نتابع اليوم حديثنــا في الجزء الثاني من عائلة السين والفاء وما يتوسطهمــــــــــا (س + ؟ + ف) فنقـــــول :
(س ع ف) : السَعْفَةُ بالتسكين في الأصـل : قروحٌ تَخرج برأس الصبي ، تقـــــول منه : سُعِف الغلامُ ؛ فهو مَسعوفٌ.
والسَعَفَةُ بالتحريك: غصنُ النخلِ ، والجمع سَعَفٌ.
والسَعَفُ أيضاً: التَسَعُّثُ حول الأظفار. (والفاء والثاء عند العرب تتعاوران ، ومثال ذلك الثوم والفوم في القرآن الكريم ) .
وقد سَعِفَتْ يَدُهُ بالكسر، مثل سَئِفَتْ. قال ابن السكيت: السَعَفُ داءٌ يأخذ في أفـــواه الإبل كالجرَب يتمعّـط منه خرطومها وشعر عينها . يقال ناقةٌ سعفاءُ وبعيرٌ أَسْعَفُ، وقد سُعِفَ. ومثله في الغنم الغَرَبُ.
والأَسْعَفُ من الخيل: الأضيَبُ الناصيَة أو الأبيض ، فإذا ابيضّتْ كلها فهو الأصْبَغُ .
وأَسْعَفْتُ الرجلَ بحاجته ، إذا قضَيتَها له. ووجه الإطلاق واضح .
والمُساعَفةُ: المواتاةُ والمساعدةُ.
(س غ ف) : جذر مهجــــــــــور .
(س ف ف) : سَفِفْتُ السَّويقَ والدَّواءَ ونحوهما، بالكسر، أَسَفُّه سَفّــاً واسْتَفَفْتُه : قَمِحْتُه إذا أَخذته غير ملتوت ، وكل دَواء يؤخذ غير معجون فهو سَفُوفٌ ، بفتــح السين، مثل سَفُوفِ حبّ الرُّمان وحبوب السمسم ونحوه، والاسم السُّفّةُ والسَّفُوفُ.
واقْتماحُ كل شيء يابس سَفٌّ ؛ والسَّفوفُ: اسم لما يُسْتَفُّ.
وقال أَبو زيد: سَفِفْتُ الماءَ أَسَفُّه سَفّاً وسَفِتُّه أَسْفَتُه سَفْتاً إذا أَكثرت منه وأَنت في ذلك لا تَرْوَى.
والسُّفَّةُ: القُمْحةُ .
والسَّفَّةُ: فِعْـل مرة . الجوهري: سُفّة من السويق ، بالضم، أَي حَبّة منه وقُبْضــةٌ.
وفي حديث أَبي ذر: قالت له امرأَة: ما في بيتك سُفَّةٌ ولا هِفّةٌ ؛ السُّفَّة ما يُسَفُّ من الخُوص كالزَّبيل ونحوه أَي يُنْسَجُ ، قال : ويُحتمل أَن يكون من السَّفُوفِ أَي مــــا يُسْتَفُّ . والسّفوف شكل صيدلاني قديم للدواء الذي يكون حبيبات جافة تؤخذ بلعـا.
فإذا ما عُجِن السفوف مع سواغٍ آخر كالعسل مثلا فلا يُسمى سفوفا،
وسفاسف الأمور أدناها وأردؤها، من أسفّت الغيمة إذا د َنَتْ من الأرض. والسَّفِيفَةُ: بِطانٌ عَريضٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ . والسَّفِيفُ : حِـزامُ الرَّحْـــــــل والهَوْدَج .
والسَّفائفُ ما عَرُضَ من الأَغْراضِ ، وقيل : هي جميعهـا. ومن أثـاث العروس إذا جهزّوها شيءٌ يُسمى السفيفة من وهدهــا تشبه القطيفة تُعلّق بالبيت.
(س ق ف) : قال في اللسان :
السَّقْفُ: غِماءُ البيت، والجمع سُقُفٌ وسُقُوفٌ، فأَما قراءة من قرأ: (( لجعلنــا لمن يكفر بالرحمن لبُيوتهم سَقْفاً من فِضَّة)) سورة الزخرف / 33. فهو واحد يدل على الجمع، أَي لجعلنا لبيت كل واحد منهم سَقْفاً من فِضّة، وقال الفراء في قوله تعالى: (سُقُفاً من فضة): إن شئت جعلت واحدتها سَقِيفةً، وإن شئْتَ جعلتَهـــا جمع الجمع كأَنك قلت سَقْفاً وسُقُوفاً ثم سُقُفاً كما قال : حتى إذا بُلَّتْ حَلاقِيمُ الحُلُقْ وقال الفراء: سُقُفاً إنمـا هو جمع سَقِيفٍ كما تقول كَثِيبٌ وكُثُبٌ ، وقد سَقَفَ البيتَ يَسْقَفُه سَقْفــــاً والسماء سَقْفٌ على الأَرض ، ولذلك ذكِّـــــر في قوله تعالى : (السماء مُنْفَطِرٌ به)، سورة المزمل / 18 ، و(السَّقْفِ المرفوعِ) سورة الطور /5.
