الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

نجاح العملية التعليمية للطفل.. هل يتأثر بإهمال الأم لنفسها؟

  • 1/2
  • 2/2

مروة الحبشي - " وكالة أخبار المرأة "

كمعلمة رياض أطفال، كانت تواجهنا عقبة طوال سنوات، وهي اهتمام الأمهات وأولياء الأمور عامة بالتربية وإكمال ما نقوم به مع الطفل في قاعة التعلم، أو ما يسمى بالفصل المدرسي، لطالما طالبنا أولياء الأمور بالاهتمام بما تعلمه الطفل واستكمال العمل عليه في البيت بشكل عملي، والاهتمام بالتعامل التربوي مع الطفل.
وكنا كمن يؤذن في مالطة، فلا حياة لمن ننادي، إلا مَن رحم ربي وقد كانوا ندرة.
أما الآن، ومع الصحوة التربوية الحديثة لدى الأمهات والآباء، صار محور الاهتمام الدائم هو الطفل، وصارت أسئلة الجميع تتمحور حوله: ما الذي يجب أن أفعله لطفلي في عمر كذا؟ ما الأنشطة المناسبة لطفلي في سن كذا؟ هل ما أفعله مناسب لطفلي؟ لقد أخطأت فلقد تأخرت في البدء بتعليم طفلي؟!
رأينا أخيراً ما كنا نطلبه من أولياء الأمور، لكن ليس على الصورة التي تمنيناها.
أصبحت الأمهات يهتممن بتربية وتعليم أطفالهن، لكن عذراً عزيزاتي الأمهات، فليس الطفل وحده هو المهم.
في حكاياتنا اليوم ما نسميه بـ"عناصر العملية التعليمية"، عناصر العملية التعليمية هي أربعة عناصر؛ لنصل بأطفالنا إلى التعليم والتعلم الناجح لا بد لنا من موازنة العناصر الأربعة، وهذه العناصر هي:
الطفل/ المتعلم:
هذا هو العنصر الأساسي في عملية التعليم والتعلم، في كل مرحلة من عمر الطفل يبقى هو الأساس، فمن أجله نختار العناصر الأخرى بحيث تناسبه في كل مرحلة عمرية؛ ففي مرحلة الطفولة المبكرة (4- 6 سنوات) يتم إعداد معلمة رياض الأطفال لتكون مدركة لاحتياجات الطفل في هذه المرحلة وطريقة تعلمه، ومن أجله أيضاً يتم إعداد مكان التعلم - فصول أو بالأصح قاعة الروضة - بشكل يتناسب معه من حيث الأثاث والأدوات والألعاب وما إلى ذلك، وكذلك يتم انتقاء وإعداد ما يُقدم للطفل من موضوعات التعلم المختلفة؛ لتكون مناسبة وبطريقة شائقة ممتعة -هل ميزتم باقي العناصر؟- وهكذا مع تقدمه في العمر ومراحل التعلم.
المربّي/ المعلم:
نعم، المربّي والمعلم، الذي في مراحل عمر الطفل الأولى أنتِ عزيزتي الأم، أنتِ أحد عناصر العملية التعليمية الذي يجب الاهتمام به بقدر اهتمامنا بالطفل.
في عملية الاهتمام بالمربّي المعلم وإعداده، هناك تأكيد على أهمية مراعاة بعض الجوانب لديه:
الجانب النفسي والانفعالي:
أي أن يكون مرتاحاً نفسياً، غير واقع تحت ضغوط تعوقه عن مهمته، أن يكون مقبلاً لمهمته ومتقبلاً للطفل الذي يربيه ويعلمه. وأيضاً يُفترض به الحصول على فترات راحة كافية تساعده على شحن بطاريته النفسية لاستكمال مهمته من جديد - هذا هو أهم الجوانب في إعداد المربّي والمعلم.
الجانب التربوي:
بعد أن يكون المربّي المعلم مستعداً لمهمته نفسياً، يجب أن يكون مدركاً لسمات الطفل الذي يتعامل معه، وخصائص مرحلته العمرية، وكيف يتعامل معه ويساعده على اكتساب القيم والسلوكيات الحميدة وتصحيح السلوكيات غير المرغوبة - هذا هو الجانب الثاني في ترتيب الأهمية.
الجانب العلمي/الأكاديمي:
وهو المتعلق بتوافر المعلومات حول الموضوعات التي يتعلمها الطفل، فمعلم العلوم للمرحلة الابتدائية يحتاج قدراً معيناً من المعرفة يختلف عن معلم العلوم لمرحلة الإعدادي والثانوي.. وهكذا.
وبالمناسبة في مرحلة الطفولة المبكرة لا يحتاج المربّي لقدر عميق من المعرفة عن كل شيء، لكن مقدار جيد من الثقافة العامة يفي بالغرض.
