أشار تقرير حالة سكان العالم 2017 والصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان تحت عنوان "عالم منقسم : الصحة الإنجابية والحقوق الإنجابية في زمن عدم المساواة"، أشار الى إتساع الفجوات في الثروات بشكل متسارع في العالم، حيث يكافح مليارات البشر في القاع، ويعانون من حرمان لحقوقهم الإنسانية ويفتقدون للأمل في الوصول الى حياة أفضل.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن 2473 مليارديراً في مختلف أنحاء العالم يملكون 7.7 تريليون دولار، وهو ما يعادل الناتج الإجمالي لـ 80% من دول العالم خلال عام 2015. ففي حين تنفق الأسر الثرية المليارات، هنالك ملايين الأسر التي تعيش على 1.25 دولار في اليوم.
وإذا كانت أوجه عدم المساواة تظهر بوضوح عندما يتعلق الأمر بالثروات والدخول لتشكل الحدود الفاصلة بين الأغنياء والفقراء، إلا أنه في الواقع ما هي إلا وجه من أوجه عدم المساواة المترابطة والمغذية لبعضها البعض ولها أبعاداً إجتماعية وعرقية وسياسية ومؤسسية.
غير أن الأبعاد المرتبطة بعدم المساواة بين الجنسين ومنها عدم المساواة في الوصول الى الصحة والحقوق الجنسية والصحية لم تحظ بالإهتمام المطلوب، مما يبقي على الكثير من النساء والفتيات مقيدات ويعانين من الفقر وضعف الإمكانيات والحقوق الإنسانية الضائعة والقدرات المهدورة، وفقاً لما جاء في التقرير.
الصحة الإنجابية حق إنساني عالمي
لقد إتفقت 179 حكومة من دول العالم خلال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994 على أن الصحة الإنجابية هي حق إنساني عالمي، فلجميع النساء والفتيات الحق في إمتلاك المعلومات والقدرة والوسائل الضرورية واللازمة ليقررن متى يصبحن حوامل، ومتى وكم مرة يردن ذلك.
وتضيف "تضامن" بأنه وحسب التقرير فإن إحتمال ولادة النساء بدون مساعدة أعلى بكثير في الخمس الأشد فقراً مما هو الحال لدى النساء اللاتي ينتمين الى الخمس الأكثر ثراءاً في الدول النامية، وهي الدول التي تعاني فيها 12.8 مليون فتاة مراهقة من عدم تلبية حاجاتهن الى وسائل تنظيم الأسرة.
وتساهم تشريعات العديد من الدول في إقصاء النساء عن القوى العاملة بأجر، فمن أصل 173 نظاماً إقتصادياً شملها التقرير، فإن 46 نظاماً يفتقر الى قوانين خاصة بالعنف الأسري. إضافة الى أن الفجوة في الأجور بين الجنسين التي تؤدي الى إنخفاض مدخول النساء، ويؤدي عدم المساواة بين الجنسين في مجال التعليم الى إنخفاض آخر في مدخول النساء، وبالتالي الخروج من سوق العمل قسراً.
وفي معظم الدول تقل عدد ساعات عمل النساء في الأعمال بأجر عن ساعات عمل الرجال، في حين أن معظم الأعباء والمسؤوليات عن الأعمال المنزلية والرعاية بدون أجر تقع على عاتقهن.وفي المعدل فإن النساء يقمن بـ 2.5 ضعفا لما يقوم به الرجال في الأعمال المنزلية.
89 مليون حالة حمل غير مرغوب فيها سنوياً في الدول النامية
إن 43% من حالات الحمل في الدول النامية هي حالات حمل غير مرغوب فيها ، حيث يسجل في هذه الدول وبشكل سنوي 89 مليون حالة حمل غير مرغوب فيها، و 30 مليون حالة ولادة غير مخطط لها، و 84 مليون عملية إجهاض، و 10 ملايين حالة إسقاط حمل، ومليون وفاة للمواليد.