وفي التنزيل العزيز: ((وجعلنا السماء سَقْفاً محفوظاً)) سورة الأنبياء / 32.
والسَّقِيفةُ : كل بناء سُقِفَتْ به صُفَّةٌ أَو شِبْهُهــا مـما يكون بارِزاً، ويسميها العامّــة عريشة . والسَّقْفُ السماء . والسّقيفَةُ : الصُّفَّةُ ، ومنه سَقِيفةُ بني ساعِدةَ . وأهـل الصّفّة من الصحابة الكرام كانوا يعيشون تحت سقيفة المسجد النبوي .
(س ك ف) : الأُسْكُفّةُ والأَسْكُوفةُ: عَتَبةُ البابِ التي يُوطَأُ عليها، والسَّاكِفُ أَعلاه الذي يَدُورُ فيه الصائرُ، والصائرُ أَسْفَلُ طَرَفِ البابِ الذي يَدُور أَعلاه؛ وأَنشد ابن بري لجرير أَو الفرزدق، والشكُّ منه:
ما بالُ لَوْمِكَها وجِئْتَ تَعْتِلُهــا، *** حتى اقْتَحَمْتَ بها أُسْكُفَّةَ البابِ
كِلاهما حِينَ جَدَّ الجَرْيُ بينهما *** قد أَقْلَعا، وكِلا أَنْفَيْهِما رابي(*).
وجعله أَحمد بن يحيى من اسْتَكَفَّ الشيءُ أَي انْقبَض.قال ابن جني: وهذا أَمْرٌ لا يُنادَى وَلِيدُه. أَبو سعيد: يقال لا أَتَسَكَّفُ لك بيتاً مأْخوذ من الأَسْكُفّةِ أَي لا أَدخل له بيتاً. والأُسْكُفُّ مَنابِتُ الأَشْفار، وقيل: شعر العين نفسُه؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: تُخِيلُ عَيْناً حالِكاً أُسْكُفُّها، لا يُعْزِبُ الكحلَ السَّحِيقَ ذَرْفُها أُسكفها: منابتُ أَشفارها، وقوله لا يُعزبُ الكحلَ السحيق ذَرْفُها يقول: هذا خِلْقة فيها ولا كُحْل ثَمّ، وذَرْفُها: دَمْعُها؛ وأَنشد أَيضاً:
حَـوْراء، في أَسْكُفِّ عَيْنَيها وَطَفْ،*** وفي الثَّنايا البِيض منْ فِيها رَهَفْ
الرَّهَفُ: الرقة. قال الجوهري: الإسكافُ واحد الأَساكِفةِ. وقال ابن سيده: والسَّيْكَفُ والأَسكَفُ والأُسْكُوفُ والإسكافُ كله الصانعُ، أَيّاً كان، وخصَّ بعضهم به النَّجّارَ؛ قال:
لم يَبْقَ إلا مِنْطَقٌ وأَطْرافْ، وبُرْدَتانِ وقَمِيصٌ هَفْهافْ، وشُعْبَتا مَيْسٍ بَراها إسْكافْ
والإسكاف والإسكافي صانع الأحذية لتعامله مع الجلود ، وهذا يؤكد مذهب من قال باطلاق الإسكاف على الصناع عامة وليس تخصيصه بالنجار، والمسكوف سمك مشوي في العراق ، بطريقة خاصة قوامها تغطية السمك بالبهارات الخاصة ثم تغطيته بالجمر ، وأظن أن تسمية مسكوف أتت من هنا (مُغَطَّـى) .
وقرية (سكوفية) في قضاء الزويّة بحوران (قضاء فيق) ، اسمهــا عربي تمامـــا وجاء من السكوف أي السجوف ، كثرة الجدر والجبال والموانع الطبيعية فيهـــــا وليس لها علاقة بالمسيح كما يزعم بعض الجهال ويروّجون دون أثارةٍ من علم .
(س ل ف) : السلف تشير إلى الماضي بلغة القوم . قال المعجميون :
سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفاً وسُلُوفاً: تقدَّم؛ ومضى . وسَلَفُ الرجل: آباؤُه المتقدّمون، والجمع أَسْلاف وسُلاَّفٌ.
وقال ابن بري: سُلاَّفٌ ليس بجمع لسَلَفٍ وإما هو جمع سالِفٍ للمتقدّم، وجمع سالِفٍ أَيضاً سَلَفٌ، ومثله خالفٌ وخَلَفٌ، ويجيء السلَفُ على معان: السَّلَفُ القَرْضُ والسَّلَم، ومصدر سَلَفَ سَلَفاً مضى، والسَّلَفُ أَيضاً كلُّ عملٍ قدَّمه العبدُ، والسَّلَفُ القوم المتقدّمون في السير؛ قال قيس بن الخطيم: لو عَرّجُوا ساعةً نُسائِلُهُمْ، رَيْثَ يُضَحّي جِمالَه السَّلَفُ
وأَسْلَفه مالاً وسَلَّفَه: أَقْرَضه؛ السَّلَفُ نوع من البيوع يُعَجَّل فيه الثمن وتضبط السِّلْعةُ بالوصف إلى أَجل معلوم، وهـو الذي يسميه الفقهاء (السَّلَم) ، وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال: مَن سَلَّفَ فَلْيُسْلِفْ في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أَجل معلوم .
