كانت مصر من أوائل الدول التي نظمت مسابقات للجمال، وبدأت تنظيمها في العام 1929، بعد عامين فقط من انطلاق أول مسابقة عالمية بشروط محددة، بينها ألا يزيد الوزن عن 50 كيلوغراما والطول عن 170 سنتيمترا وألا يتعدى مقاس الحذاء رقم 39، وتتعهد الفتاة الفائزة بالامتناع عن الزواج لمدة خمس سنوات، إلى جانب ارتداء جميع الملابس المثيرة وملابس البحر التي تناسب قوامها.
وتغيرت اشتراطات ملكات الجمال بمصر حاليا وتمت الموافقة على التخلي عن شرط ارتداء ملابس البحر ومقاس الحذاء ووزن الخمسين كيلو ليكون الوزن مثاليا ومتوافقا مع الطول الذي يتراوح بين 160 و170 سنتيمترا مع التشدد أكثر في ما يتعلق بإجادة أكثر من لغة أجنبية واللباقة والتعليم، مع إمكانية اشتراك المحجبات.
وتقول آية أشرف، إحدى المشاركات في مسابقة ملكة جمال مصر، إن أعداد المتسابقات تتزايد بصورة مطردة، بسبب زيادة الوعي بتطور مفهوم الجمال، وعدم اقتصاره على الشكل الخارجي، فالأمر تعدى إلى تأهيل الفتيات من حيث القدرة على التواصل الفعال والتفكير السليم والثقة بالنفس.
وأكدت أشرف أن المسابقة تهدف إلى اختبار جمال الروح والقدرة على خدمة القضايا الاجتماعية والتنموية، وباتت قريبة الشبه من المسابقات الغربية التي قد تنجح فيها بعض الفتيات من أصول أفريقية في تمثيل دول أوروبية في مسابقة ملكة جمال العالم لحصد اللقب.
أثارت مسابقة ملكات جمال مصر للعام الماضي حالة من الجدل بعدما شهدت هجوما من قبل بعض الدوائر الاجتماعية على المستوى الشكلي للمترشحات، حتى أن فنانا مثل محمـد هنيدي انضم إلى قائمة المهاجمين، ونشر صورا له وهو يؤدي أدوارا نسائية في أفلامه ومسرحياته، واعتبر أن شكله فيها كان أجمل من غالبية المشتركات في المسابقة.
وقالت فرح شعبان، التي تم تتويجها ملكة جمال مصر 2017 منذ أيام قليلة، لـ”العرب” إنها لم تلق معارضة من أسرتها عند إبداء رغبتها في المشاركة في المسابقة، وسوف تعمل خلال الفترة المقبلة على دراسة ما يجب عليها تقديمه باعتبارها “ملكة جمال”، وفي مقدمة ذلك تقديم برامج تلفزيونية ناجحة ومرحة للأطفال.
وتدرس شعبان علوم الكمبيوتر بالجامعة البريطانية في مصر، وتحب القراءة والسباحة والتمثيل، وخاضت على مدار شهرين عدة تصفيات ضمن 266 مرشحة تم تصفيتهن إلى 22 مرشحة في المرحلة قبل النهائية، وتم اختيار خمس منهن لخوض المرحلة النهائية، لتحصد واحدة منهن اللقب.
ورغم تأكيد منظمي مسابقة ملكة جمال مصر 2017 على أن المسابقة لا تعتبر الجمال الفيصل الوحيد، إلا أن تكوين اللجنة ذاتها يبدو مخالفا، وغلب عليها الفنانون وملكات الجمال السابقات، كالفنانتيّن راندا البحيري، ورانيا منصور والفنانين أحمد فريد وحسام الحسيني، وأطباء تجميل الأسنان حسام تحسين، ومحمد نجم، ومصمم الأزياء بهيج حسين، وخلود عز ملكة جمال السياحة بمصر، وملكة جمال العالم التشيكية تريزا سفالكوفا.
وأوضحت الدكتورة آمال رزق منظمة مسابقة ملكة جمال مصر 2017 أن عدد المشتركات في مسابقات ملكات الجمال تزايد بصورة قياسية، وتضاعفت أعداد المتقدمات لها أربعة أضعاف عن عام 2016، ما اضطر المنظمين إلى إنهاء التقديم بعد أسبوعين فقط من فتح بابه إلكترونيا.
وأضافت رزق أن العدد تزايد ليصل إلى 266 فتاة، بعد اكتساب المسابقة سمعة جيدة في ما يتعلق بحفاظها على قيم وتقاليد المجتمع، وتم الاتفاق مع المنظمين على عدم ارتداء الفتيات ملابس مثيرة للغرائز، وعدم التركيز على المظهر والجمال الخارجي للفتاة، وتتضمن الثقافة والحالة النفسية والذكاء الاجتماعي.
اجتذبت المسابقة فتيات من خارج القاهرة، وضمت البعض من محافظات صعيد مصر المعروفة بحفاظها على التقاليد والعادات، ولا تزال قاصرة على بنات الأسر الغنية، وعدد قليل من فتيات الطبقات فوق المتوسطة، الأكثر تقبلا لفكرة الاشتراك في مسابقات تتعلق بأنوثتهن في المقام الأول.
وشددت رزق على أن الصورة الذهنية لمسابقات ملكات الجمال اختلفت لدى الأسر المصرية، بعدما تعرفت على تجارب المشاركات السابقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبات أحد أهدافها الرئيسية خدمة المجتمع، ما شجع عائلات على عدم الممانعة إذا ما أبدت بناتهن رغبتهن في الانضمام إلى المسابقة، خصوصا أن الاشتراك لا يتضمن دفع مبالغ مالية باهظة.
وأهم ما يركز عليه المنظمون هو الوزن، ويشترطون على المنضمات اللائي يزيد وزنهن عن الوزن الطبيعي بأن يعدن إلى الوزن المثالي خلال أسبوعين فقط من تاريخ التقدم للمسابقة، ويجرى لهن اختبار للوزن بعد أول أسبوع لمعرفة مدى التزامهن بالنظام الغذائي، وفي حال زيادة الوزن أو ثباته يتم استبعادهن.
ونشبت أزمة في مسابقة 2016 بعدما هاجمت إحدى المشاركات المستبعدات بسبب الوزن الزائد المنظمين، وقالت إنه تم استبعادها لأسباب أخرى غير الوزن، وهو ما نفته اللجنة مؤكدة أن وزن المتسابقة يزيد عن الطبيعي بـ7 كيلو غرامات.
وتشير رزق إلى أن الحد الأدني للطول المقبول في المسابقة 160 سنتيمترا بوزن 58 كيلو غراما والأقصى 170 سنتيمترا بوزن 68 كيلو غراما ولا بد أن تصل الفتيات بعد أسبوعين إلى الوزن المثالي لضمان بقائهن في المسابقة.
ووفقا للمنظمين يعد الاختبار النفسي هاما جدا لمعرفة كيف تتصرف المتسابقة في حال وقوعها في موقف حرج بالمسابقة، فالجمال ليس في الشكل فقط، لكنه ثقافة ولباقة ودبلوماسية في الخروج من المواقف والتعامل معها.
ويعتبر الجمال هاجسا لغالبية الفتيات، لكن مصريات كثيرات لم يمتلكن الجرأة للاشتراك في مسابقات الجمال خوفا من أن يتهمن بالمتاجرة بأجسادهن، ومع تغير ثقافة المجتمع باتت الشابات أكثر جرأة على تقديم أنفسهن من الداخل قبل أن زينة الخارج.