أكدت دراسات حديثة أن مشكلة بدانة الزوجة أمر ثانوي؛ لأن علماء النفس الحديث يعتبرون أن 25 بالمئة من رغبات الرجل يؤثر فيها جمال المرأة و75 بالمئة تؤثر فيها عوامل أخرى، أي أن الزوجة البدينة تستطيع التحكم بقلب زوجها وتوفر جوا حميميا داخل المنزل وتفهم نفسية الزوج وطريقة إسعاده.
وتقول ليلى م.ع، موظفة، تزوجت بمن أحبت، إنها عاشت أحلى أيام حياتها مع زوجها قبل أن تدب البدانة في جسدها الرشيق أصلا، ما أثار استياء زوجها فأصبح يقارن بينها وبين المطربات والمذيعات، مذكرا إياها بالماضي، حينما كانت رشيقة.
لكن ليلى ليست وحيدة في معاناتها، فهاهي أمام سعاد م، التي دفعت حياتها الزوجية ثمنا للبدانة المفرطة التي أصابتها بعد ولادة طفلها الثاني. تتساءل سعاد بنبرة طوت حزنا واستنكارا “لماذا يطالب الرجل المرأة بأن تحافظ على رشاقتها بعد الزواج، على الرغم من علمه وإدراكه بأن التغيرات الجسمانية التي تطرأ عليها كفيلة بإضافة عدد لا بأس به من الكيلوغرامات إلى جسدها، دون أن تكون لها يد في ذلك؟".
وتضيف بمرارة “لم يقتنع زوجي بالأعذار التي ظللت أقدمها إليه على مدى عامين كاملين، وفاجأني ذات يوم بعزمه الزواج بفتاة رشيقة لا يخجل، كما يقول، من الخروج معها في الأماكن العامة”. وتؤكد “حاولت المستحيل أن أقف في طريق هذا القرار بلا فائدة، فلقد أصر على تنفيذ قراره، على الرغم من أنه لم يكن رشيقا أو أنيقا، حيث قبلت به على علاته ومنحته حبي وحناني بلا مقابل".
أما سناء الشماع، سكرتيرة، فتقول “هددني زوجي بالزواج بأخرى إذا استمر وزني في الزيادة، مؤكدا أن العصر يتطلب زوجة رشيقة وأنيقة، ما دفعني إلى حرمان نفسي من الشوكولاتة التي أعشقها واتباع حمية غذائية قاسية كي أبدو نحيفة ورشيقة. ولقد نجحت في التخلص من الوزن الزائد لكي أرضيه".
وتوضح نوال ، مديرة إقليمية لإحدى الشركات التجارية، قائلة “الإعلام لعب دورا كبيرا في إصابة النساء بهوس الرشاقة عبر الترويج لنمط مختلف تماما للمرأة من خلال تقديم نماذج نسائية رشيقة، سواء وسط الممثلات أم عارضات الأزياء، أم مذيعات التلفزيون".
وتضيف “الرجل الشرقي قد تأثر كثيرا بمذيعات الفضائيات وتغيرت مفاهيمه، فبعد أن كان يعشق المرأة السمينة تبدلت نظرته إلى النقيض تماما، حيث أصبحت المرأة المكتنزة لا تلفت انتباهه، ما جعله يعرض عنها، وحسب مقاييس هذا العصر، بات الرجل يتطلع إلى شريكة حياة أنيقة ورشيقة ‘يتباهى’ بها أمام الناس".
وتؤكد الدكتورة إنشاد محمود عزالدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية في مصر، أن الرجل الشرقي يركز في نظرته إلى جمال المرأة على النواحي الشكلية، حيث تترسخ هذه النظرة في عقله الباطن، وحينما يرغب في الزواج يريد من زوجة المستقبل أن تكون رشيقة وجميلة، علما بأن هناك تغيرات فسيولوجية “جسمانية” وسيكولوجية “نفسية” تطرأ على الزوجة، فيتغير شكلها، حتى لو كان مطلب الزوج أن تظل رشيقة حتى آخر العمر.
وهناك أسباب فسيولوجية تؤدي إلى سمنة المرأة بعد الزواج، مثل حالات الحمل والولادة التي تترك آثارها بعد كل مولود. أما على الصعيد السيكولوجي فتقول عزالدين إن إهمال الزوج لامرأته عاطفيا يؤدي بها إلى عدم التعاطي مع مسألة الرشاقة كأولوية أو هاجس، ما يجعلها تطلق العنان لترهل جسدها، خاصة إذا كانت غير قادرة أصلا على التخفيض من وزنها.
وأوضحت في ما يخص نظرة الأزواج إلى زوجاتهم البدينات، أن “هذه النظرة لها علاقة مباشرة بالفروق الفردية بين الأزواج، حيث تلعب العوامل الثقافية والبيئية والاجتماعية دورا كبيرا في هذا الجانب، وتختلف نظرة الزوج الحضري إلى المرأة عن نظرة الريفي، الذي لا يهمه شكل الزوجة بعد الزواج، بينما يقارن زوج المدينة بين زوجته والأخريات، وتكون متطلباته عصرية، ومن متطلبات العصر أن تكون الزوجة رشيقة وأنيقة".
وأشارت في ما يتعلق بعدم اهتمام الرجل برشاقته مع مطالبته المرأة بذلك، إلى أن “الرجل الشرقي يعتقد أن التعليم والمال والحصول على وظيفة مرموقة، عوامل تجذب إليه المرأة أكثر من غيرها حتى ولو كان صاحب كرش أو غير مبال بمظهره، وهذا اعتقاد خاطئ بالتأكيد، إذ على الرجل أن يهتم بمظهره مثلما يطالب المرأة بذلك”.
ويرى سيد أبوعبلة، محام، أنه “ليست كل نحافة هي رشاقة مطلوبة، والرجل الشرقي بطبعه لم يتعود على نحافة عارضات الأزياء، كما أن الشعراء تغنوا بالمرأة ذات الجسد الممتلئ، ولا أقصد بالامتلاء المرأة ‘السمينة’ بل تلك التي تسر النظر، ولا يعتقد من يشاهدها أنها مريضة من شدة النحافة".
ويضيف “الرجل يتطلع دائما إلى الشيء الذي لا يملكه، فإذا كانت زوجته رشيقة تطلع إلى البدينة. أما إذا كانت بدينة فيبحث عن الرشيقة، مع أن طول العشرة، يجعل كل شيء عاديا، حتى ملكة الجمال تصبح عادية في نظر زوجها بعد فترة من الزمن”.
ويقول أبوعبلة “في رأيي الرشاقة ليست مقياسا حيويا في العلاقة الزوجية، فالزوجة هي الصديقة والأم وشريكة الحياة، وليست عارضة أزياء كي نفرض عليها مبدأ الرشاقة، بحيث إما أن تكون كذلك وإما فلا، لا سيما أن الرشاقـة هي رشاقـة الروح والظـل، والأخـذ والعطـاء والتعاطـي مع الحيـاة بوعـي وإدراك، والمـرأة الجميلـة هي التي تجتمع فيها هذه العوامل، دون أن يرتبط الأمر بالجسد”.