اقتحمت امرأة مصرية مهنة يحتكرها الرجال بالعمل بالحدادة في مدينة الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط.
على مدى 15 عاما ماضية تعلمت مها صبري بالتدريج المهارات اللازمة لهذا العمل الشاق بمساعدة زوجها في الورشة التي يعمل بها. وواجهت عائلة صبري صعوبات مالية دفعتها إلى تحدي التقاليد والضغوط الاجتماعية والعمل في هذه المهنة الشاقة.
وسخر كثيرون من اشتغال مها بمثل هذا العمل لكنها واصلت عملها بالرغم من الضغوط التي تتعرض لها.
وقالت “اعتقد كل من حولي في البداية أن ما أقوم به نوع من المظاهر أو شكل من الاستعراض، غير مدركين أن ظروفي صعبة، لا أحد يعرف ظروف الآخرين، لذلك لم تكن تهمني آراؤهم خصوصا وأن زوجي يشجعني وغير مبال بكلام الناس. وتحاول مها في نفس الوقت مواصلة تعليمها حيث تدرس بالسنة الأولى في معهد للفنادق والسياحة.
وتعلمت مها كيف تقوم بأعمال اللحام والثقب وكانت تراقب زوجها ويدعى السيد فوزي لتتعلم منه أسرار المهنة.
وقال فوزي “زوجتي إنسانة رائعة فهي أيام الامتحانات لا تتفرغ بشكل كامل للدراسة لأنها تساعدني وتقف معي في المحل من وقت لآخر وتهتم بطلبات الزبائن خصوصا إذا انشغلت أنا خارج المحل، إلى جانب حرصها صباحا على القيام بواجباتها المنزلية”.
ولا تزال مها تضع التعليم نصب عينيها وتسعى للحصول على المؤهل الدراسي في السياحة والفنادق وتؤكد في نفس الوقت الاستمرار في مساعدة زوجها في الحدادة.
وقالت مها “أقصى طموحاتي أن أكمل تعليمي أنا وأبنائي ونحصل جميعنا على أعلى الشهائد العلمية، وأن أحصل على وظيفة حكومية جيدة، وإن حصل ذلك فأنا لن أترك زوجي وسأظل أساعده من وقت لآخر”.
وبعد سنوات من العمل في الورش، اشترى الزوجان الآن ورشتهما الخاصة وبإمكانهما تدبير نفقات أطفالهما الثلاثة في وقت تواجه فيه مصر صعوبات اقتصادية شديدة.
وقالت صبري في تصريحات سابقة إنها تعمل في مهنة الحدادة، منذ أكثر من 16 سنة بسبب ظروف الحياة الصعبة والحلم بحياة كريمة لجميع أفراد الأسرة وخاصة مع التغير السريع في الأحوال الاقتصادية للدولة وارتفاع الأسعار. وأضافت أن يومها يبدأ من الساعة السادسة صباحا، حيث تقوم بإنهاء الأعمال المنزلية، قبل النزول إلى الورشة، ومع دقات الساعة التاسعة تتجه إلى الورشة لكي تبدأ يوما جديدا في عمل الحدادة.
كما أشارت إلى أنها كانت تذهب في بداية الأمر إلى ورشة الحدادة لكي تساعد زوجها في بعض الأعمال البسيطة مثل طلاء الأبواب والشبابيك بعد انتهاء الزوج من صنعها، لافتة إلى أنها أحبت الحدادة بفضل زوجها.
وأوضحت قائلة “على الرغم من أن الاشتغال على الأجهزة صعب، إذ تطلب الأمر وقتا حتى تعلمت والحمد لله، فإنه بإمكاني قص الحديد وجمعه ولحامه، وأستطيع أن أصنع أبوابا وشبابيك، وأعرف مقاسات الحديد وأنواعه وأصنافه، كما أني المسؤولة عن الحسابات داخل الورشة وأعمل على جميع الأجهزة مثل آلة اللحام والصاروخ وفرن النار والخرامة”.
وأفادت مها بأنها واجهت صعوبة في بداية العمل مع الناس في الشارع وأصحاب الصنعة؛ إذ كانوا يستغربون ويتساءلون لماذا اقتحمت هذه المهنة؟ باعتبار أنها من اختصاص الرجال لا النساء. وطالبوا بأن أعمل أي شيء آخر يتسم بالسهولة. كما أضافت أنهم أسرة سعيدة وسيستمرون في العمل إلى أن تصبح هذه الورشة مصنعا كبيرا.
ومن جانبه قال فوزي “مها هي التي أحبت الصنعة، وأنا أساعدها فقط، هي ‘شاطرة’ جدا وأنا أترك لها مسؤولية الورشة لفترة طويلة عندما يكون لدي عمل خارج المحافظة”.