ويؤكد التقرير على أن الفتيات المراهقات لا زلن صغيرات على الحمل، فمن بين 10 حالة ولادة بينهن 9 حالات منها تحدث نتيجة لعلاقة زواجية، وتشكل الفتيات دون عمر 15 عاماً حوالي 1.1 مليون حالة من أصل 7.3 مليون حالة ولادة لفتيات مراهقات دون سن 18 عاماً سنوياً في الدول النامية. ويذكر بأن 95% من حالات الولادة للمراهقات تحدث في الدول النامية، كما تزداد حالات الولادة لدى المراهقات في الأرياف وحينما تكون المراهقات أشد فقراً وأقل تعليماً.
10 إجراءات لعالم يتسم بمزيد من المساواة
وإختتم التقرير بعدد من الإجراءات التي من شأنها معالجة أوجه عدم المساواة التي تحول دون نيل النساء وخاصة الفقيرات لحقوقهن وتطلعاتهن والعيش على قدم المساواة مع الرجال، الى جانب توسيع فرص الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.
وتتخلص هذه الإجراءات في تأدية جميع الالتزامات والواجبات تجاه حقوق الإنسان كما إتفق عليها في المعاهدات والإتفاقيات الدولية، وتحطيم العوائق (سواء أكانت على شكل قوانين تمييزية أو أعراف أو فجوات في تقديم الخدمات) التي تحول دون وصول المراهقات والشابات الى المعلومات والخدمات الصحية الجنسية والإنجابية، وإيصال الرعاية الصحية الأساسية والمنقذة للحياة في مرحلة ما قبل الولادة ومرحلة الأمومة الى النساء الأشد فقراً، وتلبية جميع الإحتياجات غير الملباة في مجال تنظيم الأسرة وإعطاء الأولوية للنساء المنتميات الى نسبة الـ 40% الأفقر من الأسر، وتوفير الأرضية الملائمة للحماية الاجتماعية الشاملة بحيث تؤمن الضمان الأساسي للدخل وتغطي الخدمات الأساسية بما فيها المزايا والدعم الخاصين بالأمومة.
وتحسين الخدمات مثل رعاية الأطفال لتمكين النساء من الإنضمام الى القوى العاملة المأجورة أو البقاء فيها، وتبني سياسات تقدمية هادفة الى تسريع عملية زيادة دخل نسبة الـ 40% الأفقر من السكان بما فيها إستثمارات أوسع في مجال تنمية الرأسمال البشري المتمثل في الفتيات والنساء، وإزالة العقبات الاقتصادية والإجتماعية والجغرافية التي تحول دون وصول الفتيات الى التعليم وتحول دون التحاقهن بفروع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتوسيع عملية الإنتقال من الأعمال غير النظامية الى الأعمال النظامية اللائقة مع التركيز في البداية على القطاعات التي تضم نسباً كبيرة من العاملات الفقيرات وفتح المجال أمام وصول النساء الى الخدمات الإنتقالية وحيازة الممتلكات، والسعي الى قياس جميع أبعاد عدم المساواة ودراسة تأثيرها على بعضها البعض وتمتين الربط ما بين البيانات والسياسات العامة.
المؤشرات المتعلقة بالأردن والواردة في التقرير
وتضيف "تضامن" بأنه وحسب المعلومات الواردة في التقرير، فإن نسبة الوفيات النفاسية (عدد الوفيات لكل 100000 مولود حي) بلغت 58 حالة عام 2015، وأن نسبة حالات الولادة التي جرت تحت عناية موظفين في القطاع الصحي من ذوي الخبرة وصلت الى 100% عام 2016، وأن معدل المواليد بين المراهقات لكل 1000 فتاة في عمر 15-19 عاماً وصلت الى 26 حالة عام 2015.
أما فيما يتعلق بوسائل منع الحمل، فقد بلغ معدل إنتشار وسائل منع الحمل بين النساء في الفئة العمرية 15-49 عاماً خلال عام 2017 حوالي 62% بإستخدام أية وسيلة و 46% بإستخدام الوسائل الحديثة.وبلغت نسبة الطلبات الملباة للنساء من ذات الفئة العمرية 84% لأي وسيلة و 62% للوسائل الحديثة.