يعد التهاب الجيوب الأنفية من الأمراض المزعجة جدا؛ إذ يشعر المريض بالعذاب مع كل نفس يتنفسه، بالإضافة إلى الصداع وفقدان حاسة الشم. ويمكن علاج الالتهاب بالأدوية، ولكن في بعض الحالات قد يتطلب الأمر الخضوع للجراحة.
وقال طبيب الأنف والأذن والحنجرة آخيم بويله إن التهاب الجيوب الأنفية يقع في التجاويف المجاورة للأنف، والتي توجد داخل عظم الجمجمة. ويحدث هذا الالتهاب بسبب عدوى أو حساسية أو مشاكل في المناعة.
ويظهر التهاب الجيوب الأنفية في شكل سيلان الأنف المزعج، وقد يحدث العكس نتيجة انسداد الجيوب بالمخاط والشعور بالعذاب مع كل نفس، وفقدان حاسة الشم وآلام في الوجه، وقد يصاحب هذا أحيانا الصداع والحمى.
وأضاف بويله أن الأطباء يفرقون بين التهاب الجيوب الأنفية الحاد والالتهاب المزمن، موضحا أنه مع النوع المزمن يعاني المريض لأكثر من 12 أسبوعا. أما النوع الحاد فيعد الأكثر شيوعا ويستمر مدةً أقصاها 12 أسبوعا.
ومن جانبه، أوضح الصيدلاني شتيفان فينك أن العلاج الدوائي يشمل بخاخات الأنف المهدئة والمزيلة للاحتقان، محذرا في الوقت ذاته من استخدام هذه البخاخات لأكثر من 7 أيام، لتجنب التعود عليها والإضرار بالغشاء المخاطي على المدى الطويل.
ويساعد الإكثار من شرب السوائل على تسييل المخاط؛ لذا يُنصح بشرب 2 أو 3 لترات من الماء يوميا. كما يُوصَى أيضا باستعمال “دش الأنف”. وإذا استمر المرض فترةً أطولَ أو صار شديدا، فيمكن حينئذ اللجوء إلى بخاخ الأنف المحتوي على الكورتيزون.
وبدوره، قال البروفسور لايف إيريك فالتر إنه إذا لم تفلح كل هذه العلاجات، فقد يرجع سبب الالتهاب المستمر إلى مشكلة تشريحية؛ فأحيانا يتسبب اعوجاج الحاجز الأنفي أو التورم الحميد في الأنف في الحيلولة دون تصريف المخاط. وهنا تظهر أهمية التدخل الجراحي.
ولكن قبل الخضوع لعملية جراحية ينبغي استشارة أكثر من طبيب مختصّ؛ فالتدخل الجراحي ليس ضروريا في جميع الحالات. كما يمكن أحيانا علاج الأورام الحميدة بشكل فعال بواسطة الأدوية. وأشارت دراسة مقتضبة إلى أن الآلام والأعراض المزمنة الأخرى لالتهاب الجيوب الأنفية قد تجعل المصابين يتغيبون عن العمل أو الدراسة، لكن الاكتئاب هو أبرز سبب في تراجع إنتاجيتهم.
وقال فريق الدراسة في دورية “حوليات الحساسية والربو والمناعة” إن المرء يصاب بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن غالباً بسبب عدوى أو تورم في الجيوب الأنفية أو إصابة في الأنف، وقد يؤثر المرض تأثيرا سلبيا واضحا في جودة الحياة.
وذكر أنه بالإضافة إلى آلام الوجه وصعوبة التنفس عبر الأنف يمكن أن تكون هناك أعراض شعورية لالتهاب الجيوب الأنفية المزمن كالاكتئاب، وأن العلاج في المستقبل قد يحتاج إلى المزيد من التركيز على هذه الأمور.
وقال كبير الباحثين في الدراسة أحمد سيداغات -وهو أستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن- “توصلنا إلى أن أعراض الاكتئاب الشديد مرتبطة أكثر بالتغيب عن العمل أو الدراسة بسبب التهاب الجيوب الأنفية المزمن”.
وأضاف لرويترز هيلث عبر البريد الإلكتروني “هذه النتائج مفاجئة للغاية لأنه لم يتم الربط من قبل بين أحد أعراض التهاب الجيوب الأنفية وتغيب المرضى عن العمل أو الدراسة”.
ولمعرفة الأعراض المرتبطة بالتغيب عن العمل أو الدراسة جمع فريق الباحثين بيانات 107 بالغين يعانون بشكل مزمن من التهاب الجيوب الأنفية.
وتبين أن من تحدثوا عن أعراض شعورية بسبب التهاب الجيوب الأنفية كانوا أكثر ميلاً بكثير إلى التغيب عن العمل مقارنة بمن لم تظهر عليهم هذه الأعراض.
وقال جيس ميس -وهو باحث في جامعة أوريغون للصحة والعلوم في بورتلاند- إنه من الصعب الجزم بأن التهاب الجيوب الأنفية المزمن يمكن بالفعل أن يسبب الاكتئاب لكن الكثير من أعراض الالتهاب يمكن أن تؤثر في قدرة المرضى على التكيف مع الأنشطة الحياتية اليومية.
وأضاف ميس الذي لم يشارك في الدراسة “يجب أن يتفهم المرضى أن تشخيص إصابتهم بالتهاب الجيوب الأنفية المزمن قد يزيد من احتمالات تراجع حالتهم الشعورية بمرور الوقت”.