سيدة أردنية متعددة الاهتمامات، كاتبة وصاحبة رأي سديد كما يصفها المتابعون لها على مواقع التواصل الاجتماعي تعرف بوطنية الموقف، ناشطة في حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة في الحياة الكريمة والمساواة ، أعجبني دأبها الكبير، فكان لـ " وكالة أخبار المرأة " معها هذا الحوار…
* باختصار من تكون ديما علم فراج ..؟
- ديما علم فراج، سيدة أردنية بدأت حياتي بالعمل في غرفة الصناعة والتجارة الألمانية العربية ثم انتقلت للعمل الحر وأسست مركز "الخدمات الألماني" الذي يسعى إلى تنسيق العلاقات التجارية بين الأردن وألمانيا، متزوجة وأم لطفلين، سمير وياسمين.
كان لدي كمعظم الناس اهتمامات بالسياسة وخاصة الشأن الوطني، لكنها ازدادت منذ بدء ما يعرف بالربيع العربي وأصبحت القضايا السياسية الوطنية اهتماما رئيسيا لدي، وقد بدأت التعبير عن ذلك بالكتابة رغبة في إظهار الحقيقة عن الأردن لمحاولة التصدي للتهويل والإشاعات التي كانت تنتشر في تلك الأيام ولو بجهد شخصي فردي وذلك لافتقاد كثير من وسائل الإعلام للحياد والمصداقية برأيي. وقد تعرضت لردود أفعال كثيرة ومتفاوتة بين القبول والرفض، والتأييد والهجوم، لكن الحمد لله استطعت أن أوصل صوتي وان انقل ما أؤمن انه الحقيقة لذلك استضافتني كثير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية
* لا يزال معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة في سوق العمل منخفضا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مشاركتها في المجلس النيابي والمجالس المحلية، وفي الوظائف الأساسية والأمر نفسه بالنسبة إلى النقابات، في الوقت عينه، يشهد الأردن حراكا حقوقيا تقوده جمعيات نسائية ونسويه، لماذا لم يتحقق أي تقدّم في هذا المضمار، وما هي أوجه قصور هذا الحراك؟
- بالعكس تماماً، أرى أن المرأة الأردنية في سوق العمل قد أثبتت وجودها ووصلت إلى ارفع المواقع في القطاعين العام والخاص فهي مدير عام ورئيس تنفيذي و طيار وقاضية ومحامية، وقد أدت الدولة واجبها في فرض قوانين وأنظمة وبذل جهود واسعة لتمكين المرأة، لكن لا بد أن نأخذ بالحسبان تأثيرات التراكمات الاجتماعية الطويلة التي تجعل المرأة أحيانا غير راغبة بالعمل أو غير مقتنعة بأداء هذا الدور، كذلك فإن كثيرا من السيدات خاصة ربات الأسر الكبيرة يفضلن في مراحل معينة الانسحاب من سوق العمل للتفرغ لبناء الأسرة وهي مهمة وواجب لا تقل أهمية عن دورها في سوق العمل.
ولا دليل اكبر على مدى انخراط المرأة في الحياة العامة من أن 60% من طلبة الجامعات تقريبا هن من الاناث.
طبعا ما ذكرته عن تراكمات الواقع الاجتماعي ينعكس بالضرورة على تمثيل المرأة في المجالس النيابية والمجالس المحلية فمن جانب لا تزال ثقة البعض بالمرأة اضعف من ثقتهم بالرجل، وللأسف فإن هذا الأمر ينسحب على السيدات أنفسهن أيضا لذلك فهناك وقائع موثقة لسيدات أردنيات ترشحن للانتخابات ثم لم يصوتن لأنفسهن بل لقريبهن الرجل! ولذلك وضعت الحكومة نظام (الكوتا) منذ سنوات طويلة سواء في انتخابات البرلمان او البلديات وقد نجحت التجربة وأصبح لدينا سيدات نجحن خارج الكوتا بل وعلى مستوى القائمة الوطنية وشخصيا أؤيد الكوتا في المرحلة الحالية.
وبالنسبة للنقابات نعم وجود المرأة ما زال ضعيفا ولعل ذلك راجع إلى أن قوانين النقابات تخلو من الكوتا كون النقابات عادة تضع مشاريع قوانينها بنفسها، هذا عدا عن سيطرة أطياف سياسية بعينها على النقابات الكبرى وهي التي تعمل على إضعاف وجود المرأة.
