ضربت جواهر الكتبي المثل الرائع في الشجاعة والقدرة على اتخاز القرار السليم في الوقت المناسب، والشجاعة لم تكن في الخطوات التى همت بفعلها وانما في سرعة الاداء ودخولها في الحالة ومحاولة انقاذ شخص بغض النظر عن هويته،
قد يبدو الأمر عادي جدا أن ننقذ شخص من الهلاك، ولكن الشئ غير العادي يتلخص في قدرتها على المساعدة بحرفية وجرئة للتعامل من النار المشتعله في جسد إنسان يستغيث، لم تكتفي بالصراخ والعويل والاستغاثة من المارة، ففي هذه الحالة كانت ستساعد السائق المشتعل بالنار بزيادة الصوت والاستغاثة لكنها فضلت الطريق الصعب وأن تقوم بالمساعدة الفعليه.
قيام جواهر باستخدام عباءتها في إطفاء السائق رمز لا يعرفه ولا يقدره الا العظماء، العباءة رمز الحشمة والعفة والعادات والتقاليد، العباءة تحمل في معناها الكثير فإذا كانت عباءة جواهر هي من اطفات النار المضرم في جسد إنسان فهذا يعني أن كل هذه السمات شاركت في انقاذ حياته من الهلاك.
وهذا الزخم الإعلامي ومقابلتها من القيادات الرشيدة وتكريمها من قبل أصحاب السمو حكام الإمارات لهو تكريم للمرأة بشكل عام ولا يقتصر التكريم هنا على أنها مواطنة ساعدت في عمل الخير بل لانها ساهمت في الاغاثة وكانت البطل المجهول خاصة وانها ادت ما عليها في صمت وخلفت من وراءها عباءتها ولا تبغي لا حمدا ولا شكورا على فعلها الخالص لوجه الله أو لوجه السلام، تركت عبائتها كما تركت سندرلا حذائها ومضت بلا عودة، وما كانت ستعلن عن مهمتها البطولية لانها في الأصل لم تهتم بالأمر أو تعطيه أكثر من حجمه، والسبب انها اقدمت عليه بلا بمقابل مادي أو شهرة.
مع صغر عمر جواهر الكتبي إلا أنها ركزت كل امكانيتها في عملية الانقاذ وتجاهلت التقنية الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، فنحن وللاسف نرى من يلهث وراء المواقف ليصورها وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي التى اخذت اسما منافيا لما تقدمه فهى مواقع قطع التواصل الاجتماعي، لم تهتم بتصوير رجل في مأساته بل تركت الشهرة خلفها لتقدم على عمل إنساني من الطراز الأول فمن أحيا إنسان فكأنما أحيا الناس جميعا لما قدمه من نموذج مشرف نقتدي به.
لو لم يسعى مسؤول الدفاع المدني بالبحث عن صاحبة العباءة التى أدلى بمواصفاتها السائق، لما توصل المجتمع إليها ابدا ولكانت هذه الحادثة في طي الكتمان والاسرار الشخصية التى كانت ستروى على سبيل الشهامة والحدث الذي مر مرور الكرام، البحث عن صاحبة العباءة لم يكن يرصد انها مواطنة أو غير مواطنة، البحث من أجل التكريم والاشادة، البحث لا يقتصر على إماراتية وانما على من خلفت وراءها العباءة، كانت ممكن تكون من أي جنسية غير إماراتية، هذا البحث يدل على عظمة هذا البلد وتمسكه بالمعروف وتكريم المتمييزين من البشر، هذا التكريم لا يحمل في طياته إلا الصورة المشرفة لفتاه اقدمت على انقاذ إنسان يستغيث بدون البحث في هويته أوجنسه أولونه وديانته.