من المزايــا الجماليّــة في جسد المرأة ، العجيزة .
وهي من الجذر الثلاثي (ع ج ز) ، ومنه قول الشاعر في وصف محبوبتــه :
هيفاء مقبلةٌ عجزاء مدبــــرةٌ *** لا يُشتكـى طوَلٌ منها ولا قصـــر
ويروى البيت بصيغةٍ أخرى :
هيفاء مقبلةٌ عجزاء مدبــــرةٌ *** تَمَّتْ، فليس يُرَى في خَلْقِهــا أَوَدُ
وكلما ضخمت عجيزتها جاز لها أن تتباهى بين أترابها وتزهو .
وكانت المرأة تُعاب إذا لم تكن لها عجيزة ، لذلك كنَّ يلجأن إلى وسائل تجميلية وهي العجيــزة الصناعيّــة ، والعِجازَة والإِعْجازَة: ما تُعَظِّم به المرأَةُ عَجِيزَتَها، وهي شيء شبيه بالوسادة تشده المرأَة على عَجُزِها لِتُحْسَبَ أَنها عَجْـــــــزاءُ ،
والعَجْزُ في لغة الجذور : نقيض الحَزْم، عَجَز عن الأَمر يَعْجِزُ وعَجِزَ عَجْزاً فيهما؛ ورجل عَجِزٌ وعَجُزٌ: عاجِزٌ.
ومَرَةٌ عاجِزٌ: عاجِزَةٌ عن الشيء؛ عن ابن الأَعرابي.
وعَجَّز فلانٌ رَأْيَ فلان إِذا نسبه إِلى خلاف الحَزْم كأَنه نسبه إِلى العَجْز.
ويقال: أَعْجَزْتُ فلاناً إِذا أَلفَيْتَه عاجِزاً.
والمَعْجِزَةُ والمَعْجَزَة: العَجْزُ. قال سيبويه: هو المَعْجِزُ والمَعْجَزُ، بالكسر على النادر والفتح على القياس لأَنه مصدر.
والعَجْزُ: الضعف، تقول: عَجَزْتُ عن كذا أَعْجِز.
وفحل عَجِيزٌ: عاجز عن الضِّراب كعَجِيسٍ؛ قال ابن دُرَيْد: فحل عَجِيزٌ وعَجِيسٌ إِذا عَجَز عن الضِّراب؛ (قلنا : ولا يقال عجيص على قاعدة تعاور حروف الصفير ، باعتبار استحالة اجتماع الجيم مع الصاد في لغة الجذور لنواحٍ جمالية )
وقال الأَزهري وقال أَبو عبيد في باب العِنّين: هو العَجِيز، بالراء، الذي لا يأْتي النساء؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصحيح، وقال الجوهري: العَجِيز الذي لا يأْتي النساء، بالزاي والراء جميعاً. وهو ما نعرفه ( أي بالراء والزاي معا) .
والتَّعْجِيزُ: التَّثْبِيط، وكذلك إِذا نسبته إِلى العَجْز .
وقوله تعالى في سورة سبأ: ((والذين سَعَوْا في آياتنا مُعاجِزِين ))؛ قال الزجاج: معناه ظانِّين أَنهم يُعْجِزُوننا لأَنهم ظنوا أَنهم لا يُبعثون وأَنه لا جنة ولا نار، وقيل في التفسير: مُعاجزين معاندين وهو راجع إِلى الأَوّل، وقرئت مُعَجِّزين، وتأْويلها أَنهم يُعَجِّزُون من اتبع النبي، صلى الله عليه وسلم، ويُثَبِّطُونهم عنه وعن الإِيمان بالآيات وقد أَعْجَزهم.
وفي التنزيل العزيز أيضــاً: ((وما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا في السماء))؛ قال الفـرّاء: يقول القائل كيف وصفهم بأَنهم لا يُعْجِزُونَ في الأَرض ولا في السماء وليسوا في أَهل السماء؟ فالمعنى ما أَنتم بمُعْجِزِينَ في الأَرض ولا من في السماء بمُعْجِزٍ، وقال أَبو إِسحق: معناه، والله أَعلم، ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا لو كنتم في السماء، وقال الأَخفش: معناه ما أَنتم بمُعْجِزِين في الأَرض ولا في السماء أَي لا تُعْجِزُوننا هَرَباً في الأَرض ولا في السماء، قال الأَزهري: وقول الفراء أَشهر في المعنى ولو كان قال: ولا أَنتم لو كنتم في السماء بمُعْجِزِينَ لكان جائزاً، ومعنى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ، يقال: أَعْجَزَني فلان أَي فاتني؛ ومنه قول الأَعشى: فَذاكَ ولم يُعْجِزْ من الموتِ رَبَّه، ولكن أَتاه الموتُ لا يَتَأَبَّقُ وقال الليث: أَعْجَزَني فلان إِذا عَجَزْتَ عن طلبه وإِدراكه.