* تنشط في الأردن حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي" وذلك لتمكين المرأة الأردنية، ما رأيك بعدم وجود حق للمرأة في الأردن بإعطاء الجنسية الأردنية لأولادها ؟
- هذه الحملة ليست للتمكين ولا علاقة لها به من قريب أو من بعيد، الدولة بذلت كل ما في وسعها لتمكين المرأة الأردنية، لكن قضية الجنسية والتجنيس هو أمر سيادي، تتعاطى معه كل دولة بحسب ما تراه الأنسب لمصالح شعبها العامة ومصالحها العليا، وجزئية عدم تجنيس أبناء الأردنيات ليست ابتكارا أردنيا بل هو أمر تأخذ به الكثير من الدول، بل أن بعض الدول تتجاوز ذلك فتمنع بالقانون زواج أبنائها وبناتها من الأجانب إلا بإذن مسبق، ومن يخالف ذلك يحرم حتى أبناؤه من أبسط حقوقهم.
وفيما يخص الحالة الأردنية يرى البعض أن السبب هو أن كثيرا من الأردنيات وهن النسبة الأكبر من الأردنيات المتزوجات من أجانب متزوجات من فلسطينيين سواء من أبناء قطاع غزة أو الضفة من المقيمين هنا وفي الداخل الفلسطيني، ومنح الأردنية حق منح جنسيتها لأبنائها ومن ثم زوجها سيعمل على تفريغ الداخل الفلسطيني، وكذلك تعطيل حق العودة، لكن تاريخيا كان ابن وزوج الأردنية يحظى بمعاملة خاصة وينال معظم الحقوق المدنية للمواطن بما فيها جواز السفر، وقد اتخذ هذا القرار المطبق منذ سنوات طابعا رسميا خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ولنكن منصفين فبالنظر إلى معظم المتصدرين لهذه الحملة سنجد أن كثيرا منهم مدفوعون إما بمصالح شخصية ضيقة، أو أجندات سياسية أقل ما توصف بأنها غير مريحة، وقد حاول كثير منهم الاستعانة بقوى وحكومات أجنبية للضغط على الأردن، وهذا دليل أن نواياهم غير سليمة أبدا.
* هناك خلاف حول مفهوم الولاية والطاعة في القانون، حيث يحق للرجل أن يكون صاحب ولاية ويتوجب على المرأة أن تطبق عليها شروط الطاعة إذا كان الرجل يعمل وينفق عليها وهي في بيته، السؤال: إذا كانت المرأة هي من تنفق، ونحن في زمن تعمل فيه المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل، فهل يحق لها الولاية ويتوجب على الرجل الطاعة؟
- هذا موضوع شائك جداً لكن عن نفسي فأنا مع تشارك المرأة والرجل في واجبات الحياة. على أن يبقى التفاهم سيد الموقف، والاحترام أساس العلاقة، بالطبع الأمور المادية والتعليم وسواها تؤثر في أي علاقة وقد تكون ركائز للبناء أو معاول هدم. لذلك يجب أن يكون الزوجان متفقين. فسنة الحياة أن المرأة مكملة للرجل والرجل مكمل للمرأة وهذا هو ضمان نجاح أي علاقة.
* ما هو الموضوع الرئيسي الذي يجذب انتباه ديما في هذه الأيام على الساحة الأردنية والعربية؟
- أهم موضوع برأيي هو كيف يمكن للدول العربية أن تنتظم في المسار الصحيح، كيف يجب أن نضمد الجراح شعوبا وحكومات، فالوطن العربي عانى كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية وشبابنا قتلوا وشردوا، وآلاف الأطفال قد تيتموا، الوضع صعب جدا ومحزن بشكل عام.
فيما يخص الأردن أرى أننا والحمد لله بخير لكن تاريخيا الأردن يتأثر بشكل كبير بما يحدث في المنطقة والعالم، ولعل أكبر مثال ملموس اليوم هو ما يتحمله الأردن الآن من وجود لاجئين بعدد خيالي فعلا.
