ليس بالضرورة أن تكون جرائم العنف الأسري قد ازدادت في لبنان، لكن الأكيد أن بعضها تحوّل إلى قضايا رأي عام في الفترة الأخيرة العنف إلى حديث الساعة، وهم كل لبناني يرفض العنف.
في الأشهر القليلة الماضية شهد الشارع اللبناني جرائم عنف أسري ذهب ضحيتها عدد من النساء، إلا أن قصتين انتشرتا في الإعـلام ; الأولى قصة المواطنة اللبنانية رلى يعقوب، التي كانت تتعرض دائما للضرب من قبل زوجهـا، لكنهـا لـم تتكلم أو تقاوم خوفا على حياة أولادها، فاقتصـر الأمـر علـى إبــلاغ بعـض أفـراد أسرتهـا دون أن يحـركوا ساكنـا.. هكـذا تحدث المقربون منهـا.
هـذا الصمت حوّل رلى إلى جثة هامدة بعد أن توحّش زوجها وأشبعها ضربا حتى الموت في منزلهما في حلبا شمال لبنان، وأكد الطبّ الشرعي أنها تعرضت لضربة على الرأس، ليعود فيمـا بعـد ويتراجـع عن هذا التشخيص.
مقتل رلى يعقوب حرّك الرأي العام اللبناني ودفع بعض النشطاء إلى الضغط من أجل إقرار قانون حماية النساء من العنف الأسري في المجلس النيابي وهذا ما حدث.
القصة الثانية حصلت منذ نحو أسبوع، ولا تختلف من ناحية فظاعتها عن الأولى، إذ قام زوج المواطنة منال عاصي (محمد النحيلي) بالاعتداء عليها بالضرب بعد احتدام النقاش بينهما بسبب زواجه من امرأة أخرى، مستخدما أدوات الطبخ والكراسي وعصي التنظيف.
ودفعه جنونه إلى الاتصال بوالدتها وإعلامها بما أقدم عليه، وطلب منها القدوم لمشاهدة ما يفعل بابنتها أمامها.
فوصلت عائلتها ونقلتها إلى المستشفى بعد أن قام بضربها على رأسها ضربة قاضية أدت إلى نزيف حاد، ما لبثت أن فارقت الحياة بعد ساعة من دخولها المستشفى.
وفي تصريح “مايوا عمار” المنسقة الإعلامية في مؤسسة “كفى عنفا واستغلالا”، التي تهتم بقضايا المرأة في كل المجالات، اعتبرت أن “جرائم العنف الأسري كثيرة لكن التي يعترف فيها قليل جداُ، لذا فكثير من قضايا التعنيف الأسري لا تُعرف إلا في حال حصول حالة موت للمعتدى عليها، كذلك هناك بعض النساء اللواتي يمتن ولا يعلن أن سبب وفاتهن تعنيف الزوج”.
ولفتت عمّار إلى أن “الأرقام التي يمكننا الحديث عنها هي التي تصلنا كمؤسسة، إذ أن مركز الاستماع التابع لنا يستمع إلى نحو ثلاثمئة سيدة سنوياً، كما نتلقى أكثر من ألفي اتصال من نساء مختلفات يطلبن المشورة في شأن تعرضهن لتعنيف داخل منازلهن، إذ يحاولن حلّ الموضوع بمساعدتنا. كذلك يمكننا الحديث بالاستناد إلى تقارير قوى الأمن اللبنانية عن حوالي 12 امرأة يقتلن سنوياً بسبب تعنيف أزواجهن أي ما يعادل امرأة شهرياً، لكن لا يمكننا حصر الضحايا في هذا الرقم”.
وأكدت على أن: “قصص الضحيتين اللتين اشتهرتا في الإعلام متشابهتين، إذ لم تتوقعا أن تصل الأمور إلى هذا الحدّ، وكانتا تعتقدان أنها ضربة وستمرّ، كذلك هما تشبهان بعضهما لناحية صمتهما دائما على كل ما تتعرضان إليه”.
ورأت أن “المجتمع في لبنان أصبح أكثر وعيا عمّا كان عليه سابقا وذلك بسبب حملات التوعية التي تقوم بها مؤسسات وجمعيات المجتمع المدنـي في هـذا الشأن، إذ أن قضـايا المرأة لم تعد أقل أهمية من القضايـا الأخـرى، بل أصبحت في سلّم أولويات نسبة كبيرة من المجتمع، لكن إلى اليـوم لا تزال ثقافـة التبليـغ عـن حادثـة عنـف أسري غير منتشرة، إذ أن معظم الناس يعتبرون أن العنـف الأسري قضية خاصة تهم أصحابهـا فقـط، وليست شأناً عاماً، ولكن معالجـة هذا الأمر ليس مستحيلا وبحاجة فقط إلى وقت وجهد إضافيين”…