وقال ابن عرفة في قوله تعالى مُعاجِزِينَ ، أَي يُعاجِزُون الأَنبياءَ وأَوليـــــاءَ الله أَي يقاتلونهم ويُمانِعُونهم ليُصَيِّروهم إِلى العَجْزِ عن أَمر الله، وليس يَعْجِـــــــزُ اللهَ، جل ثنــــــــــــاؤه، خَلْقٌ في السماء ولا في الأَرض ولا مَلْجَــأَ منه إِلا إِليـه؛ وقـــــال أَبو جُنْدب الهذلي:
جعلتُ عُزَانَ خَلْفَهُم دَلِيـــلاً، ***وفاتُوا في الحجازِ ليُعْجِزُوني
و(عزان) : اسم حصن ، أو اسم موضع معروف لدى الشاعر .
وبالعودة لمحورنا عن عجيزة المرأة في الجذور ، واهتمام العربية في شأنها الجمالي والتجميلي ، فمن لا عجيزة لها تُسمى الرسحاء .
قال صاحب التاج :" الرَّسَح محرَّكةً : قِلَّةُ لَحْمِ " الأَلْيتَيْنِ ولُصوقُها . رجُلٌ أَرْسحُ بيِّن الرَّسَحِ : قَليلُ لحْم " العَجُزِ والفَخِذيْن " . وامرأَةٌ رَسْحاءُ . وقد رَسِحَ رَسحاً . الأَرْسح : الذِّئْب . و " كلُّ ذِئْبٍ أَرْسحُ لخِفَّةِ وَرِكَيْهِ " . وقيل للسَّمْعِ الأَزلّ : أَرْسحُ . " والرَّسْحاءُ : القَبيحَةُ " من النِّساءِ وهي الزَّلاّءُ والمِزْلاَجُ . وإِنكارُ شَيْخِنا إِيّاه قُصورٌ ظاهر . " ج رُسْحٌ " بضمّ فسكون هكذا هو مضبوط في الصحاح . وفي الحديث : " لا تَسْتَرْضِعوا أَولادَكم الرُّسْحَ ولا العُمْشَ فإِنّ الَّلبنَ يُورِث الرَّسَحَ " ( رواه الديلمي) . وقيل لامرأَة : ما بالُنا نَراكُنَّ رُسْحاً ؟ فقالت : أَرْسَحَتْنا نـــــــارُ الزَّحْفَتَيْن . كذا في الصّحاح والأَساس . وفي شرْح شيخنا :
أَرْسَحَهنّ عرْفَجُ الهَبَاءِ .
وقال الجوهري في الصحاح ، مادة (ع ج ز) :العَجُزُ: موخَّر الشيء، يؤنَّث ويذكَّر.
وهو للرجل والمرأة جميعاً.
والجمع الأعجازُ.
والعَجيزَةُ، للمرأة خاصة. ، أي مؤخّرتهــا .
والعَجْزُ الضعف. تقول: عَجَزْتُ عن كذا أعْجِزُ بالكسر عَجْزاً ومَعْجِزَةً ومَعْجَزَةً ومَعْجِزاً ومَعْجَزاً بالفتح أيضاً على القياس.
وفي الحديث: "لا تَلِثُّوا بدارِ مَعْجَزَةٍ"، أي لا تقيموا ببلدة تَعجِزون فيها عن الاكتساب والتعيُّش.
وعَجَزَت المرأة تَعْجُزُ بالضم عجوزاً، أي صرت عَجوزاً.
وعَجِزَتْ بالكسر تَعْجَزُ عَجَزاً وعُجْزاً بالضم: عظمت عَجيزتُها. قال ثعلب: سمعت ابن الأعرابيّ يقول: لا يقال عَجِزَ الرجل بالكسر إلا إذا عَظم عَجُزُهُ.
وامرأةٌ عَجْزاءُ: عظيمة العَجُزِ. وعِظم مؤخرة المرأة صفة جمالية لدى المرأة كما أسلفنا ، كان يمتدحها الرجال وخاصة الشعراء ، وأظن أنَّ فلسفة الجمال عند القوم كانت تقوم على تفضيل السمينة المتينة عند العربي على النحيفة من النساء التي تبدو وكأنّها خارجــة من مجاعة ، وما يسمّى اليوم رشاقة وخاصة في انتقاء ملكات الجمال وعارضات الأزياء ، أرى أنه نوع من النخاسة الجديدة ، يجب محاربته بكل الوسائل وفي المحافل والمنتديات ، فالفتيات يرهقن أنفسهن بل ويُصبن بمرض الكساح وفقر الدم بسبب الامتناع عن الطعام والحمية القاسية (ما يسمى الريجيم) طلباً للرشاقة الكاذبــة ، وللوصول إلى المواصفات المطلوبة في فتاة عرض الأزيــاء ، وعلى المنظمات الدولية وجماعات حقوق الإنسان أن تتحرك لمنع هذا الاستهتار بأجساد فتياتنا الغافلات .
