يناقض التعميم النظرة الموضوعية الشمولية باعتباره تصورا ذهنيا خاطئا على الأغلب، فهو يقوم على أساس إطلاق أحكام عامة بالاستناد على حالات خاصة، أو الانتقال من الجزئي إلى الكلي أو من الخاص إلى العام.
أما من زاوية فلسفية بحتة، فإن التعميم يعني أخذ الصفات المشتركة بين الأشياء المفردة لجمعها في تصور واحد، وقد يتسبب التعميم السلبي في إطلاق الأحكام على الناس من دون وجه حق بسبب سلوك فردي، وربما مجموعة من السلوكيات التي تصدر عن جماعة من الأشخاص تنتمي إلى فئة واحدة؛ كأن تكون مجتمعا أو طائفة، قبيلة أو دينا، فيتم تعميم السلوك السلبي على المجموع من دون استثناء.
ووفق هذا المبدأ، يورد متخصصون بعض الأمثلة لتبيان خطأ التعميم؛ فبعض الأشخاص يمكن أن يتحلون بالهدوء باعتباره سمة شخصية ملازمة لهم، لكنهم وتحت ضغط ظروف معينة، قد يفقدون صبرهم ورباطة جأشهم فيثورون ويظهرون غضبا شديدا تجاه الآخرين، في حالة خارجة عن إرادتهم، وهي حالة مؤقتة سرعان ما تتلاشى مع زوال الدافع.
وفي هذا السياق، ينبغي تجنب إطلاق أحكامنا المتسرعة، من دون معرفة مسبقة بالشخص أو الظروف والملابسات التي أحاطت به، في اللحظة التي فقد فيها السيطرة على سلوكه.
ويرى الدكتور كليفورد لازاروس؛ طبيب نفسي ومدير معهد لازاروس النفسي والحاصل على الدكتوراه في علم النفس من جامعة روتجرز الأميركية، بأن إطلاق عبارات من مثل “أنت غبي”، “أنتِ أنانية”، “أنت رائع″، وغيرها تمثل تعميمات غامضة لوصف سلوك وقتي يصدر عن أشخاص، ربما تختلف سماتهم الشخصية بصورة كبيرة عن هذه المسميات، فحين يوصف أحدهم بأنه أناني فهذا يعني بأنه شخص يفضل مصلحته الشخصية دائما على مصلحة الآخرين، ولا يرى سوى نفسه في جميع الأحوال فضلا عن أنه يدور دائما في محور نفسه ولا يهمه إذا تعارضت مصلحته مع مصلحة الآخرين. إلا أن هذه السمات الشخصية قد لا تنطبق على سلوك معين في موقف محدد؛ فالتصرف بأنانية بسبب موقف طارئ لا يعني أن الشخص أناني بالضرورة.
ويؤكد لازاروس على أنه لا يمكن أن تتواجد أي سمة كانت في شخص معين بنسبة 100 بالمئة، فسمات مثل الأنانية، الهدوء، الذكاء، الطيبة، الإهمال وحتى الشرّ، قد لا تكون مطلقة، إلا أنها ربما تكون سمات غالبة عند صاحبها، ومن غير المنطقي أن نطلق أحكامنا التعميمية جزافا على شخص تصرف مثلا بإهمال في موقف حياتي معين، فنقرر بأنه شخص مهمل، في الوقت الذي يسلك في معظم أيامه سلوك المثابر والحريص على أداء عمله على أكمل وجه.
ويقرر متخصصون في علم النفس بأن معظم التعميمات التي نطلقها جزافا على الأشخاص، سواء كانوا من الغرباء أو المقربين منّا، الذين نعرفهم حق المعرفة أو لا نعرفهم على الإطلاق، تكون غير موفقة وخاطئة أغلب الأحيان، وهي قد تسبب إحراجا للمعنيين أو ربما تؤذي مشاعرهم. ومن هذا المنطلق، ينبغي أن نبتعد عن الكلمات والعبارات الواضحة المباشرة في وصفنا لسلوكهم الذي يمكن أن يكون مؤقتا؛ فيصحّ أن نعامل صديقا أفشى سرّا ما بشيء من الحذر، فنقول له مثلا “كان عليك أن تحتفظ بالسر، فالموقف دقيق”، خاصة إذا لم تكن هذه الصفة معروفة في شخصيته ومجرّد أمر طارئ قد يكون رد فعل لموقف معين، بصرف النظر عن كون تصرفه هذا بوعي أو بغير وعي منه.
وهذا بالطبع أفضل من أن ننعته بتسرع بصفة تعميم كأن نقول له “أنت إنسان لا يمكن الوثوق فيه فلا يستطيع أي أحد أن يأتمنك على سر!”. في حين، أن القيام بشيء رائع وتقديم المساعدة للآخرين في محفل عام لجمع التبرعات للمحتاجين، لا يعني بطبيعة الحال بأن المتبرعين يملكون صفة السخاء في العموم، فتبرعهم قد يكون مجرد رد فعل للموقف عامة، وربما هو حفظ للمظهر العام!
ومن أكثر صور التعميم قتامة، هو التعميم الذي يستخدم في انتقاد مجتمع بأكمله؛ أبناء أسرة واحدة، أبناء مدينة معينة، أتباع دين، قومية أو طائفة، لمجرد سلوك مرفوض قام به فرد أو عدد من أفرادها، ويأتي هذا التعميم غير الموضوعي في إطلاق الأحكام المتسرعة من دون بحث أو تحقيق أو تحرّ للحقائق. كما لا ينبغي أن نبني أحكامنا على جماعة من الناس في العموم بسبب خطأ أو هفوة أو سوء تصرف ارتكبه أحد الأفراد الذين ينتمون إليها.
أما الشخص الذي يقع على الطرف الثاني من حكم التعميم، وهو الشخص المعني بالنقد سواء أكان إيجابيا أم سلبيا، فيتوجب عليه لتفادي الوقوع في مشكلة سوء الفهم، أن يسأل الآخرين الذين يطلقون عليه النعوت جزافا بأن يكونوا محددين في إطلاق صفات قد لا تكون من ضمن أساسيات سمات شخصية متسقة ودائمة، عليهم أن يكونوا أكثر دقة وتحديدا للموضوع وهذا يتبع اختيارهم بصورة لائقة لكلماتهم، ومحاولتهم تجنب تعميم الصفة على السلوك الظرفي.