“أنا أيضا.. إذا كانت جميع النساء اللاتي تم التحرش بهن جنسيا أو اعتدي عليهن قد كتبن أنا أيضا، قد نعطي الناس إحساسا بحجم المشكلة”، أحدثت هذه العبارة ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، واختصرت ما تعانيه النساء في كل مكان، في الشرق والغرب، المدينة والريف، أماكن العمل ومراكز الترفيه، في هوليوود وعلى الأرصفة، في الجامعات والمقاهي، باختصار التحرش مشكلة كل النساء في مختلف أنحاء العالم، وهن مدعوات إلى مشاركة تجاربهن على هاشتاغ #metoo، #أنا أيضا.
وانتشر الهاشتاغ بعد أن نشرت النجمة الأميركية أليسا ميلانو تغريدة على حسابها عبر تويتر دعت فيها كل النساء اللواتي تعرضن للتحرش أو لاعتداء جنسي إلى نشر تجاربهن وإرفاقها بهاشتاغ #أنا أيضا.
وحصدت تغريدة ميلانو أكثر من 40 ألف إعجاب وحوالي 60 ألف تعليق حتى الثلاثاء.
وانتشر الهاشتاغ عالميا ليرد في أكثر من مليون تغريدة خلال الأيام الماضية. وتفاعلت الملايين من النساء مع الهاشتاغ وتحدثن عن تجاربهن مع الاعتداء الجنسي أو تعرضهن للتحرش.
وسلط الهاشتاغ الضوء على ظاهرة التحرش والأثر النفسي الذي يتركه على من تعرّضن له، وكان التأثير مضاعفا في العالم العربي الذي يعاني من أزمة مستعصية في ظاهرة التحرش وشاركت العديد من النساء بكل أطيافهن الاجتماعية والثقافية تجاربهن، في محاولة لكسر الصمت، وقالت داليا خوري من الأردن في منشور على فيسبوك “أنا كمان #metoo. من 13 سنة، كسرت حاجز الصمت عن التحرش الجنسي بمدينتي عمان بفيلم وثائقي. التحرش اللفظي كان يتعبني يوميا والفيلم معني بهذه الظاهرة بشكل خاص”.
وانضمت النساء في مصر للتدوين على هاشتاغ “أنا أيضا” إذ تعاني البلاد من اتساع لظاهرة التحرش منذ سنوات طويلة إلى مستوى خطير، وقدرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن نسبتها في مصر بلغت حدا قياسيا (يطال حوالي 99 بالمئة من النساء) في عام 2013.
وشهد الهاشتاغ تفاعلا واسعا بين النساء على منصات التواصل الاجتماعي بمصر، حيث اعتبرته العديد منهن “صرخة في وجه مجتمع لا يرحم المرأة” من خلال سرد قصص التحرش والاعتداءات الجنسية عليهن.
وقالت فاطمة عبدالسلام من مصر على فيسبوك أيضا “السيدات في كل العالم حاليا يكتبن على هذا الهاشتاغ يعني ‘أنا أيضا تعرضت للتحرش في يوم’ علشان يظهرن ضخامة المشكلة ويعلمن البنات والأولاد الصغار والسيدات ما يخافوش ولا يحسوا بالذنب لو تم التحرش بيهم وإنها مش غلطتهم”.
وأضافت “لما شخص قريب أو غريب يتحرش بيك عمرها ما تكون غلطتك، هي دايما غلطته، هو المريض ومش سوي، هو إللي معندوش أخلاق، هو المذنب”.
وشارك الناشطون الرجال أيضا في هذه الحملة العالمية ضد التحرش وقال علاء الشيخ من مصر “بمناسبة حملة #أنا أيضا اللي أنا شايفها خطوة إيجابية جدا تجاه قضية من أهم القضايا اللي موجودة في مجتمعنا، طبعا المشكلة هذه لها أسباب كثيرة جدا مثل أن ما فيش أخلاق، فيضان جهل، كبت…..الخ”.
وأضاف “لكن أهم مشكلة من وجهة نظري هي الجهة المسؤولة عن الحد من التحرش في الشارع لأن القوانين جميلة وتفرح بس على الورق، فعلى أرض الواقع؛ لما شخص يتحرش بواحدة بنت في الشارع والبنت تطلع شجاعة وتأخذ المتحرش على القسم، غالبا أن ما سيحصل أنهم (الضباط والعساكر) يقنعوا البنت أنها تتنازل ‘علشان ما تضيعش مستقبله’ وأن ‘منظرك إيه قدام الناس” ده لو هم نفسهم ما اتحرشوش بيها.
وتابع في منشور على فيسبوك “لما الناس يكون عندها وعي بالمشكلة دي خطوة مهمة، إنما حل المشكلة الآن يقع في يد الدولة ورجالها (السُلطة التنفيذية)”.
وبالتأكيد كان هناك حضور لأشخاص يجدون العذر دائما للمتحرشين، فقال أحدهم “المتحرش بالمجتمع العربي ضحية يستحق المواساة، فهو ضحية محتوى إباحي انحلالي بالإنترنت وإعلام فاسد مع لبس فاضح للمرأة وادعاء التحرر مع فقر وأزمة اقتصادية مع منع الملاهي الليلية”. ويأتي تفاعل النساء على الهاشتاغ عقب يوم من وقوع حادث اعتداء على فتاة، إثر قيام شخص بإصابتها بجرح قطعي في الوجه باستخدام سلاح أبيض (شفرة حادة) أثناء سيرها بمنطقة مصر الجديدة، شرقي القاهرة.
وقالت الحقوقية المصرية، داليا عبدالحميد، خلال مشاركتها على الهاشتاغ بموقع فيسبوك “معظم الرجال يريدون التحرش بالنساء وتعنيفهن دون إزعاج، حتى لا يخرج المتحرش من السجن وينتقم من ضحيته (…) لن نعنف ولن نصمت بعد اليوم”.
فيما وجهت الصحافية المصرية مي شمس الدين نصيحة للرجال على الهاشتاغ قائلة “أرجوك أن تعيد النظر في علاقاتك بالنساء المقربات منك، حتى لا تكون أنت والدنيا والمجتمع عليهن”.
وغلظت مصر في عام 2014 العقوبة على جريمة التحرش الجنسي لتصل إلى الحبس 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 3000 جنيه (170 دولارا أميركيا)، ولا تزيد على 5000 جنيه (285 دولارا). ومؤخرا، توسع القانون المصري في تعريف جريمة التحرش ليشمل “كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية”.