الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

عندما يختطف ديننا

  • 1/2
  • 2/2

البعض ممن يسمون أنفسهم دعاة لا يتحلون بالحكمة ولا يرضون بالحلول الوسط، ولديهم قاعدة مميتة بحق وهي ببساطة إما أن تكون معي أو تكون ضدي، لا منطقة وسطى ولا حياد ولا مجال للتعبير عن الرأي ولا مساحة للاختلاف وتعدد وجهات النظر، في ظنهم أنهم يملكون الحقيقية الساطعة والواضحة، وبالتالي يجب على الجميع رهن عقولهم وأفكارهم وطموحاتهم وتطلعاتهم وآمالهم لهم وحدهم، وفي أي وقت تخرج عن هذه القاعدة وعن هذه الدائرة التي رسموها وخطوها فإنهم لن يوفروا أي تهمة إلا وألصقت بك، ولن يترددوا في وصفك بأي صفة دونية، بل إنهم يصلون لمرحلة أعظم عندما يخرجونك من رحمة الله، وكأن الجنة والنار بيدهم يوزعون صكوك الغفران لمن يريدون ويقذفون من يخالفهم في أتون الجحيم.
البعض قد يعتبر في تلك الكلمات مبالغة أو تهويل ولكن الواقع والقصص التي نسمعها يومياً فيها دلالات وشواهد لا تقبل الشك أو التردد. فكم سمعنا بتهم وجهت لمؤلفين وموسيقيين وغيرهم بأنهم يريدون إفساد الناس ويساعدون على تحطيم الأمة وتغلغل التغريب بين أبنائنا وبناتنا. إبان ما يسمى بالصحوة استمعنا جميعاً لمعزوفة طويلة عن المؤمنين الصادقين وغير المؤمنين، وفي دول متعددة استغلت المنابر للترويج ومهاجمة الآخرين الذين لم يدخلوا في أتون حركة الصحوة تلك، ووزعت تبعاً لذلك تهم جاهزة وتصنيفات معلبة، والقصد إبعاد الناس وتشويه صورة المناوئين. فكم مؤلف اتهم بالعلمانية وكم مبدع اتهم بأنه انحرف وخرج عن سياق الدين.
وهناك مستوى أعلى، فكما تتم محاولة تكميم أفواه الأفراد من المتميزين والفاعلين في المجتمع نجد أن هناك محاولات لتكميم أفواه مجتمعات بأكملها وأوطان ومحاولة مصادرة قرارها واستقلالها وحريتها وسياستها، وهذا جميعه يتم بالدين بمعنى إشهار آيات من القرآن الكريم وأحاديث للرسول الكريم وشرحها وفق أهوائهم لتحقيق وجهات نظرهم ودعم كلماتهم وتطلعاتهم، وكأن الآخرين لا يفقهون شيئاً في أمور دينهم.
الذي يحدث اليوم ببساطة متناهية مصادرة للدين الذي نتقرب به ونتعبد به لله سبحانه وتعالى، إن أمثال هؤلاء ممن يسمون الإسلام الحركي، ملؤوا عالمنا الإسلامي بالفتن والطائفية، وما الإرهاب الذي نشاهده في عالم اليوم إلا واحداً من إفرازاتهم ونتاج عقولهم المريضة. ولن أذهب بعيداً فهذا واحد من أكبر رموزهم يصعد المنبر يوم الجمعة ويقذف بلداً وشعباً بأسره بتهمة محاربة الإسلام، لماذا يا شيخ؟ ألأننا لم نسر على هواك ومشيئتك، أم لأننا نظفنا بلدنا من الغلو والتطرف والظلم والطائفية؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى