تتواصل الاعتراضات الشعبية في العراق حول ما جاء في مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي يسعى البرلمان العراقي للتصويت عليه، ويتضمن بين فقراته السماح بزواج القاصرات بعمر 9 سنوات، فضلاً عن تعديل مواد أخرى يراها العراقيون مهينة بحق المرأة.
وسبق للبرلمان العراقي، أن وافق الأسبوع الماضي، من حيث المبدأ على التعديلات المطروحة على مشروع قانون الأحوال الشخصية، أثارت جدلاً واسعاً وانتقادات حقوقية، من بينها المادة 10 التي تسمح بزواج القاصرات في عمر 9 سنوات وتسمح بتعدد الزوجات دون إذن الزوجة، وبأخذ الرضيع بعمر السنتين من أمه، وتجبر الزوجة على السكن مع أهل زوجها.
وتأييداً لرفض العراقيين لهذا التعديل، وتأكيداً لكونه يتسبب بمشاكل مجتمعية، دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) الجمعة، البرلمان العراقي إلى ضمان الاحترام الكامل لحقوق المرأة في التعديلات التي يجريها على قانون الأحوال الشخصية.
وقالت البعثة في بيان لها، إنه "استجابة لردة الفعل العامة حيال مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، فإن بعثة الأمم المتحدة لدعم العراق ارتأت أنه من الضروري الانخراط في مشاورات شاملة وواسعة النطاق حول هذه التعديلات بغية ضمان الاحترام الكامل لحقوق المرأة وحماية هذه الحقوق".
وأضافت، أن "تحقيق المساواة بين النساء والرجال والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات من القيم الأساسية للأمم المتحدة ولحقوق الإنسان".
ولفتت البعثة في بيانها النظر إلى أن "النساء والفتيات في العراق عانين كثيراً من انتهاكات حقوقهن الأساسية وتعرضن لعنف في الصراعات المسلحة، لا سيما في مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي".
وأوضحت أن "هذا الأمر يتطلب فهماً شاملاً للإجراءات القانونية والقضائية التي تحول، في بعض الأحيان، دون تحقيق هذه المساواة، كما أن هناك حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات قانونية ومؤسسية للقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات".
ودشن ناشطون عراقيون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وسماً بعنوان "#كلا_لقانون_الاحوال_الجديد" عبروا من خلاله عن رفضهم القاطع لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية.
الإعلامي كريم حمادي رأى في تعقيب له، تحت وسم "كلا_لقانون_الاحوال_الجديد" بأنه "قانون لا داع له"، واعتبره "تشتيتاً للانتباه عن الانتصارات المتحققة واقترابنا من الفوز الأكبر بطرد الدواعش من العراق".
وتحت الوسم أيضاً قال الصحافي عدي هاشم: "البلد غارق في الحروب والأزمات وأكثر من 40 بالمائة من شعبه تحت خط الفقر ولا يجد العلاج المناسب، والدين العام تجاوز الـ 123 مليار دولار، وبرلمانه منشغل في اصدار قوانين تشرعن اغتصاب الأطفال وزواج الرضيعة. هذا حال العراق تحت حكم المشايخ وأمراء الطوائف".
أحد المغردين كتب مستغرباً أن "600 حالة طلاق بالشهر في العراق حالياً ويريدون تشريع قانون تزويج القاصرات"، واصفاً الساعين لتشريع القانون بأنهم يعانون من قصر في العقل والضمير، بحسب رأيه.
في حين وصفت نور عسكر المشروع الذي يبيح زواج القاصرات بأنه "اغتصاب طفل بورقة قانونية".
ويستمر ناشطون عراقيون من كلا الجنسين بوقفات ومسيرات احتجاجية رفضاً لتشريع قانون الأحوال المدنية الجديد. ويتفق المعترضون على أن القانون الجديد، يمثل انتهاكاً لحقوق الطفل، وحقوق المرأة، ويوسع دائرة المشاكل المجتمعية.
وقال ناظم العكيلي، وهو مهندس مدني، إن "من غير الممكن أن أسمح لنفسي السكوت على هذه المجزرة التي تستبيح الطفولة، وتهين المرأة التي كرمتها الأديان وكرمها ديننا الإسلامي الحنيف".
الناشطة الحقوقية نور محمود، تشير إلى أن حراكاً حقوقياً يقوده ناشطون من كلا الجنسين لإيقاف تشريع قانون الأحوال الشخصية الجديد.
وبينت أن "القانون يهين المرأة، ويجبرها على القبول بما لم يقره شرع سماوي، إنهم يستعبدون المرأة بهذه التشريعات المتخلفة، لقد ولى زمن كانت المرأة فيه تسبى وتذل وتهان، إنهم يريدون إعادة البلاد إلى عصور الجهل والظلام والتخلف". وأضافت: "ما لم يتمكن داعش من تحقيقه يحاول بعضهم تحقيقه عبر القانون، لذلك لن نقف ساكتين لنشر الفكر الداعشي تحت أي مسمى".