كنت قد نشرت في مدونات "هاف بوست عربي" الأسبوع الماضي مدونة فيها من المعلومات ما قد يكون مجهولاً لدى القارئ العربي، وبالفعل تبين لديّ من ردود الأصدقاء أنها معلومات صادمة للكثيرين، ومن أهم ما جاء في تلك المدونة تراخي القانون في أغلب الولايات الأميركية في مسألة زواج القاصرات.
قرأت للتو تقريراً لمنظمة هيومان رايتس ووتش بعنوان (القانون الأفغاني أكثر صرامة من قانون فلوريدا في زواج الأطفال) فرأيت أنه من المفيد ترجمته (بتصرف)
للقارئ في العالم العربي.
تقول كاتبة التقرير هيزير بار: أنا في كابول العاصمة الأفغانية لإعداد تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش عن العوز في النظام التعليمي للبنات في هذا البلد، وفي استراحة بين عدة مقابلات تلقيت إيميلاً عن فلوريدا، وأن أجلس في سيارة تويوتا على أحد الحواجز الأمنية، وقد غطت الأتربة السيارة من الخارج.
أفغانستان لديها مشكلة خطيرة في زواج الفتيات القاصرات، لكن ماذا عن ولاية فلوريدا الأميركية؟
يترافق زواج القاصرات في أفغانستان بمشاكل خطيرة تبدأ من ترك المدرسة، فالتعرض للعنف المنزلي، تعرضها للإيذاء الجسدي وحتى الموت أحياناً.
ولكن زواج القاصرات في الولايات المتحدة الأميركية يترافق مع ذات المخاطر سابقة الذكر.
القانون الأفغاني أكثر صرامةً
في الوقت الذي يحدد فيه القانون الأفغاني سن 16 أو 15 عاماً بموافقة الولي أو القاضي، فإن قانون فلوريدا لا يضع حداً عمرياً لزواج الفتاة الحامل ويشترط فقط موافقة القاضي.
قامت منظمة هيومان رايتس ووتش بالعديد من الأبحاث وأجرت مئات المقابلات حول العالم في كل من (أفغانستان، بنغلاديش، مالاوي، نيبال، جنوب السودان، تنزانيا، اليمن، زيمبابوي)، ودعمت خططاً لإنهاء زواج القاصرات في كل من (إندونيسيا، إيران، العراق، ماليزيا، نيجيريا، باكستان، المملكة العربية السعودية)، ومن بين كل هذه الدول في العالم الثالث فقط اليمن والسعودية لديها قانون يشبه قانون فلوريدا فيما يتعلق بزواج القاصر الحامل.
16000 حالة زواج لقُصّر في فلوريدا
فلوريدا واحدة من الولايات الأميركية الأعلى نسباً في زواج القاصرات وبلغ عددهن أكثر من 16 ألف حالة بين عامَي 2011 و2015.
وفلوريدا ليست وحيدة، فالزواج قانوني تحت سن الـ18 عاماً في كل الولايات، وفلوريدا واحدة من 25 ولاية تسمح بزواج الأطفال بأي سن في ظروف معينة، وحسب الإحصاءات بين عامَي 2000 و2010 تم تسجيل أكثر من 167000 حالة زواج أطفال في 38 ولاية أميركية.
إن زواج الأطفال مشكلة عالمية تحصل في كل الديانات والمناطق الجغرافية، وواحدة من بين أربع فتيات تزوجت تحت سن الـ18 عاماً، وحوالي 15 مليون حالة زواج أطفال تحدث سنوياً حول العالم، وبمعدل زواج كل ثانيتين، ومعظم هؤلاء الأطفال إناث ومعظمهن يتزوجن ذكوراً يكبرهن سناً وكثيراً ما يكون هذا الفارق كبيراً جداً. -
أبحاث كثيرة أجريت على الآثار السلبية لزواج القاصرات، وفي دراسة أُجريت في الولايات المتحدة تبين أن الإناث الأميركيات اللاتي تزوجن قبل سن الـ19 عاماً لم ينهِ 50% منهن المرحلة الثانوية ولم ينهِ إلا 25% منهن درجة جامعية، وعانى 31% منهن الفقر باقي حياتهن، وذلك مقارنة بقريناتهن اللاتي لم يتزوجن في سن مبكرة.
الآن وأكثر من أي وقت مضى تبدو مسألة إنهاء زواج الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية ضرورة ملحة جداً، وكذلك البحث عن آليات لتأمين مستقبل عشرات الآلاف من الأطفال الأميركيين الذين خاضوا هذه المغامرة الخطرة، وتبدو اللحظة حاسمة لاتخاذ إجراءات حاسمة في ظل السعي العالمي حول العالم لإنهاء هذه الظاهرة، ولأن الولايات المتحدة من الدول الداعمة لهذه المشاريع خارج حدودها، فمن الأولى بها أن تدعمها أيضاً في ديارها.
وفي إطار خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، التي دخلت حيز النفاذ في يناير|كانون الثاني 2016، وافقت بلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، على هدف إنهاء كل أشكال زواج الأطفال بحلول عام 2030.
وإن بلداناً كـ(جمهورية الدومينيكان والسلفادور وألمانيا وغواتيمالا وهندوراس ، وملاوي، ونيبال، وهولندا، وإسبانيا، والسويد) عدلت مؤخراً قوانينها في محاولة للحد من زواج الأطفال.
ووضعت بلدان أخرى كثيرة أو هي بصدد وضع خطط عمل وطنية لإنهاء زواج الأطفال بحلول عام 2030.
في الولايات المتحدة الأميركية فإن ولايات كنيويورك وتكساس وفرجينيا قد أقرت بالفعل قوانين عدة للحد من زواج الأطفال، وقريباً سيناقش قانون في فلوريدا هو الأول من نوعه في أميركا؛ لمنع الزواج تحت سن الـ18 عاماً، وفي حال أقر هذا القانون ستكون فلوريدا أول ولاية أميركية تحظر فعلياً زواج الأطفال.