الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

لا تكوني أنت نفسك عدوة لنفسك.. للمرأة

  • 1/2
  • 2/2

هند مشماشي - المغرب - " وكالة أخبار المرأة "

أيتها الصديقات والقريبات، بنات حواء المحترمات، لا داعي للتقليل من شأن بنات جِنسكن واعتبار كل مَن لم تحذو حذوكن واختلفت عنكن في نهجها وطريقة تفكيرها واختياراتها، ظاهرة شاذة أو خارجة عن المألوف. تستحق نظرة دونية وأن تكون محور أحاديثكن وموضوع مجالسكن.
لا داعي للنظر إلى أي فتاة لم تتزوج بعد بعين الشفقة في كل مرة ترونها فيها أنيقة، جميلة وسعيدة بنجاحها وتفوقها، كلما جمعكم لقاء في حفل زفاف أو مناسبة عائلية، لا تكسرن فرحتها عندما تحقق نجاحاً مهنياً أو دراسياً وحتى حين ترونها تلاعب أطفالكم وهم يتجمعون حولها ببراءة ويستمتعون بمجالستها.. وأنتن تراقبن، تتهامسن، تعددن مميزاتها وتتنهدن بحسرة: متعلمة هي، من عائلة طيبة، مهتمة بنفسها وبأناقتها.. لكن كل هذا لم ينفعها، فالمسكينة لم تتزوج بعد.. وتبدأن فقرة التحليل والتحقيق؛ لتتعدد الاحتمالات بين أنها ربما متكبرة في تعاملها مع الرجال أو بلهاء ليس لها أية دراية بهذه الأمور أو مسكينة لا حظّ لها أو ربما غبية ما زالت تنتظر أحداً لم يفِ بوعده بعد.
ولا داعي أبداً للضغط على الجرح كلما قابلتم من لم ترزق بعد بأطفال أو التي رزقت بالبنات دون الصبيان، وطرح نفس الأسئلة بشكل مغاير كل مرة، والدخول في أمور حميمية جداً.
في كل هذه الحالات تتعدد الأسباب من وجهة نظركن والنتيجة الحتمية التي تصلن إليها واحدة، والتي تجزم أنه من لم تتزوج ومن تطلقت ومن لم تنجب، كل منهن من المؤكد أن المشكل يكمن فيها هي وهي فقط، لا مجال للنقاش أو محاولة الإنكار أو إثبات العكس! أتعلمن؟ قد تكون كل منهن سعيدة بحياتها وبوضعها، ومن المؤكد أنها تتمنى احتضان أطفالها بدل أطفالكن، وأن تجد نصفها الثاني كما تمنّته، وأن يتشاركا تفاصيل الحياة بحلوها ومرّها؛ لتصونه ويسكن إليها.
لهذا لا تطلبن منها أبداً أن تصبح دمية متحركة تتحكم فيها ضغوطاتكن ونظراتكن التي تراها ناقصة ما دامت لم تتزوج بعد أو لم تنجب بعد أو أصبحت مطلقة ويصبح كل ما تفعله قابلاً للتحليل والتصنيف بين ممنوع ومسموح وعيب.
غير المتزوجة بعد ليس مطلوباً منها أبداً أن تعلن عن نفسها في كل مكان، أن تصبح مهووسة بإيجاد عريس، وأن تفتح مجالاً لكل عابر سبيل أو يصبح همها الوحيد وشغلها الشاغل أن تجد رجلاً.
المهم أن تحمل اللقب، لا تربطن أبداً تقديركن لها واحترامها بوجود خاتم الزواج في اليد اليسرى، الذي يصبح فجأةً رمزاً للبطولة والنجاح.
قطعة معدنية دائرية حول خنصر اليد اليسرى كفيلٌ بأن يزيد عدد حسادها ويكسبها احترام الآخرين كلما زاد حجمه وثقل وزنه، والأهم يزيل عنها كل شبهة ويوقف نظرات الشفقة في عيونكن.. ولا يهم أبداً ما يحدث بعد ذلك مع من ستقضي بقية أيامها؟ كيف يفكر هذا الرجل؟ هل ترضون دينَه وخلقه؟ ماذا يحب وماذا يكره؟ هل لهما هوايات مشتركة؟ هل لهما نفس المبادئ؟ ما درجته وتدينه وثقافته؟ كيف ينظر للمرأة وما رأيه في الزواج والأسرة.. هل يحب الأطفال؟ هل سيتفقان؟ هل سيتوافقان؟
