الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

نساء ولجن عالم الشغل الليلي رغم المضايقات والمخاطر

  • 1/2
  • 2/2

ولجت النساء ميدان الشغل وأصبحن ينافسن الرجال في شتى الميادين بما فيها العمل الليلي وفي مختلف الميادين كقطاع الشرطة والطب وغيرها وفيما كانت تقتصر بعض الأعمال على الرجال فقط،  وهذا بسبب الظروف المعيشية القاسية وغلاء المعيشة التي أجبرتهن على المغامرة بأنفسهن بغية مساعدة عائلاتهن وأزواجهن في تقاسم الواجبات الأسرية التي أضحى الدخل الفردي غير كاف لسد نفقاتها أمام ارتفاع تكاليف المعيشة.
إرتأت المحور اليومي الإحاطة أكثر بجوانب الموضوع والتطّلع عن قرب على ما يحمله ولوج المرأة للعمل في الليل من إيجابيات و سلبيات وتستطلع آراء بعض المواطنين من خلال جولاتها الميدانية ببعض شوارع العاصمة لمعرفة نظرتهم اتجاه المرأة العاملة، كما اقتربت من بعضهن لتتعرف على المشاكل التي تواجهها في حياتها اليومية.
الظروف المعيشية الصعبة وراء خروج المرأة للعمل ليلا
إن الظروف المعيشية المزرية كانت السبب الأكبر والأكثر وراء ولوج المرأة للعمل ليلا والمخاطرة بشرفها، وكتحد على أنها قادرة على مواجهة مختلف الصعوبات عكس ما يعتقده البعض، وفي هذا السياق إلتقينا بالآنسة شيماء البالغة من العمر 24 سنة، وهي عاملة في قطاع الشرطة وعندما سألناها عن سر اقتحامها للعمل الليلي أخبرتنا مند الوهلة الأولى أن السبب الرئيسي والدافع الأساسي وراء ذلك هو الوضع الإجتماعي المزري الذي بات يهدد معظم العائلات الجزائرية ذات الدخل البسيط، وقالت: الدخل الوحيد لعائلة تتكون من خمسة أو ستة أفراد حتما لا يكفي لسد جل متطلباتهم وحاجاتهم الضرورية، وعليه اضطررت إلى قبول العمل في هذا الميدان رغم المخاطرة بنفسي في منتصف الليالي من أجل مساعدة عائلتي في وقت لا يكفي راتب والدي البسيط على سد جل متطلبات العائلة..
نعيمة ربة بيت وأم لأربعة أطفال وهي إحدى هؤلاء النسوة التي خاطرن بأنفسهن واستغللن  شهادتهن العلمية من أجل تأمين مستقبلهن في مستوى أفضل وأرقى. نعيمة تعمل قابلة في إحدى المستشفيات بضواحي العاصمة قالت حول الموضوع: عمل المرأة في هذا المجال إجباري وضروري في كل الأوقات سواء نهارا أم ليلا، إذ أن حضورها يعني إعطاء الحياة لمولود جديد وإنقاذ حياة الأم.. فبقدر عظمة هذا العمل بقدر متاعب المناوبة الليلية التي تتقاسمها هؤلاء النسوة اللواتي يمارسن هذا العمل لأن معظمهن متزوجات وأمهات وواجبهن المهني يفرض عليهن المناوبة مرة كل أسبوع على الأقل، فهن تتعبن أولا وتهملن قسطا كبيرا من واجباتهن الأسرية تجاه الزوج والأبناء لأنه في الكثير من الأحيان الزوج لا يتفهم الوضع أحيانا ويخلق الكثير من المشاكل.
عمل المرأة الليلي محل جدل
يبقى عمل المرأة الليلي موضع جدل ومنازعة بين القبول والرفض خاصة إن كان زوجها أو حتى عائلتها تظن أن الفترة الليلية قد تمس بهيبتها وسمعتها وكرامتها، ولنحيط أكثر بجوانب الموضوع اقتربنا من العاملات ليلا وكذا بعض المواطنين و كانت لهم هذه الآراء. يوسف يرى أن ولوج المرأة للعمل ليلا ليس بالأمر السهل أو الهين ولم نألفه داخل مجتمعنا كونه يمس بشرف المرأة وسمعتها، في حين يجعلها أكثر عرضة للتحرش والإهانة من الرجال نتيجة المعاملة اللأخلاقية  وبالشكل غير اللائق والمطلوب.
رانية التي تحدثت لنا تقول عن طبيعة عملها ومختلف متاعبها: دخولي عالم الشرطة كان حلما يراودني منذ صغري حققته بعد جهد كبير، خرجت لأول مرة كشرطية مرور غير أنني لم أتأقلم مع الوضع لأن الشارع الجزائري لم يتقبل الأمر بسهولة، فرغم أنني كنت أرتدي زي الشرطية وأحمل سلاحا لكن الكثير من الرجال لم يعاملونني باحترام وتعرضت في العديد من المرات لعدة مضايقات جد محرجة ولولا الاستنجاد ببعض الزملاء لكانت العاقبة وخيمة، وعليه فضلت في النهاية أن أنقل إلى قسم العمل الليلي أين يقتصر عملي على مكتبي مع زملائي وأضطر من حين لآخر للخروج في مهمة طارئة أو مستعجلة لا غير، ومع هذا فعائلتي تلح علي أن أتوقف عن العمل الليلي كون أن مجتمعنا لا يرحم مهما اختلفت الظروف وتعددت.
وفي هذا الصدد أجمع الكثير من المواطنين الذين التقيناهم في مختلف شوارع العاصمة على أن عمل المرأة في ساعات متأخرة من الليل خرق للعادات والتقاليد خاصّة غير المتزوجات منهن، إذ أكدوا لنا أن العمل الليلي في مختلف اختصاصاته لا يتناسب مع دور المرأة كزوجة أو أم ولا يليق بفتيات عازبات، بالإضافة  إلى العبء الصحي والنفسي عليها.
خوف.. ضغط  وعرضة للمضايقات
يرى بعض المواطنين أن سبب إجحاف المجتمع للمرأة التي تعمل في الليل يعود إلى الخوف من المضايقات  والتحرشات التي تتعرض لها سواء من زملائها في العمل وأحيانا في النهار ليس فقط الليل، وكذا حين تعود لوحدها في وقت متأخر،  إذ ينظرون إلى عملها خلال هذه الفترات نظرة سلبية فهي الأكثر عرضة للمعاكسات والمضايقات حتى و إن كانت المعنية عفيفة، فتأخرها عن المنزل يدفع أصابع الاتهام إلى الإشارة نحوها، ناهيك عن القيل والقال الذي تتلقاه من الجيران وحتى الأقارب أحيانا بخصوص سمعتها وعودتها بمفردها ليلا في أوقات متأخرة.
مهما تعددت الأسباب والظروف فإن عمل المرأة الليلي سيبقى وسيظل  أمرا صعبا يلزمه التصميم حتى يقتنع الزوج وأفراد المحيط الأسري ككل، لأن الألسنة اللاذعة لا ترحم ونظرات الاستغراب لا تنقص حتما، والحديث عن عمل المرأة في الفترة الليلية بانعكاساته السلبية والايجابية ينطلق من الاقتناع بضرورته والتأكيد عليه لأن عمل المرأة بصفة عامة يعتبر ضرورة حيوية نفسية واجتماعية، يحسن مكانتها في الأسرة والمجتمع ويترك تأثيراته العميقة في مختلف المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، لأنها بعملها تساعد على دفع عجلة التنمية نحو الأمام.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى