بدأ الأحد تنفيد قرار حظر البرقع في النمسا. وقالت الحكومة إن القانون الجديد يساعد في الحفاظ على القيم النمساوية ويعزز الاندماج، وذلك على الرغم من أنه نادرا ما يشاهد البرقع في الأماكن العامة.
ويحظر على النساء حاليا إخفاء وجههن في الأماكن العامة، حيث يشمل ذلك ارتداء البرقع الذي يغطى الوجه بأكمله أو النقاب، الذي يظهر العينين فقط.
وبموجب القانون الجديد، تواجه النساء اللاتي يتم توقيفهن من جانب الشرطة وترفضن كشف وجوههن غرامة قدرها 150 يورو (176 دولارا).
ويشار إلى أن القانون الجديد جزء من "حزمة سياسات الاندماج" التي دشنها وزير الخارجية والاندماج سيباستيان كورتس في إطار جهوده للفوز بالانتخابات البرلمانية المقرر في 15 اكتوبر الجاري.
ويتصدر حزب الشعب، الذي ينتمى له كورتس استطلاعات الرأي منذ أشهر. ولذلك من المتوقع أن يشغل كورتس/ 31 عاما/ منصب مستشار النمسا. وتركز حملة كورتس الانتخابية على الحد من الهجرة و" تزايد الأسلمة".
وحذر المسلمون في النمسا من أن الحظر الذي تفرضه البلاد على النقاب، ويدخل حيز التنفيذ الأحد يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالاغتراب بدلا من تحقيق هدف الحكومة المنشود المتعلق بالاندماج.
وقالت كارلا أمينة بهجتى ، التي تترأس القسم النسائي في الجماعة النمساوية للعقيدة الإسلامية ": ليس لدينا أي تعاطف مع النقاب، لكننا رغم ذلك نعارض الحظر".
ويحظر القانون الجديد على الأشخاص إخفاء وجوههم في الأماكن العامة، ويشمل ذلك حظر البرقع الذي يغطي الوجه بأكمله (مع وضع قطعة شبكية على العينين)، والنقاب الذي يغطي الوجه بكامله عدا العينين.
وتأتى هذه القواعد الجديدة فى أعقاب ما يسمى بـ "حزمة التكامل" للسياسات التي بدأها وزير الخارجية والهجرة المحافظ سيباستيان كورتس وسط مساعيه للفوز في الانتخابات البرلمانية التي تجرى في 15 أكتوبر.
وهذه السياسات تربط الاندماج الاجتماعي للمسلمين مع قضية الهجرة ومع جهود مناهضة الأصولية، كما أنها تشمل دورات فى القيم اللغوية والثقافية للاجئين وكذلك قيود على الإسلاميين الأصوليين.
وقال كورتس : "ليس هناك مكان للرموز التي تتناقض مع المساواة بين الرجل والمرأة، والتي تشمل غطاء الوجه الكامل، وليس هناك مكان في بلادنا للسلفيين الذين يوزعون المصاحف".
وأقر البرلمان حظر البرقع والنقاب على الرغم من أن غطاء الوجه نادرا ما يظهر في الأماكن العامة.
ولا توجد سوى بضع عشرات من النساء في البلاد اللاتي ترتدين مثل هذا اللباس، بحسب كارلا أمينة بهجتى . وبالتالي فإن الحظر سيؤثر في الغالب على الزوار القادمين من الدول العربية الذين يتدفقون إلى قرى فيينا وجبال الألب في الصيف.
ويتعامل مسؤولو السياحة بحذر حيال تلك القضية، حيث باتوا بين خيارين كلاهما صعب .. ما بين الأثرياء العرب الذين ربما يفضلون الابتعاد، والرأي العام النمساوي الذي يؤيد الحظر .
وقال نوربرت كيتنر رئيس مجلس السياحة في فيينا إن تلك القواعد الجديدة لن تغير صورة المدينة متعددة الثقافات ومتعددة الأعراق.
وكيتنر ليس سعيدا بأن يشمل حظر النقاب أيضا منع الأقنعة الصحية، إلا إذا كان المستخدمون بحاجة إليها لأسباب طبية قوية وثابتة .
وهذا يمكن أن يسبب مشاكل لسائحي شرق آسيا الذين يستخدمون مثل هذه الأقنعة لمنع نشر العدوى أو أن تلحق بهم عدوى .
وذكر كيتنر: "أنهم يفعلون ذلك لاعتبارات تتعلق بالآخرين وعدم الاضرار بهم ، ومعاقبة ذلك السلوك شأنه شأن تقديم جواب على سؤال لم يسأله أحد".
وقالت أمينة بهجتى إن الحظر يمكن أن ينتج عنه تأثير معاكس لما يريده كورتس.
وأضافت أن ذلك قد يخلق شعورا بالتوتر بين المسلمين أكثر من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بتأكيد هويتهم الدينية".
وأكدت بهجتى أن ارتداء البرقع والنقاب يجب أن يكون "موضع تساؤل من منظور تطرفى "، ولكن في الوقت نفسه قالت إنه لم يتم إجبار أي من النساء المنتقبات اللواتي تعرفهن على ارتداء ذلك الزي من جانب أزواجهن.
وقالت: "إنهم يشعرون بأنهم على ما يرام عندما يرتدونه".
وأضافت أن تلك السياسة لا تفعل شيئا لتعزيز إدماج المهاجرين لأن الكثير من النساء اللواتي ترتدين النقاب هن في الأصل نمساويات تحولن من المسيحية إلى الإسلام.
في عام 2011، أصبحت فرنسا أول بلد أوروبي يحظر النقاب في الأماكن العامة. وقد حذت بلجيكا وبلغاريا ومنطقة تيتشينو السويسرية حذوها، بينما حظرت هولندا النقاب في المباني العامة.
وفي أبريل من هذا العام، اختار البرلمان الألماني فرض حظر محدود، يطبق فقط على الموظفات العموميات والمجندات ممن هن في الخدمة.
وأكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في يوليو أن مثل هذا الحظر قانوني وأيدت الرأي القائل إن هناك حاجة إلى أن يرى الأشخاص وجوه بعضهم البعض لبناء علاقات طبيعية والعيش في مجتمع ديمقراطي.
وقالت ميشائيلا كاردايس، المسؤولة العليا بالشرطة في النمسا، إنه فى هذا الشهر سيطبق ضباطها القانون "بطريقة حساسة ولكن حاسمة".
إذا رأت الشرطة امرأة منتقبة، سيحاول الضباط في البداية شرح القانون ومطالبتهن بخلعه. وفي مثل هذه الحالات، ليس هناك غرامة. وإذا لم تمتثل المرأة، يمكن إحضارها إلى مركز الشرطة لتحديد هويتها.
والنساء اللواتي يتم ضبطهن يمكن أن تحظين بالمساعدة من جانب رجل الأعمال الجزائري والناشط رشيد نكّاز. وعرض أن يقوم بتعويض النساء في النمسا إذا تعرضن للغرامة، مثلما فعل في دول أوروبية أخرى.
ويقول نكاز إنه أنفق 300 ألف يورو على تعويض مثل تلك الغرامات والتكاليف القانونية ذات الصلة حتى الآن.