الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

حقوق معلمات الأردن ضائعة

  • 1/2
  • 2/2

عمان ــ محمد الفضيلات - " وكالة أخبار المرأة "

نهاية أغسطس/ آب الماضي، وقّعت المعلمة سعاد عقداً لتدريس الرياضيات في إحدى المدارس الخاصة بمحافظة إربد (شمال الأردن)، وفي اللحظة نفسها كانت توقّع استقالة تنفّذ بعد تسعة أشهر، تحرمها من الحصول على راتب أثناء إجازة نهاية العام الدراسي.
المعلمة التي التحقت بقطاع التعليم الخاص منذ تخرجها من الجامعة قبل 12 عاماً، تعتقد أنها حصلت على "أفضل الممكن". تقول: "في المدارس التي عملت فيها سابقاً، لم أكن أجبر على الاستقالة قبل عطلة نهاية العام فقط، بل كنت أيضاً أحصل على راتب أقل من المثبت في عقد العمل. في المدرسة الجديدة سأحصل على الراتب المنصوص عليه في العقد على الأقل".
خلال سنوات العمل لم تكن سعاد تتجاوز راتب الحد الأدنى للأجور في عقد العمل، وتحصل على أقل منه بحسب الاتفاق الذي تتوصل إليه مع إدارة المدرسة. كذلك، فإنّها تنقطع عن الاستفادة من الضمان الاجتماعي لمدة شهرين أو ثلاثة كلّ عام، هي مدة الإجازة الصيفية.
مطلع العام الجاري، قررت الحكومة الأردنية زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 220 ديناراً أردنياً (310 دولارات أميركية)، بدلاً من 190 ديناراً (267 دولاراً).
حصلت سعاد بموجب عقد عملها الجديد على راتب مقداره 240 ديناراً (338 دولارا) لمدة تسعة أشهر. تعلق: "هذا أعلى راتب أحصل عليه منذ بدأت العمل. هي فرصة ممتازة، وأيّ اعتراض منّي على مدة العمل ستتسبب بخسارتي الوظيفة ببساطة".
خلال سنوات طويلة، شكل قطاع التعليم الخاص بيئة حاضنة للانتهاكات القانونية التي يتعرض لها العاملون فيه، بينما يؤكد رسميون وخبراء وقانونيون أنّ النساء هُنَّ الأكثر عرضة للانتهاكات لأسباب جندرية تتصل بالثقافة الاجتماعية السائدة حول عمل المرأة. بحسب إحصائيات نقابة المدارس الخاصة، فإنّ في الأردن 3055 مدرسة خاصة، يلتحق فيها نحو نصف مليون متعلم، ويعمل في تلك المدارس نحو 55 آلف موظف وموظفة من بينهم 35 ألف معلم ومعلمة، وتفوق نسبة المعلمات من بينهم 80 في المائة.
واقع المعلمات السيئ في معظم مدراس القطاع الخاص، حفز مجموعة منهن لإطلاق حملة "قم مع المعلم" الهادفة إلى تثقيف معلمي ومعلمات القطاع الخاص بحقوقهم. الحملة التي انطلقت في مدينة إربد رسمياً في مارس/ آذار 2015 بعد اجتماع تأسيسي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، تبنتها "اللجنة الأردنية للإنصاف بالأجور" ولاقت دعماً من وزارة العمل ونقابة المعلمين ومؤسسة الضمان الاجتماعي.
تقول العضوة المؤسسة في الحملة باسمة عبد الجبار: " تأسست الحملة من تسع معلمات، بهدف رفع الظلم الواقع على المعلمات في مدراس القطاع الخاص". تتابع أنّ الانتهاكات التي تتعرض لها المعلمة تتجاوز حرمانها من راتب الإجازة الصيفية، باتجاه منحها راتباً أقل من الراتب المثبت في عقد العمل، وإجبارها على إعطاء الحد الأعلى من الحصص الدراسية من دون استراحة. وبحسب عبد الجبار "يحصل المعلمون في القطاع الخاص على رواتب تفوق رواتب المعلمات بغض النظر عن الخبرة والتميز. نسبة التفاوت بين رواتب المعلمين والمعلمات تتجاوز 47 في المائة".
يقرّ نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني، بتجاوزات بعض المدارس، لكنّه يرفض تعميم النظرة السلبية. يقول: "القليل من المدارس الخاصة تخالف القانون وتحرم العاملين من حقوقهم، لكن بالمقابل فإنّ معظم المدارس ملتزمة ومنها من تتجاوز رواتب العاملين فيها أضعاف الرواتب في التعليم الحكومي". ويخلص: "المخالف يجب أن يعاقب".
تنشط الحملة التي بدأ نشاطها يمتد خارج مدينة إربد في عقد ورشات تثقيفية للمعلمين والمعلمات في القطاع الخاص بقانون العمل، كما تستقبل شكاوى عبر صفحتها على "فيسبوك" وتحيلها إلى الجهات المعنية، بالإضافة إلى رفع قضايا للمتضررين من خلال محامين متطوعين مع الحملة. تقول عبد الجبار: "الصدمة الكبيرة عندما بدأنا ورشات التثقيف هي أنّ المعلمات تفاجأن بأنّ لهن حقوقاً". تعتبر أنّ الحملة بدأت تحقق نتائج إيجابية بعدما تجرأت معلمات على التقدم بشكاوى ضد أصحاب العمل، وبلغ معدل الشكاوى الذي يصل إلى النقابة نحو 20 شهرياً.
رئيسة قسم التمكين الاقتصادي في مديرية عمل المرأة التابعة لوزارة العمل إيمان العكور تؤكد أنّ الاستغلال الذي تتعرض له المعلمات في القطاع الخاص تمييز جندري مرتبط بنظرة المجتمع إلى عمل المرأة، ويتصل بتراجع قدرتها على التفاوض والدفاع عن حقوقها. تؤكد أنّ العبء الأكبر في محاربة الاستغلال ملقى على عاتق المعلمات: "عليهن كسر الخوف من خسارة الوظيفة والتقدم بشكاوى بحق المخالفين. وعليهن التبليغ عن أيّ انتهاكات يتعرضن لها". تتابع: "الوزارة تراقب عمل المدارس، لكنّ الرقابة وحدها غير كافية ما لم تتحرك المعلمات لمقاومة الانتهاكات".
في مبادرة منها لتحفيز المدارس الخاصة على إنصاف العاملين فيها، تسعى وزارة العمل للإعلان عن مجموعة من المدارس باعتبارها "مدراس نموذجية" لالتزامها عدم مخالفة القانون، كما توجه حملة "قم مع المعلم" الشكر للمدارس الملتزمة عبر صفحتها على "فيسبوك".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى