أشار تقرير نشره موقع “آخر سلعة” الإلكتروني إلى توسع رقعة التحايل على الجزائريات من قبل صينيين، ما جعل تقارير أمنية تصنف الظاهرة كمشكلة أمنية سجلت ضمن الظواهر الآخذة في الانتشار وذات الأبعاد الخطيرة على تماسك المجتمع والمؤدية إلى نشاط ديني غريب عن تقاليد المجتمع.
وأضاف أن عددا من الفتيات في محافظة عنابة “شرق الجزائر” يشتكين من مشكلة الزواج العرفي من رعايا صينيين، وهو ما أكدته إحدى السيدات بمدينة عنابة، حيث تشتكي من تداعيات زواجها من صيني يقيم في الجزائر منذ سنة 2005 تزوجت منه قبل أربع سنوات بموجب عقد عرفي بتاريخ 30 أكتوبر 2014 وأنجبت منه ثلاثة أطفال، ومن هنا بدأت مشكلتها بعد أن تم رفض تسجيلهم، حيث رفعت ثلاث قضايا من أجل إثبات واقعة الزواج رغم أن زوجها الصيني اعتنق الإسلام، لكن قضيتين رفضتا بسبب عدم وجود عقد زواج ومحضر اعتناق الإسلام غير كافي، والقضية الثالثة لم يصدر فيها الحكم منذ سنة 2014.
وطالبت السلطات المحلية والمسؤولين بالتدخل من أجل إيجاد حل لوضعيتها وإعادة حق زوجها في الإقامة بالجزائر خاصة وأن سجله خال من أي قضايا وأنه دخل إلى الجزائر بطريقة شرعية، وإلحاق نسب الأولاد إليه.
وأظهر التقرير أن أكثر ما سهل هذا النوع من الارتباط هو لا مبالاة الكثير من الجزائريات بدين العريس أو ملته أو حتى استمرارية الزواج، لأنه أولا وأخيرا زواج مصلحة، أبطاله أجانب جاؤوا بهدف التجارة أو في إطار عقود عمل، لكن الأمور تتعقد في حالات إثبات النسب، ما جعل المحاكم تشهد العديد من القضايا.
وأكدت تقارير إلكترونية سابقة أن هذا النوع من الزيجات أصبح رائجا منذ تهافت الآلاف من الصينيين على الجزائر، وتعايشوا لمدة تزيد عن 12 سنة مع الجزائريين، وتزوجوا منهم دون عقد وأسسوا لبداية جيل جديد بملامح صينية، لكنهم في الحقيقة جزائريون بالنسب، سواء من أم جزائرية أو أب جزائري.
نشأت أكبر الأحياء الصينية بالجزائر في حي باب الزوار شرق العاصمة، حيث يقطن الصينيون رفقة عائلاتهم وأبنائهم الذين ولدوا في حي “تشاينا تاون” كما يعرف لدى عامة سكان باب الزوار، وسجلوا بشهادات مستخرجة من سجل الحالة المدنية ببلدية باب الزوار، ويتكلم أطفالهم العربية والعامية وكأنهم جزائريون.
استقروا إلى جوار الجزائريين، وشكلوا خليطا بشريا بزواجهم من جزائريين وجزائريات، حيث أثبتت التقارير وجود أمثلة كثيرة عن الزواج المختلط بين جنسيتين مختلفتين، فوجد الشباب الجزائري في الصينيات زوجات مثاليات على حد قولهم، إنهن غير مكلفات، فلا يكلف الزواج من صينية سوى فستان زفاف أحمر اللون، في حين يستفيد الزوج الجزائري من امتيازات كبيرة تمنحها له العائلة الصينية بعد الزواج من ابنتها، والبعض يقول إنه من يتزوج صينية يمنحونه مبلغا ماليا كبيرا ويساعدونه في دخول عالم التجارة.
ويرى علماء الاجتماع أن هذه المسألة جزء من الحراك البنيوي العام على الصعيدين الوطني والعالمي، موضحين أن الجديد في الظاهرة هو اتساعها على نحو يعكس الحراك الاجتماعي الذي أفرزته العولمة لتظهر لنا حالات الزواج عابرة الحدود.
وأضافوا أن هذه الحالات ارتفعت نسبتها فجأة، فاكتشف المجتمع الجزائري ارتفاع أعداد المتزوجات من جنسيات أجنبية، خصوصا من قارتي آسيا وأفريقيا، وهي حالة لم يعتدها الجزائريون من قبل.
وبرروا هذه الظاهرة باختلاف المعايير في اختيار الزوج لدى الأجيال الجديدة. وقالوا إن معايير السكن والأرصدة المصرفية صارت توضع جنبا إلى جنب مع التدين والوسامة.وأوضحوا أن ذلك قاد إلى اختيار زوج أجنبي قد يتحايل باعتناق الإسلام من أجل إتمام زيجة لا تمثل له سوى محطة عابرة أثناء وجوده مؤقتا في الجزائر.
وقال مختصون لموقع “جزايرس” في تقرير نشر في وقت سابق إنه حسب تحقيقات أمنية للشرطة فإن ظاهرة الزواج المختلط برزت مع قدوم الشركات الأجنبية إلى الجزائر، وما رافق ذلك من استقدام للأيدي العاملة الأجنبية.
كما أشاروا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في عدد الجزائريات اللواتي أقدمن على الزواج من أجانب غير مسلمين، خاصة من جنسيات لم يألفها المجتمع مثل التايلانديين والصينيين وجنوب أفريقيا، وهناك ما لا يقل عن 95 بالمئة من هذا النوع من الزيجات تنتهي بالفشل وفي أغلب الأحيان بعد انتهاء مدة عقد عمل الأجنبي مع شركته مباشرة، حيث تضطر الزوجة إلى الانتظار أشهرا للحصول على حق التجمع العائلي. ونبهوا إلى الصعوبات التي يتم بها هذا الزواج نظرا لاختلاف العادات.
وفي نفس السياق قالت نبيلة صابونجي، مختصة في علم النفس الاجتماعي “إن الزواج المختلط له مخاطر على تماسك المجتمع ومن شأنه الإخلال بسلامة النسيج الاجتماعي جراء الاختلاط بسلالات أجنبية، علاوة على أبعاده الخطيرة على هوية الشخص، وتأثيره على نفسية أبناء هذا الزواج جراء ما يسببه لهم من اختلاط في تكوين ذواتهم وعدم شعورهم بالاستقرار، بسبب اختلاف العادات”.
وأضافت قائلة “هناك مجموعة من الأسس والمعايير التي يمكن من خلالها أن نحدد إلى أي مدى ينجح ويستمر الزواج المختلط، وأهمها البناء القيمي لشخصين متقاربين في الثقافة العامة، وأيضا القدرة على التواصل الناجح والاحترام المتبادل وقبول الآخر، وكل هذا لا يتوافر إلا لدى أبناء الثقافة الواحدة، وحينما يتضح الاختلاف بينهما ستظهر عوامل الصراع، لأن الثقافة ليست فكرا فقط، وإنما هي فكر وسلوك أيضا إلى جانب أن لكل ثقافة رؤية خاصة إلى الآخر وأشكال التواصل المختلفة للبعد الاجتماعي والتنشئة، مما يؤثر على مدى العلاقة بين الزوجين”.
وأوضحت صابونجي قائلة «لا بد أن يتخلص كل طرف من العوامل السلبية في ثقافته، وإذا كانت هناك علاقة حب متبادلة وتقدير وحرص من جانب كل طرف على الآخر، ستكون عوامل النجاح أكثر من عوامل الفشل».
كما قالت “إن أغلب حالات الزواج المختلط لا تنجح، والحالات الناجحة إنما هي استثنائية، والسبب الأساسي في ذلك يعود إلى اختلاف المفاهيم والقيم ورسوخ تقاليد يصعب على الإنسان التخلص منها، ويجب أن يكون الزواج مبنيا على مصالح مشتركة، لأن الهدف منه بناء أسرة لها تقاليد”.