لعل أنجع وسيلة لتنظيم النسل ومنع الحمل في نظر العامة هي حبوب منع الحمل، لكن قلة قليلة هي من حاولت البحث في مكونات وكيفية عمل هذه الأخيرة، ذلك أن أساس تكوين هذه الحبوب هي هرمونات، والتي تعمل على منع تكوين البويضة لدى المرأة، وبالتالي عدم الحمل وعند أخذ المرأة للحبوب فإن جسمها يشعر أنه في حالة حمل وبالتالي يمتنع عن إنتاج البويضات التي تخصب بالسائل المنوي وتنتج حملا، هذه الحبوب تكون عادة ذات طابعين، الأول مركب من نوعين من الهرمونات وهي البروجسترون والأستروجين، أما الثاني فهو مكون من هرمون واحد هو البروجسترون.
ولفهم أكثر لكيفية عمل هذه الحبوب فانه وعند حدوث الحمل يتم تكوين الجسم الأصفر حول البويضة لحمايتها ولمنع إنتاج أي بويضات أخرى وهذا الجسم الأصفر يعمل لهذه الغاية على إطلاق هرمون البروجسترون فوظيفة هذه الحبوب هي إيهام الجسم بأنه في حالة تشبه الحمل وبالتالي يتوقف عن إنتاج البويضات مما يؤدي أحيانا إلى العقم الأبدي.
العقم ليس هو الخطر الوحيد المهدد لصحة المرأة، فالاكتئاب كذلك قد يصيبها بسبب هذه الحبوب، وذلك ما عملت جامعة كوبنهاغن بالدانمارك على إثباته من خلال دراسة قامت بها على مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و35 عاما ودون إصابتهم مسبقا باكتئاب.
وجد الباحثون أن النساء اللواتي استعملن حبوب منع الحمل كن الأكثر عرضة لأخذ مضادات الاكتئاب مقارنة باللواتي لم يستعملنها بنسبة 23 %، غير أنهم لم يستطيعوا إثبات الآليات المترابطة في العملية أو كيف تتم أساسا، وبالتالي لم يستطع الباحثون نصح النساء بالامتناع عن أخذ حبوب منع الحمل، لأنها ليست سببا مباشرا للإصابة بالاكتئاب بل من العوامل المسببة له.
وبغض النظر عن ذلك، يُعدُّ هذا الاكتئاب جديرا ليؤخذ بعين الاعتبار. وكما ذكرت صحيفة الغارديان أنَّ النساء أكثر عُرضة للاكتئاب بمقدار الضعف عن الرجال بعد البلوغ. فالمستويات المُتذبذبة من الهرمونين الجنسيين الأنثويين -الإستروجين والبرجسترون- متورطة بذلك، فكُلٌّ منهما متأثر باستخدام الحبوب المركبة كما ويُعتَقد أن ارتفاع مستوى كُلٍّ منهما قد يؤدي إلى انخفاض بالمزاج العام لدى النساء اللواتي يستخدمنها.
لذلك وجب على الناس الأخذ بعين الاعتبار النتائج الجانبيَّة المُحتملة للأدوية التي يستعملونها والتي تُعدُّ في هذه الحالة شبه مؤكدة وتشمل الاكتئاب وهو اضطراب خطير غالبًا ما يتم تجاهله من قِبل عامة الناس، ويُساء فهمه للغاية من الأشخاص العاديين والأطباء على حد سواء.
فأكثر من 350 مليون شخص يُعانون من الاكتئاب ونسبة كبيرة منهم يُقرِّرون إنهاء حياتهم أو إيذاء أنفسهم في حال لم تتم معالجته أو تشخيصه وعلى الرغم من أنَّه في بعض الأحيان يُنظر إليه على أنَّه اضطراب نفسي يعود لأسباب بيئيَّة، تمنح الكثير من الدراسات المصداقيَّة لنظرية أنَّ للاكتئاب أسباب بيولوجيَّة مرتبطة بالجينات الموروثة.
في نفس السياق حذرت الدكتورة هبة عيسوي أستاذ أمراض الطب النفسي بجامعة عين شمس السيدات اللاتي يتناولن الحبوب كوسيلة لمنع الحمل من الإصابة بالاكتئاب كأحد الأعراض النفسية التي تظهر على بعض وليس جميع النساء نتيجة لتناولهن الحبوب، وخصوصا التي تحتوي على نسبة عالية من هرمون الإستروجين والبروجسترون وهي من أكثر وسائل منع الحمل استخداماً وفعالية من قبل النساء لأنها سهلة الاستخدام.
وتشير إلى أن الاكتئاب الناتج عن الحبوب يحدث نتيجة لنقص في تركيز مادة الفوليك ونقص كمية فيتامين ب12 وكذلك فيتامين ب6 في المصل، وهى مواد ضرورية لقدرة الجسم في تمثيل مواد تعتبر نواقل عصبية أساسية لضبط المزاج، وتشير إلى أن هذه التغيرات الخاصة بالموصلات العصبية لا تظهر على جميع النساء المستخدمات لحبوب منع الحمل.
ولتفادي هذه الحالة المزاجية حسب الأستاذة يجب تناول جرعات إضافية يومية من فيتامين ب6 في حدود 20-40 مليجرام مع فوليك أسيد حوالى 500 مليجرام مع فيتامين ب 12 يوميا حتى تزول أعراض الاكتئاب الناتج عن تناول حبوب منع الحمل.