(س م ف) : مهجـــــــــــــــــــور .
(س ن ف) : جذر يشير إلى الضمور والرشاقة ، جاء في اللسان :
السِّنافُ: خَيْطٌ يُشَدُّ من حَقَبِ البَعير إلى تَصْدِيره ثم يُشَدُّ في عُنُقِه إِذا ضَمَرَ، والجمع سُنُفٌ. الجوهري: قال الخليل السِّنافُ للبعير بمنزلة اللّبَبِ للدابة؛ ومنه قول هِميانَ بن قحافَةَ:
أَبْقى السِّنافُ أَثراً بأَنْهُضِهْ،*** قَريبةٍ نُدْوَتُه من مَحْمَضِهْ
وسَنَفَ البعيرَ يَسْنُفُه ويَسْنِفُه سَنْفاً وأَسْنَفَه: شدَّه بالسِّنافِ؛ قال الجوهري: وأَبى الأَصمعي إلا أَسْنَفْتُ. الأَصمعي: السِّنافُ حبل يُشَدُّ من التَّصْديرِ إلى خَلْفِ الكِرْكِرةِ حتى يَثْبُتَ التصْديرُ في موضِعِه.
وأَسْنَفْتُ البعير: جعلت له سِنافاً وإنما يفعل ذلك إذا خَمُصَ بطنهُ واضْطَرَبَ تصدِيرُه، وهو الحِزامُ.
وهي إبل مُسْنَفاتٌ إذا جعل لها أَسْنِفةٌ تجعل وراء كراكِرها. وفي البادية الشامية وحوران يُقال للرجل الرشيق النحيف باعتدال (سنافي) ، ومن أغانيهم الشعبية:
أبو راشد يا السنافي *** منقع العــزِّ والطيبِ
(س هـ ف) : السَّهَفُ والسُّهافُ: شِدَّةُ العَطَش، سَهِفَ سَهَفاً، ورجل ساهِفٌ ومَسْهوفٌ: عطشان. ورجل ساهِفٌ وسافِهٌ: شديدُ العطَشِ.
وناقةٌ مِسْهافٌ: سريعة العطش.
والسَّهْفُ تَشَحُّط القتيل في نَزْعِه واضْطِرابُه؛ قال الهُذَليّ:
ماذا هنالِكَ من أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ،*** وساهِفٍ ثَمِلٍ في صَعْدَةٍ قَصِمِ؟
وسَهَفَ القتيلُ سَهْفاً: اضْطَرَب، وهو يحتضر ويجود بنفسه .
(س و ف) : سوف: كلمة معناها التنفيس والتأْخير؛ قال سيبويه: سوف كلمة تنفيس فيما لم يكن بعد، أَلا ترى أَنك تقول سَوَّفْتُه إذا قلت له مرة بعد مَرَّة سَوْفَ أَفْعل؟ ولا يُفْصل بينها وبين أَفعل لأَنها بمنزلة السين في سيَفْعَل. وقال ابن سيده: وأَما قوله تعالى : ((ولسوف يُعْطيك ربُّك فترضى)) سورة الضحى/5 ، اللام داخلة فيه على الفعل لا على الحرف، وقال ابن جني: هو حرف واشتقُّوا منه فِعْلاً فقالوا سَوَّفْتُ الرجل تسويفاً، قال : وهذا كما ترى مأْخوذ من الحرف؛ أَنشد سيبويه لابن مقبل:
لو ساوَفَتْنا بِسَوْف من تَجَنُّبِها *** سَوْفَ العَيُوفِ لراحَ الرَّكْبُ قد قَنِعُوا
انتصب سوف العَيُوفِ على المصدر المحذوف الزيادة.
(س ي ف) : السين والياء والفاء أصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء وطول. من ذلك السَّيف، سمِّيَ بذلك لامتداده.
ويقال منه امرأةٌ سَيفانةٌ، إذا كانت شَطْبة وكأنَّها نَصْلُ سَيف. قال الخليل بن أحمد: لا يُوصَف به الرَّجُل.وحدَّثني عليُّ بن إبراهيم* عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن الكسائيّ: رجلٌ سيفانٌ وامرأةٌ سيفانة.ومما يدلُّ على صحَّة هذا الاشتقاق، قولُهم سِيف البحر، وهو ما امتدَّ معه من ساحله ومنه السِّيف، ما كان ملتصقاً بأصول السَّعَف من الليف، وهو أردؤُه.
وهكذا نلاحظ التقارب بين جذور هذه العائلة اللغوية الواسعة ، ودوران المعاني فيها بين التقشير والرقة والضعف وبين الحجب والغطاء أو رفعه، وبين التضمير وماحوله .
----------------------- حاشية :
(*)هذان البيتان للفرزدق، قالهما في أم غيلان بنت جرير، وكان جرير زوّجهــــــا الأبلق الأسدي.