كل هذا لا يهم، المهم هو الفوز باللقب المنتظر والتمكن من إعطاء الجواب الشافي حينما يأتي السؤال المعهود المصاحب عموماً بغمزة وابتسامة من كل متزوجة تلتقينها وكيفما كانت درجة معرفتكما: هل هناك جديد؟ وحتى لو كان جديدك هو ترقية، نجاحاً، شهادة، سيارة، عملاً جديداً، عمرة.. فلا يهم أبداً، الجديد هنا يعني العريس فقط.. ويأتي بعد هذا التعقيب الشهير الذي ليس له جواب: كيف لم تَجدي بعد؟ ألا تعملين مع رجال؟ ألا تلتقينهم في كل مكان؟ لا بد أن هناك مهتمين، أنتِ من لا يركز في هذه الأمور، يجب أن تبذلي مجهوداً أكثر! نعم يجب أن تجتهدي أكثر! كيف؟ هل سيصبح كل مكان تذهب إليه لغرض في نفس يعقوب؟ هل ستجعل من كل رجل تلتقيه مرشحاً لمنصب الفارس المنتظر وحقلاً للتجارب؟
ويصاحب هذه المحادثة عموماً بعض النصائح من قبيل إلى متى؟ ماذا تنتظرين بعد؟ ألا ترين أنك قد كبرت جداً.. ركزي أكثر، لا تدفني نفسك في العمل، لا تكوني غبية، يجب أن تفوزي بزوج قبل فوات الأوان، كوني مثلي أو انظري لفلانة فهي أصغر منك ولكنها قد تفوقت عليك ووجدت عريساً ولم تضيع الوقت مثلك.. لا تدققي كثيراً في التفاصيل ولا تتشرطي في المواصفات فالرجال كلهم سواء يا عزيزتي!! كيف؟ هل الرجال مجرد نسخ حقوق طبعها ليست محفوظة؟ أليس لكل شخصيته المستقلة وطبعه الخاص وأوليات ومبادئ تختلف من رجل لآخر؟ وفجأة تصبح كل فتاة لم تحقق أي نجاح في أي مجال أفضل منك فقط لأنها استطاعت أن تحصل على عريس وأنت لا!
علماً أنها قد تكون نفسها تلك القريبة التي تشتكي طوال الوقت من إهمال زوجها ومعاملته السيئة ومشاكل أطفالها الذين يكسرون كل شيء ويملأون الدنيا بالصراخ.. وكل المسؤوليات الملقاة على عاتقها في كل الاجتماعات النسائية التي تحكي فيها عن أدق أسرار بيتها وعلاقتها بزوجها، فينتقل بهذا الموضوع بكل بساطة من خاص جداً إلى حكاية عامة تتناقلها الألسنة من مجلس إلى آخر، وتختمها بالمقولة الشهيرة: "الله يلعن الزواج وساعته".
ماذا إذن هل أنت مع الزواج أو ضده، لقد ضعنا معك يا صديقة؟! أليس زوجك وأطفالك أحق بهذا الوقت الضائع في الثرثرة والتحدث في أعراض الناس والتدخل في خصوصياتهم؟ أين المودة والرحمة؟ أين خصوصية العلاقة؟ أين مؤسسة الزواج التي من المفترض أن تبنى على أسس الثقة والتفاهم والصدق والمؤازرة المتبادلة في السراء والضراء؟ هل يتزوج الإنسان فقط ليحصل على اللقب؟ أم ليتسابق في إنجاب أطفال لا وقت له ليربيهم بل يأتي بهم ليتباهى بقدرته على الزواج وعلى الإنجاب..
الزواج أكبر من هذا كله، للزواج هدف سام جداً المراد منه العفة والسكينة والمودة والرحمة.
فرجاء دعن الخلق للخالق، وليهتم كل بنفسه وبمشاكله، ولا ضير أبداً من إعطاء النصائح التي تنبع غالباً عن محبة أو ربما عن غيرة أو حتى فضول.
المهم هو أن يكون الأسلوب أحسن، فيه الكثير من المراعاة لمشاعر الغير، ولا تكوني أبداً أنت نفسك عدوة لنفسك، للمرأة..
التي لم تتزوج بعد ليست غبية ولا ضيعت القطار، والمطلقة ليست منبوذة، والتي لم ترزق بأطفال بعد ليست ناقصة، والتي لم ترزق بابن ذكر ليس بها أي عيب.. إنه قدر ونصيب.
عزيزاتي.. تذكرن أن أغلبكن مررن بنفس الظروف، واقتنعن من فضلكن أنه نصيب وقدر وأن الله كتب لكل منا رزقه ولن يموت قبل أن يتمه كاملاً.. أن لا أحد يأخذ مكان أحد.. أن الله لا ينسى أحداً، فقد فرق الأرزاق على عباده بعدة أشكال لحكمة يعلمها وحده: فالأهل رزق، والحب رزق، والصداقة رزق، والخلق الحسن رزق، والطيبة، والقوة، والحنان، والحياء، والعلم.. كلها أرزاق، ولكل منا نصيبه كما كتبه الله له وكل نقص في هذا الرزق هو من باب الابتلاء والاختبار لصبرنا وإيماننا ليدهشنا الله في كل مِحنة بكرم عطاياه..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى