“الأمهات العازبات المصريات” أو “Egyptian Single Mothers”، مجموعة إلكترونية تضم نحو 20 ألف سيدة معيلة، مطلقة أو أرملة، في مصر، وتتخذ من إحدى منصات التواصل الاجتماعي مقرّا لها، لدعمهن على مختلف الأصعدة النفسية والقانونية والاجتماعية.
بمشاركة من القانونيين والأخصائيين النفسيين والأسريين، والمختصين بالدعم التقني والفني، تتجاوز المجموعة الإلكترونية مفهوم “الفضفضة”، ساعيةً نحو تشكيل منظومة مؤسساتية لدعم النساء المعيلات في مصر.
وفي بلد يشهد أعلى معدلات طلاق في العالم (حالة كل 6 دقائق) ويزيد عدد أرامله النساء عن 2.5 مليون أرملة، بحسب معطيات رسمية، تقدّم تلك المساحة الافتراضية على موقع فيسبوك استشارات قانونية مجانية خاصة بإجراءات التقاضي في حالات الطلاق والوصاية على الأطفال وغيرها.
بالإضافة إلى ذلك تقدّم هذه المنصة النسائية نصائح نفسية وحياتية، وأفكارا بمشروعات لتوفير فرص عمل تساعد النساء على الاستقلال المادي.
“الفشل غالبا ما يسبق النجاح.. السقوط والانكسار يعقبهما الوقوف.. من رحم الظلم والوجع تولد القوة والتحدي”، بتلك الكلمات تقدم نرمين أبوسالم، مؤسسة المجموعة، وصفة علاجية للأمهات العازبات في مصر.
وتقول أبوسالم، إن الدافع وراء فكرة تأسيس مجموعة إلكترونية للنساء المعيلات، هو تحوّل قضية “الأمهات العازبات” من الفردية إلى الجماعية، حيث باتت تمس كل أسرة في المجتمع.
وتضيف “قررنا جمع أصحاب القضية في مساحة واحدة لتقديم الدعم النفسي لهن، من خلال تبادل الخبرات والآراء، وتقديم النصائح في المواقف المختلفة، لا سيما في ما يتعلق بتربية أبنائهن في ظل غياب الزوج، كأحد أشكال العلاج النفسي الجماعي”.
وأشارت أبوسالم، إلى أن المجموعة تساعد العشرات من الأمهات العازبات في إيجاد وظائف تناسب مؤهلاتهن العلمية، للإنفاق على الأبناء في حالة وفاة الزوج أو الطلاق.
وكشفت أن أبرز المشكلات المتكررة بين النساء المطلقات بمصر، تتمثل في تنصّل المطلق من المسؤولية المادية لتربية أبنائه، إضافة إلى العنف الأسري، والمعاملة السيئة، والخيانة الزوجية.
وطالبت مؤسسة المجموعة، وزارتي التضامن الاجتماعي والعدل، والمجلس القومي لحقوق المرأة (حكومي)، وجمعية رجال الأعمال، بـ”دعم وتبنّي قضية الأمهات العازبات ووضع سياسات اجتماعية وتوظيفية لإنصافهن، وسدّ ثغرات قانون الأسرة الذي يهدر في بعض جوانبه حقوق الأبناء”.
وكشفت أبوسالم أنها قدّمت مقترحا بمشروع قانون للأسرة مؤخرا لتلافي ثغرات القانون الحالي، قائلة “قمت بمناقشته مع نواب البرلمان ومستشارين بمجلس الدولة (القضاء الإداري) وممثلي المجلس القومي للمرأة (حكومي) بهدف إقراره”.
وبحسب أبوسالم، فإن أبرز ثغرات القانون الحالي تتمثل في إمكانية إفلات المطلق من مسؤولية الإنفاق على الأبناء، وصعوبة إثبات الدخل الشهري خصوصا في حال العمل بالقطاع الخاص أو الأعمال الحرة، وعدم الاعتداد بممتلكات الزوج، وطول أمد التقاضي، وعدم وجود ضوابط لتنفيذ الأحكام بالنفقة، والتي غالبا ما تكون بتقديرات غير منصفة أو مواكبة لارتفاع الأسعار بالبلاد.
