قد يتعرض بعض الأشخاص لمواقف عاطفية مؤلمة أو عصيبة تؤثر على صحة القلب بالفعل، وهو ما يعرف باسم متلازمة القلب المكسور؛ حيث تتشابه أعراض هذه المتلازمة مع أعراض النوبات القلبية. وقد تصبح هذه الأعراض أكثر خطورة إذا استمرت لفترة أطول.
وأوضح فيلكس شرودر، من مركز القلب والأوعية الدموية بمدينة هامبورغ، قائلا “متلازمة القلب المكسور عبارة عن مرض يصيب عضلة القلب بسبب ارتفاع مستوى هرمونات التوتر”. وبعبارة أخرى عند تعرض المرء للحزن أو القلق الشديد، فإن قلبه لن يعمل بصورة صحيحة.
وتبدأ الأعراض بظهور آلام في الذراع اليسرى، ثم ينتقل الألم بعد ذلك إلى الجانب الأيسر من الصدر. وعادة ما يشتبه الأطباء بحدوث نوبة قلبية، وهو ما يتطلب إدخال المريض إلى غرفة العناية المركزة ولكن الأوعية التاجية للمريض تبدو سليمة ولا توجد هناك أي انسدادات، كما هو معتاد مع حالات النوبات القلبية. وقد تمكن الأطباء اليابانيون من اكتشاف التغيير المؤلم في القلب لأول مرة وأطلقوا على هذا المرض اسم “اعتلال عضلة القلب تاكو تسوبو”.
ولم تتضح بعد الأسباب، التي تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة القلب المكسور، غير أنه من الملاحظ أن هذه المتلازمة تحدث عندما يتعرض المرء لضغط وتوتر شديدين. وأوضح شرودر قائلا “من واقع خبراتي فإن وفاة أحد الزوجين غالبا ما تكون سببا للإصابة بهذا المرض”.
ومن جانبه أضاف البروفيسور مارتن بورجريفه، مدير العيادة الطبية بمستشفى مانهايم الجامعي، قائلا “يمكن للأخبار السعيدة والمفرحة أيضا أن تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة القلب المكسور”.
ويعتقد الأطباء أن التوتر يؤدي إلى قيام الجسم بإفراز الكثير من هرمون الأدرينالين والنورادرينالين، كما يعمل هرمون التوتر بدوره على إفراز الكالسيوم، الذي يتسبب في توتر عضلة القلب عندما يصل إلى الخلايا.
وبدورها أوضحت يانا بوير، من الرابطة الاتحادية لأطباء القلب، “من الممكن أن تكون للأشخاص المصابين مواضع ربط إضافية للأدرينالين والنورادرينالين”، وهو ما يعني أنهم أكثر استجابة للهرمونات من غيرهم.
ويتوجب على الأشخاص، الذين يعانون من متلازمة القلب المكسور، الاهتمام بالرعاية الطبية؛ نظرا إلى أن المتلازمة أكثر خطورة مما كان يُعتقد في السابق. ونادرا ما يتعرض مرضى متلازمة القلب المكسور للوفاة أثناء حدوثها مقارنة بالنوبات القلبية، غير أن المتابعة طويلة المدى أظهرت إمكانية تعرض الأشخاص للإصابة بها مرارا وتكرارا.
وأضافت بوير قائلة “دائما ما ننصح أثناء العلاج بالجمع بين حاصرات بيتا والعلاج النفسي”. وتعمل الأدوية على منع المستقبلات في القلب، بالإضافة إلى أنه يتعين على المريض تعلم كيفية التعامل مع التوتر بصورة أفضل، ومن المستحسن أيضا الاهتمام بممارسة رياضات قوة التحمل؛ نظرا إلى أنها تعمل على تقوية القلب وتساعد في التعامل مع التوتر بشكل أفضل.
ويؤكد العلماء تشابه أعراض المتلازمة مع أعراض الأزمة القلبية، حيث تتضمن ألما في الصدر وصعوبة في التنفس وخفقان القلب، وهو ما يؤدي إلى تشخيصها باعتبارها أزمة قلبية في معظم الحالات قبل إجراء فحوص وتحاليل معمقة.
ويظهر ما بين 1 بالمئة و2 بالمئة ممن يتم تشخيصهم مبدئيا باعتبارهم يعانون من أزمة قلبية، أنهم مصابون بمتلازمة القلب المنكسر، ومعظم المصابين بالمتلازمة هم نساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث إلا أنها تظهر لدى صغار السن أيضا.
ومقارنة بالأزمة القلبية فإن متلازمة القلب المنكسر أخف وطأة بشكل كبير، إذ يعود القلب ليقوم بوظائفه الطبيعية من تلقاء ذاته في معظم الحالات، ولكن ينصح من يصاب بالمتلازمة بالفحص المنتظم لأنها تتكرر في نحو 10 بالمئة من الحالات.
وعلى عكس النوبة القلبية العادية فإن الإصابة بمتلازمة القلب المنكسر لا يرافقها ضيق في الأوعية القلبية، ورغم ذلك فإن نحو 5 بالمئة من حالات الإصابة بهذه المتلازمة تنتهي بالوفاة. ويعد البحث عن أسباب الضغوط التي يعيشها مرضى القلب المنكسر أمرا ضروريا لعلاج المرض.
ويشمل العلاج تناول الأدوية والرعاية النفسية الخاصة لتخفيف التوتر وتجنب التعرض لنوبة قلبية جديدة، وذلك بالابتعاد عن الانفعالات النفسية.