الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

لا تغتصبني أو " ما تقيش حشوني"

  • 1/2
  • 2/2

الكاتب الصحفي: حسن بولهويشات - المغرب - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

     ما كادت الصحافة المغربية، الورقيّة والالكترونية، تترجّل عن ظهر خبر أتان سيدي قاسم والتي  تناوب عليها خمسة عشر قاصراً، تناوبوا على ممارسة الجنس معها وليس على ركوب ظهرها كما قد يبدو لقارئ من الشرق أو من بلاد  بعيدة .ما كادت هذه الفضيحة تخبو في الاعلام الوطني حتّى ظهرت فضيحة أخرى تقاسم بطولتها هذه المرّة ثلاثة شبّان تناوبوا على اغتصاب فتاة في حافلة بالدار البيضاء، ووثقوا الاغتصاب بالفيديو كما لو أنّهم يأخذون صورة تذكارية جنبَ مسجد الحسن الثاني. وقدر الشباب هذه الأيام أن يتناوبوا على الفضيحة وعلى رفع راية البلد عالياً في محافل الانحطاط الاجتماعي والسوقيّة التي ليس بعدها سوقٌ ولا سوبر ماركت.
      واذا كانت أتان شراردة الغرب ( لنقل "حمارة" حتّى يصل الكلام من القلب إلى القلب) قد كتمت غيضها واحتجّت بأذنيها الطويلتين بدل لسانها الجامد. وربما لم تأبه بالمرّة بقطع لحمٍ صغيرة انغرست تحت ذيلها هي التي اعتادت أن ترمي بشباكها في أعالي البحار وتتحمّل مع السيّد الحمار تفاصيل علاقة عاطفيّة أساسها الوفاء والألم. اذا كانت هذه الحمارة، التي دخلت العالمية من أبوابها الخلفيّة بعدما أن كانت مجرّد أربعة أرجل تتحرّك صوب السوق الأسبوعي وتعود منه محمّلة بأغراض صاحبها، قد كشفت عن واقع البادية الحزين وعن بعض شبابها الشياطين الذين يمطّطون أعضاءهم التناسلية في أنفاق مظلمة لحيوانات أليفة دون أن يدفعوا لها شيئاً، كومة تبن أو حفنة شعير على الأقل، فماذا يمكن أن نقول أمام فيديو تظهر فيه فتاة غلبانة تقاوم وحوشاً يجرّدونها من حمّالة الصدر وتعيد هي الحمّالة فوق مشمشها بيدٍ فاشلة. تندفع هي بجسدها النصف العاري إلى الأمام محاولةً الانفلات من قبضات غادرة، وتعيدها قبضات الوحوش إلى محيطهم. يا للتقزّز ! وكيف يستقيم الكلام أمام بشاعة القرن الحادي والعشرين؟ بل كيف استقام العضو التناسلي لهؤلاء وهم يحاصرون فتاة مريضة على مقبض حافلة في الوقت الذي يستعين كثيرون بالأطباء وبحبّات الكاكاو وبالأضواء الخافتة في سبيل أن تستقيم النيّة ويحظوا بولدٍ واحد يكبر ويصير مواطناً صالحاً. انها المفارقة الصادمة.. 
       واقعة اغتصاب فتاة الدارالبيضاء، أعتبرها فرصة لا تعوّض لنساء وبنات بلادي كي يخرجن للتظاهر في الشارع تحت يافطة " ما تقيش حشوني"، أو على الأصح " ماتقيش ترمتي" مادام الجميع ينظر إلى مؤخرة المرأة ويزن حجمها بعينيه ويمرّر لسانه الجافّ على شفتيه أكثر مما ينظر إلى شيء آخر في جسدها أو يزن أفكارها بالأسئلة. مظاهرة أريدها حاشدة ومدعومة بالصحافة أقلاماً ومصوّرين، وأن تتوجّ المظاهرة بحرق أعضاء ذكورية كثيرة، بلاستيكية طبعاً، ويشربن شيئاً نخب انتصار معنوي على الأقل نريده أن يتحوّل إلى انتصار حقيقي تتبدّى ملامحه في الحياة العامة، في الادارات والمؤسّسات التعليميّة وعلى شواطئ البحار وفي حافلات البؤس الاجتماعي.
       مثل هذه المبادرة، ومبادرات أخرى ننتظرها، هي الوسيلة الوحيدة لردع وحوش آدميّة تفسد كلّ شئ بمجرّد ما تملأ بطونها بالبطاطس وتتكوّن نقطة مني صفراء أسفل السرّة. النقطة التي تصعد إلى الرأس بالمصعد الكهربائي وتتحوّل إلى كلاشينكوف حقيقي مستعدّ أن يودي بأرواح عائلة بأكملها، وبدمٍ بارد وبلا رحمة. ودون أن  يبلّغ عن الوفاة كأيّ جلف.
     وعلى ذكر علاقة البطاطس بنقطة المني المسمومة، أريد أن أعود إلى الوراء وإلى قرية جنوبيّة، حيث كانت امرأة فاضلة وثريّة تأتي لنا،أنا وزميل العمل، بين الفينة والأخرى  بما لذّ وطاب، نأكل نحن وتنتظر هي تحت شجرة إلى أن تُفرغ الصحون. وذات مرّة كنت متغيّباً وجاءت العجوز بالمائدة إلى زميلي الذي أكل ومسح فمه الحقير، ثم أخذ يرتمي على جسدها ويقبّل منديلها مثل قيس بن الملوح دون أن يتمكّن من خالتي رابحة التي خمشت الزمل في وجهه، وأرسلت له الأحفاد ليلقنوا له درس النشاط العلمي. من حسنات الأثرياء أنهم لا يكتمون المذلّة.
    نعم، البارحة تناوبنا على ممارسة الجنس مع حمارة في خلاء قرية، واليوم تناوبنا على اغتصاب فتاة مريضة في حافلة عموميّة تحت شمسٍ ساطعة، ولن نستغربَ غداً اذا ما سمعنا بمن يخرج امرأة من قبرها ويقضي معها سهرة نهاية الأسبوع تحت النجوم، ويُدخّن سيجارة ويشرب كأساً بين عمليّة جنسية وأخرى. وهكذا سنتفهم في الأسبوع المقبل ارتفاع تخوّفات المواطنين على ذويهم الموتى في فايس بوك وتويتر حدّ أنّنا سنسمع بمن دفن أمّه في حديقة البيت وبمن طمر زوجته الغالية في سطيحة البيت. ولجوء من لا سطيحة ولا حديقة له إلى الحيلة وتزوير شاهدة القبر كأن يكتب على رأس أمّه أو أخته الميّتة : "هذا قبر فلان بن فلان". يعني أنا مثلك أيها الوغد، أتركني أنام في هدوء. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى