يواجه الشريكان خلال الفترة الأولى من الزواج عقبات كثيرة، إما لأسباب شخصية ترتبط بعلاقتهما وإما لأسباب تتعلق بضغوط الحياة بشكل عام، وجميعها قد تشكل أسبابا تقف وراء فشل ونهاية العلاقة، خصوصا في الحالات التي يعجز فيها الطرفان عن إيجاد حلول تمكنهما من إيجاد أرضية للتفاهم. وتقول الإحصائيات إن 42 بالمئة من حالات الطلاق في مصر تحدث في السنة الأولى من الزواج، كونها تعد اختبارا حقيقيا للزوجين، عندما تبدأ الحياة المشتركة فعليا.
وتفسر صعوبة الفترة الأولى من الزواج بكون الثنائي لم يتعود على الحياة المشتركة، وكأن كل طرف يكتشف نمطا جديدا من العيش بتفاصيل يومية مختلفة عن حياته كأعزب، وبأهداف مستقبلية جديدة يخشى أن يفشل في تحقيقها وبالتالي يسيطر الخوف من المستقبل على حيز هام من مشاعره وجانب هام من تفكيره.
ويقسّم الخبير النفسي والاجتماعي أحمد هارون المشاكل التي تحدث في السنة الأولى للزواج إلى ثلاثة أنواع؛ الأول المشكلات الانفعالية، ويرى أنه من المهم أن يتدرب كل طرف على كيفية التعامل مع الآخر خصوصا عندما يتعرض لموقف يتصادم مع الصورة التي كوّنها عنه قبل الزواج، فإذا كان الزوج مثلا يتعامل مع الأمور بعصبية، فمن الأفضل التواصل والنقاش معه بعد أن يهدأ.
ويتمثل النوع الثاني في المشكلات الاجتماعية، وقد تنتج لعدم تحمل أي من الزوجين لمسؤولياته أو بسبب تدخل الأهل أو وجود فوارق اجتماعية وغيرها كأن تكون الزوجة مثلا تحب الخروج والزوج يحب البيت أكثر، وهنا يجب على الزوج أن يقبل ويخرج مع زوجته حتى ترضى هي وتعتاد على البقاء معه في البيت. وبهذه الطريقة يبدأ كل منهما في تقديم التنازلات إلى أن يصلا إلى التوافق.
أما النوع الثالث فهو المشكلات العاطفية، فمثلا في فترة الخطوبة يبدأ الخطيب المكالمة مع خطيبته بكلمة أحبك وينهيها بأشتاق إليك، لكن بعد الزواج نادرا ما يردد هذه العبارات لأنها أصبحت معه، لذلك ينصح هارون الزوجين بأن يلجآ إلى حيلة دفاعية اسمها إعلاء مشاعر الحب ويسعى كل منهما لأن يقدم للآخر أفضل ما لديه من العواطف ويعبر عنها قولا وفعلا.
كما يشير الخبير النفسي إلى ضرورة استبدال صيغة الأمر بالطلب خصوصا عند الزوج، وإلى تجنب توجيه النصائح أو النقد للطرف الآخر بشكل دائم، وأن يسعى كل منهما إلى التحاور مع الآخر. كما ينصح الزوجة بألا تكثر من شكواها للزوج لأنه بذلك يعتبرها مصدر الضغط الأول في حياته، وعليهما دائما أن يعمدا إلى التجديد في حياتهما وأن يتجنبا المواجهة والشجار أمام الآخرين.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه كلاهما إلى اهتمام الطرف الآخر وعواطفه وعنايته، يجدان نفسيهما في مواجهة أعباء العمل ومتاعب الحياة والإرهاق البدني والنفسي فتتسع المسافة بينهما، وحينها قد يعاني كلاهما من الخرس الزوجي الذي يعد، كما يقول أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس أحمد عبدالله، من أكثر المشاكل التي يقع فيها المتزوجون، إذ يفقدون القدرة على إيجاد لغة التواصل والحوار.
ومن أسباب الخرس الزوجي أن الزواج قد لا يتم أحيانا بشكل إنساني طبيعي، بمعنى أنهما لا يتقابلان في حركة الحياة ومحيط العمل ويتعرفان على بعضهما، ومن ثم تنشأ العلاقات وتنمو في ما بينهما سواء في العمل أو الدراسة أو لهواية واهتمام مشترك، وبذلك تكون السنة الأولى للزواج الفترة التي تظهر تداعيات وعيوب كل منهما للآخر.
ومن جانبه، يثير خبير الاستشارات التربوية والأسرية مجدي ناصر بعض العيوب التي قد تصدر من أحد الطرفين وكيفية تعامل الطرف الآخر معها، ويقول “قد يلجأ أحد الطرفين للاستهزاء بالآخر عند الأهل والأصدقاء، ويظن بذلك أنه يجعل دفة الأمور لحسابه حتى وإن كانت الوسيلة ذم شريكه، ليفقده ثقته بنفسه ويجعله ينصاع إليه، ولمواجهة هذا النمط من قبل الطرف الذي يتعرض لهذه المشكلة عليه أن يكف تماما عن إرسال رسائل سلبية لذاته ويعيد تقييم نفسه”.
ويؤكد ناصر أن غيرة أحد الزوجين قد تتسبب في خلافات كبيرة بينهما. والطرف الغيور يتطلع إلى علاقة زوجية حصرية، لكنه على استعداد لأن يمارس أي تلاعب، لذلك على شريك الحياة الذي يقع عليه هذا الضغط ألا يتصرف بشكل مريب أو لافت للنظر ولو عن غير قصد لأنه قد يثير غيرة الآخر التي تفتح الباب إلى الشكوك بينهما.
وينصح خبير الاستشارات الأسرية ألا يدخل الشريك في معركة وخلاف مع الطرف لأنه إن فعل ذلك فقد يضاعف عدوانيته. وفي المقابل يمكنه أن يظهر المزيد من الاهتمام والعاطفة لكي يبعد الشكوك عن الطرف الآخر ويمكن أن يكتفي بالقيام بمفاجآت سعيدة له دون المبالغة فيها.
ويوجه ناصر للمتزوجين الجدد نصيحة بأن ينظر كل منهما إلى عيوب ونقاط ضعف الشريك ببساطة وأن يتقبلها ويتعامل معها بتساهل ويعتبر أنها لا تنتقص من الخصال التي أعجبته فيه أول مرة واختاره من أجلها.