تقول 26 سيدة معيلة منضمة إلى مجموعة “الأمهات العازبات المصريات” استطلعت وكالة الأناضول آراءهن، إن المعلومات القانونية الخاصة بإجراءات التقاضي، في حال الطلاق أو الخُلع، والولاية التعليمية للأبناء والنفقة عليهم والتصدي للحيل القانونية التي قد يتبعها الخصم، هي أبرز أوجه الاستفادة التي تحصل عليها النساء المطلقات من المجموعة.
ورغم أن عددا ليس بقليل من الحسابات الشخصية على المجموعة يضع صورا للأبناء وليس لصاحباتهن، غير أن التفاعل بين عضواتها غالبا ما يتخذ منطق المكاشفة في كل ما يتعلق بالمشكلات التي تواجه النساء بعد الطلاق أو وفاة الزوج.
وفي أحاديث منفصلة، تقول السيدة المعيلة (ميار. م) “استفدت كثيرا من الاستشارات القانونية في ما يخص إجراءات التقاضي.. استفدت أيضا من القصص والمواقف التي قرأتها وشعرت أنها تشبهني فانكسر بداخلي شعوري بالوحدة والاكئتاب”.
من جانبها، توضح السيدة المعيلة (أمل. ع) “عرفت من خلال المجموعة كيفية الحصول على معاش للإنفاق على أبنائي (لم توضحه) شرفت أيضا بالترشيح في مسابقة الأمهات المثاليات على المجموعة ونلت تكريما منحني دفعة نفسية قوية في الحياة”.
فيما ترى (سحر. ب)، وهي سيدة مطلقة، أن “أهم ما تقدمه المجموعة هو الدعم المعنوي من خلال عرض تجارب شبيهة لتجربتي وكيفية تجاوزها والتغلب عليها وصناعة النجاح وسط أكوام الأزمات.. جميعها قصص ملهمة”.
وتعليقا على وضع معظم الحسابات صورا غير شخصية تقول (أميرة. أ) “أفضّل عدم وضع صورة شخصية لأن طليقي لا يتركني على راحتي، وأنا لا أريد أن يعرف حسابي الشخصي على فيسبوك أو يتابع ما أكتبه”.
وقبل أكثر من 40 عاما طرح الفيلم السينمائي المصري الشهير “أريد حلا” قضية صعوبة إجراءات التقاضي في حالة رغبة الزوجة، ورغم مرور العشرات من السنوات على الطرح السينمائي، إلا أنّ القضية لا تزال حتى الآن تبحث لنفسها عن منافذ للحلول والخروج من عنق المجتمع المصري.
وبلغة الأرقام، أكد مركز المعلومات، التابع لمجلس الوزراء المصري في العام 2016، أن مصر تشهد أعلى نسبة طلاق في العالم، بمعدل حالة طلاق كل 6 دقائق بإجمالي 250 حالة في اليوم الواحد.
فيما بلغت حالات “الخلع” التـي تتمثل في الطلاق مع تنازل المرأة عن حقوقها المادية، عبر المحاكم في عام 2015، أكثر من ربع مليون حالة انفصال، مسجلةً زيادة تقدر بـ89 ألف حالة عن العام الذي سبقه 2014، وفـق المصدر ذاته.
كما ذكر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي)، في عام 2015، أن عدد الأرامل من الجنسين في مصر بلغ 3 ملايين، بنسبة 14 بالمئة رجال و86 بالمئة سيدات، بمعدل نصف مليون رجل، و2.5 مليون سيدة، أي أن عدد السيدات الأرامل يفوق عدد الرجال الأرامل بـ5 أضعاف. ويصل عدد سكان مصر 95.6 مليون نسمة، وفق آخر إحصاء رسـمي.