والآن اسمحوا لي بالتوقف هنا قليلاً، فخلال السنوات القليلة الماضية - بداية الصحوة التربوية - كان اهتمام الأمهات دوماً بأطفالهن، وغالباً ما أجدهن متوترات، خجلات من تأخرهن في تعليم أطفالهن، شاعرات بالذنب لعدم قضائهن اليوم بكامله في ملاعبة وتعليم أطفالهن!
عزيزتي الأم.. حينما نتكلم عن المعلم ونقول إنك تقومين بدوره في السنوات الأولى، لا تنسَي أن المعلم يقوم بعمله ثم -يفترض به أن - يعود إلى بيته ليرتاح ويستعد لاستقبال الأطفال في اليوم التالي.
اسمحي لي عزيزتي، هلَّا أخبرتني متى تأخذين استراحتك اليومية؟ كم ساعة تعملين فيها في البيت ومع أطفالك - وإذا كنتِ أُماً عاملة فأضيفي عملك إلى القائمة! دعيني أسألك سؤالاً آخر: طبعاً ذهبت بطفلك في بداية حياته للفحوصات الطبية بشكل دوري للاطمئنان على صحته ونموه، إذاً متى ذهبت أنتِ لإجراء فحوصات طبية للاطمئنان على صحتك؟ هل تذكرين آخر مرة خرجت فيها للاستمتاع بوقتك مع زوجك أو صديقاتك - نزهة على هواك وليس من أجل الأطفال؟
للأسف نحن كأمهات نهمل بشدة أنفسنا - ونحن العنصر الثاني من عناصر العملية التعليمية، فلا نعطي لأنفسنا الحق في أخذ هدنة والاستراحة من أعبائنا، ولا حتى عذرنا أنفسنا على تقصيرنا أحياناً - وهو أمر طبيعي فنحن بشر، وكذلك أهملنا رعاية أنفسنا وصحتنا، فمع معدلات نقص فيتامين د لدينا، بالإضافة لسوء التغذية - سواء إهمال الغذاء الصحي أو عدم الالتزام بالنظام الغذائي ووجبات الطعام على مدار اليوم.
عزيزتي الأم.. دعينا نركز على أنفسنا قليلاً، عدم الاهتمام بأنفسنا يكلفنا الكثير ويظلمنا وبالتبعية يظلم أطفالنا؛ فسوء التغذية وعدم الحفاظ على وجبتنا الغذائية وكمية الماء المناسبة يجعل الجسم متوتراً غير مرتاح، ويبدأ المزاج السيئ في الظهور - جسمك يحاول تنبيهك لاحتياجاته.
نقص الفيتامينات والمعادن أيضاً يسبب المزاج الحاد والمتقلب، يجعلك عرضة للنوبات الانفعالية من غضب وحزن، يجعلك منهكة طوال اليوم؛ وكل هذا عندما يؤثر على وقتنا وعلاقتنا مع أطفالنا، نبدأ في لوم أنفسنا وتحميلها كل الذنب، في حين أننا ضحايا.
عزيزتي الأم.. كلامنا عن العناصر التعليمية لم ينتهِ بعد، فهي أربعة وذكرنا منها اثنين، لكن اسمحي لي بأن نتوقف هنا لأطلب منك طلباً مهماً.
عزيزتي.. اهتمي بنفسك، دلليها، امنحي نفسك الحق في التعب والكسل "قليلاً"، امنحي نفسك العذر في حال تعبك أو مرضك أو عند الحمل والولادة.
عزيزتي.. اسمحي لنفسك بوقت خاص تقضينه كيفما شئت - العبي، نامي، استمتعي- أعيدي شحن بطاريتك النفسية؛ لتكوني قادرة على مواصلة عملك في البيت ومع أطفالك.
عزيزتي الأم.. أنتِ بطلة تستحق التقدير، فامنحي نفسك هذا التقدير أولاً بأول.
دعيني أمارس عليك دور المعلمة، لديكِ عزيزتي الأم واجب منزلي تقومين به ريثما نلتقي في المقال التالي، أريد منك أن تحضري ورقة وقلماً، واكتبي جميع الأشياء التي تحبينها وتستمتعين بفعلها -النوم، اللعب بلعبة معينة أو بجهاز ما، القراءة، الرسم... إلخ- اكتبيها وعلّقي الورقة على ثلاجتك أو في مكان ظاهر لكِ، وكلما تتذكرين شيئاً آخر سجّليه.
الواجب الثاني: اختاري لنفسك وقتاً - نصف ساعة على الأقل- يومياً تقومين فيه بأحد تلك الأشياء التي قمتِ بتدوينها.
نعم عزيزتي الأم، من حقك كإنسانة أن تنالي قسطاً من الراحة اللذيذة الممتعة كل يوم مع كل هذا الجهد الذي تبذلينه؛ حافظي على وقتك الخاص - استراحتك- وستجدين مردودها على نفسك وأطفالك أيضاً، لن أخبرك ما الذي سيحدث حينها، أخبريني أنتِ.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى