنوسة من خلال التعدد، مشيرا إلى أن قمة مشاعر الإنسانية والرقي أن ترتضي الزوجة بأن يتزوج زوجها من أخرى بهدف إنقاذ الفتيات من العنوسة.
من جانبها تشير الدكتورة زينب المهدي استشاري الصحة النفسية، إلى أن تركيبة المرأة النفسية والسيكولوجية ترفض مشاركة امرأة أخرى في زوجها بسبب الغيرة، فهناك الكثير من السيدات اللاتي يغرن على أزواجهن من أمهاتهم وأخواتهم فكيف يمكنها أن توافق على زواجه من أخرى بهدف القضاء على العنوسة، فهي ترغب في أن يكون زوجها ملكا لها فقط ولا شك أنه يحق للزوج الزواج من أربع نساء، لكن غيرة المرأة التي فطرها الله بها تحول دون ذلك، لأنها لا تستطيع التحكم بمشاعرها كذلك عدم ثقتها بعدل زوجها في المعاملة بينها وبين زوجته الأخرى، فالزوجة تفضل الطلاق على أن يتزوج زوجها من أخرى فأكثر من 80 بالمئة من النساء لا يوافقن على التعدد.. مشيرة إلى وجود دور يقع على الإعلام في جعل المرأة تتشبث برأيها وترفض زواج زوجها من أخرى بسبب الصورة المظلمة التي يطرحها من زواج الرجل من اثنتين فتبدأ المرأة في النظر إلى النماذج السيئة على الرغم من أن هناك نماذج ناجحة بتعدد الزوجات، ولا يمكن أن نغفل نظرة المجتمع إلى المرأة التي تزوج عليها زوجها وهي نظرة بها نقص وتقليل من شأنها لأنها لم تستطع المحافظة على زوجها وأن تقصيرها هو سبب زواج زوجها عليها.
وتضيف الدكتورة زينب قائلة “موافقة المرأة على زواج زوجها من أخرى لا شك أنه يؤثر على نفسيتها ويشعرها بالإحباط والاكتئاب وتشعر أن زوجها لم يعد يحبها وأن كل ما قدمته لم يقابل سوى بالنكران، وتصاب بحالة من الشعور بالنقص وتؤثر عليها نفسياً بشكل كبير حيث تشعر بأنها فقدت حبه وأصبحت هناك أخرى تشاركها فيه، وكذلك الوضع بالنسبة للزوجة الثانية التي قد تكون غير مناسبة للرجل.
وأكدت أن التعدد ليس الحل المناسب للقضاء على شبح العنوسة بل أنه يزيد عدد المطلقات لعدم الاختيار الصحيح أو الاستعجال في اتخاذ قرار الزواج، لافتة إلى أن النساء اللاتي يوافقن على زواج أزواجهن من أخريات من باب الرحمة والتعاطف مع الفتيات الأخريات للقضاء على شبح العنوسة وأن تحول غيرتها إلى شيء إيجابي ومثالي، هن قليلات لا يتعدى عددهن أصابع اليد.
وعن إمكانية تقبل المجتمع وترحيبه بتلك المبادرة، توضح الدكتورة نسرين بغدادي أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس المصرية، أنه من الصعب تحديد مدى تقبل المجتمعات الشرقية لمضمون حملة “زوِّجي زوجك” للقضاء على شبح العنوسة فهناك من يوافق على هذه الفكرة وهناك من يرفضها بشكل كلي. فالمجتمع عادة ما ينظر إلى الزوجة الثانية على أنها خاطفة للرجال وجاءت من أجل أن تفسد الحياة الزوجية وتؤدي إلى خراب المنزل وتفكك الأسرة فهذه هي النظرة السائدة عن الزوجة الثانية.
هذا بالإضافة إلى أن هناك الكثير من الفتيات اللاتي لا يوافقن أن تكن زوجة ثانية، حيث لا يقتصر الرفض على الزوجة الأولى فقط، مشيرة إلى أن القضاء على العنوسة يتطلب العديد من العوامل على رأسها توفير فرص عمل للشباب للإعانة على متطلبات الزواج، فلا توجد علاقة بين الموافقة على تعدد الزوجات والقضاء على العنوسة.
كما أنه من الناحية الاجتماعية يعتبر مشكلة وليس حلا لأزمة العنوسة، لأن التعدد سيؤدي إلى زيادة حالات الطلاق وتشرد الأطفال والتفكك الأسري، مؤكدة أن مشكلة العنوسة لا ترتبط بالتعدد لكنها ترتبط بأفكار وعادات وتقاليد المجتمع. وتلفت بغدادي إلى أن التعدد يمكن أن يستغله الرجال بشكل خاطئ من أجل إشباع غرائزهم ونزواتهم وليس كما شرع الله له، كما أنه سيزيد من المسؤوليات الملقاة على عاتق الرجل ويزيد الصراع بين الزوجات، فالأولى لا تريد أن يشاركها أحد في زوجها والثانية ترغب في الزواج للتخلص من العنوسة مما يفاقم المشكلة ولا يؤدي إلى حلها، فمشكلة العنوسة تحتاج إلى حلول جذرية تنهيها وليست حلولا وقتية تحد فقط من تفاقمها.
ومن جانبه يؤكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، عن رفضه التام لهذه الحملة التي تدعو إلى التعدد للقضاء على العنوسة، قائلا “مذهبا الإمامين أحمد بن حنبل والشافعي لا يستحبان للرجل التعدد وأن يزيد عن زوجة واحدة للحفاظ على كيان الأسرة من التشتت والدمار، موضحا أن الأصل هو عدم التعدد، وأن التعدد مرهون بوجود دوافع ضرورية وتحقيق العدالة بين الزوجات”.