لقد استطاعت دور الأزياء أن تخلق رأيــاً عاما خاطئــا ومغلوطا ، يشجع على النحافة وفقر الدم ، ونجحت في خلق رأيٍ عام أحول يمجّد الرشاقة الزائفة ، ويسجن النساء في سجون الحِمية والامتناع القسري عن الطعام وتعذيب الجسد لتحقيق الغاية الفاسدة ، والتنكر للقيم الجمالية عند العربي ، وقوامها الميل إلى المرأة البدينة ، بل والثناء على المتينات صواحب العجائز الضخمة الجميلــــة،
واليكم الآن هذه اللوحة الجميلة عن محبوبة الشاعر الأعشى وتخيّلها معي:
وَدّعْ هُرَيْـرَةَ إنّ الرَّكْـبَ مرْتَحِـلُ*
وَهَلْ تُطِيقُ وَداعـاً أيّهَـا الرّجُـلُ ؟
غَـرَّاءُ فَرْعَـاءُ مَصْقُـولٌ عَوَارِضُـهَا
تَمشِي الهُوَينَا كَمَا يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
كَـأَنَّ مِشْيَتَـهَا مِنْ بَيْـتِ جَارَتِهَـا
مَرُّ السَّحَابَةِ ، لاَ رَيْـثٌ وَلاَ عَجَـلُ
تَسمَعُ للحَلِي وَسْوَاساً إِذَا انصَرَفَـتْ
كَمَا استَعَانَ برِيـحٍ عِشـرِقٌ زَجِـلُ
لَيستْ كَمَنْ يكرَهُ الجِيـرَانُ طَلعَتَـهَا
وَلاَ تَـرَاهَـا لسِـرِّ الجَـارِ تَخْتَتِـلُ
يَكَـادُ يَصرَعُهَـا ، لَـوْلاَ تَشَدُّدُهَـا
إِذَا تَقُـومُ إلـى جَارَاتِهَـا الكَسَـلُ
إِذَا تُعَالِـجُ قِـرْنـاً سَاعـةً فَتَـرَتْ
وَاهتَزَّ مِنهَا ذَنُـوبُ المَتـنِ وَالكَفَـلُ
مِلءُ الوِشَاحِ وَصِفْرُ الـدّرْعِ بَهكنَـةٌ
إِذَا تَأتّـى يَكَـادُ الخَصْـرُ يَنْخَـزِلُ
صَدَّتْ هُرَيْـرَةُ عَنَّـا مَـا تُكَلّمُنَـا
جَهْلاً بأُمّ خُلَيْدٍ حَبـلَ مَنْ تَصِـلُ ؟
أَأَنْ رَأَتْ رَجُلاً أَعْشَـى أَضَـرَّ بِـهِ
رَيبُ المَنُونِ ، وَدَهْـرٌ مفنِـدٌ خَبِـلُ
نِعمَ الضَّجِيعُ غَداةَ الدَّجـنِ يَصرَعهَـا
لِلَّـذَّةِ المَـرْءِ لاَ جَـافٍ وَلاَ تَفِـلُ
هِرْكَـوْلَـةٌ ، فُنُـقٌ ، دُرْمٌ مَرَافِقُـهَا
كَـأَنَّ أَخْمَصَـهَا بِالشّـوْكِ مُنْتَعِـلُ
إِذَا تَقُومُ يَضُـوعُ المِسْـكُ أصْـوِرَةً
وَالزَّنْبَقُ الـوَرْدُ مِنْ أَرْدَانِهَـا شَمِـلُ
وفي اليتيمة تطالعنا أبياتها تصف امرأة سمينة في غاية الجمال ، وتأمّل :
وَالمِعصمان فَما يُرى لَهُما
مِن نَعمَةٍ وَبَضاضَةٍ زَندُ
وَالبَطنُ مَطوِيٌّ كَما طُوِيَت
بيضُ الرِياطِ يَصونُها المَلدُ
وَبِخَصرِهــــــا هَيَفٌ يُزَيِّنُـــــهُ
فَإِذا تَنوءُ يَكــــــــــادُ يَنقَدُّ
وَالتَفَّ فَخذاها وَفَوقَهُمــــــــا
كَفَلٌ كدِعصِ الرمل مُشتَدُّ
فَنهوضُهـــا مَثنىً إِذا نَهَضت
مِن ثِقلَهِ وَقُعودهـــــا فَردُ
وَالساقِ خَرعَبَةٌ مُنَعَّمَـــــــــةٌ
عَبِلَت فَطَوقُ الحَجلِ مُنسَدُّ
وَالكَعبُ أَدرَمُ لا يَبينُ لَـــــهُ
حَجمً وَلَيسَ لِرَأسِهِ حَــــــدُّ
وَمَشَت عَلى قَدمَينِ خُصِّرتا
واُلينَتــــــــــا فَتَكامَلَ القَدُّ