والأردن مشكلته اقتصادية دائما، لذلك حتى ما يعرف بالحراك في الأردن منذ بدايته وحتى انتهائه دار فيما يزيد عن 90 بالمائة من فعالياته ومطالباته في الفلك المادي، فقبالة كل اعتصام أو تظاهرة سياسية كان هناك حوالي 10 فعاليات مطلبية ووظيفية ذات طبيعة مالية، رغم ذلك أقول أن دورنا كشعب ان نكون جزءا من الحل وليس المشكلة. ولعل ذلك يبدأ من توعية الشباب والتركيز على المسؤولية الاجتماعية للفرد والتوعية بأهمية التدريب والتطوير الشخصي والمهني والفكري.
وعن نفسي احاول فعل ذلك عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي عبر تحفيز من اعرفهم في القطاع الخاص لان يكونوا شركاء فاعلين في المجتمع وللشباب، وان نخرج من العقلية الأبوية وطلب كل شيء من الحكومة والقطاع العام، فالدولة والدستور تكفل حق العمل لكنها لا تكفل (الوظيفة).
* أين وصل موضوع التمكين السياسي للمرأة الأردنية؟
- التمكين السياسي للمرأة الاردنية قائم منذ تأسيس المملكة وهو في تطور مستمر. فالمرأة كانت عضوا في مجلس الشورى إبان فترة الطوارئ، وهي ممثلة في البرلمان منذ عودة الحياة الديمقراطية تقريبا، واليوم في مجلس النواب هناك ١٨سيدة، وهي كذلك موجودة في مجلس الاعيان، وتكاد لا تخلو حكومة من سيدة أو أكثر. وهذا ينسحب على المجالس البلدية ، والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وصلت المرأة في الاردن الى موقع نائب رئيس الوزراء ونائب لرئيس مجلس النواب، ومجلس الأعيان، وان شاء الله سنرى قريبا سيدة رئيسة للوزراء. ببساطة الاردن في هذا المجال يعتبر قدوة حقيقية. لكن هذا لا يعني اننا سنقف هنا. فنحن نسعى دائماً للتطور والتقدم. وبرأيي فنحن نسير في الاتجاه الصحيح.
* وهل برأيك صوت المرأة مأخوذ بعين الاعتبار في الأردن؟
- نعم والى حد كبير. فالمرأة في الأردن لها احترامها، وعندما تكون المرأة وزيرة وسفيرة وقاضية فلا مجال أصلا لمثل هذا التساؤل، والمرأة الأردنية مدينة بجزء كبير من ذلك إلى انفتاح القيادة الهاشمية، وبعد نظرها، فبالتركيز على تعليم المرأة ومن ثم تمكينها وصلت المرأة الأردنية إلى ما وصلت إليه.
والمرأة الأردنية فاعلة في جميع مناحي الحياة وكثير من المؤسسات الرسمية والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني تقودها سيدات ولهن وزن وثقل في المجتمع.
* كيف تقيمون أداء الناشطين والناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي على الساحة الأردنية؟
- أستطيع أن أقول إننا في الأردن خضنا تجارب كثيرة وأخطأنا كثيرا. لكن الآن الحمد لله تعلمنا من أخطائنا واستطعنا ان نعيد مد الجسور. فمواقع التواصل الاجتماعي في الأردن عادت لتصبح متوازنة نوعا ما. فعدا أن فيها كل أطياف المجتمع. فيها مساحة جيدة من تبادل الآراء برقي واحترام.
وقد انتجت عدا الحوار والتواصل الإنساني اشياء ملموسة على أرض الواقع فقمنا بعمل مبادرات خيرية، وأنشطة سياسية وندوات فكرية، واستطعنا الترويج للأردن كما استطعنا الوقوف في وجه من يحاول الإساءة لوطننا.
ولقد كانت تجربة ممتعة وخبرة جديدة ولازلنا نتعلم منها، لا يجب الاستهانة بمواقع التواصل الاجتماعي.
أتمنى من الجميع نقل المعلومة الصحيحة، فلا أسهل من نشر الإشاعة لكن من المستحيل دفن الإشاعة بعد انتشارها.
كل شخص موجود على مواقع التواصل الاجتماعي هو سفير لبيئته وبلده وانعكاس لما يحيط به.
يجب التفريق بين الانتقاد والتجريح.كلماتك وآراؤك هي مرآتك التي سيقيمك الناس من خلالها فحاول ان تحافظ عليها براقة.