رغوة الصابون أغوتها ،وفقاعاتها التي تكون أمامها معلنة التمرد على حوض ماء إحتواها تعانقت مع الهواء بداية النهار حين بدأ نوره يحمل حكاياتها المتجددة مثل الكثيرين ،مع بزوغ الفجر وشروق الشمس المثقلة بقصص العاشقين ،وآهات المحرومين من كل شيء حتى من هواء نظيف يذوبها الحنين لأوكسجين نظيف ،مثل أي أنثى تضفي لمساتها الأنثوية حين تمسح عرق السنين عن جبين المتعبين ممن تحبهم ،وتروي عطش المزارعين الذين ألفوا القيظ وحر الصيف تزودهم بقطرات ماء من إبريق من الفخار من أرض حبلى بالأنين ، هي فقاعة واحد بقيت تحلق حولها مثل الأنثى التي تحاول الهروب واللهو كي تنسى الواقع المرير، أنثى تغرس الأمل في نفوس المتعبين في محاولة منها كي تنسى الماضي البعيد وما بها عند الرحيل من ألم و جو حزين و منغصات حياة تحدت فيها الصعاب و تحدت فيها اللهيب ،ذلك اليوم بأحلى الأوقات التي يأتي الصيف فيها ويستعد الناس للهو لاخذ قسط من الراحة واللهو البريء ،يسود فراغا كبيرا في حياة الكثيرين ،خاصة الشباب ،تجدهم يخرجون عن طورهم وعن نمطية حياتهم .
ذات يوم كانت شاردة في عالم أحلانها ، تغوص في ذاكرتها في حنين لتلك الأماكن التي كانت تشكل تاريخا ماجدا من حياتها ،تحاول كل يوم كأنثى مسؤولة القضاء على الفراغ الذي يعشعش فيمن حولها من افراد أسرتها ،وصديقات لها،وجيرانها كي تكون لحياتهم طعم لذيذ ، يبقوا فيها أحرار ، كانت معهم كأطفال يعبثون مابين الكر والفر ،ويلهون تارة هنا وأخرى هناك ، رأتهم يبحثون عن ملعب عن حكاية فيها نكهة ولذة قررت أن تجمعهم بألفة ، رغم صغرهم كانوا بغربة يفتقدون الكلمة الطيبة الحلوة ووجبة سريعة وشيشة بمقهى ، أكدوا لها حينها أن سخريتهم من الدنيا فيها سلوى للإستهزاء بمنجزات غيرهم ، أصبحوا مثل زبد بحر ، رغوة صابون في حوض ماء يخرج منها فقاعات صابون ، معا يحلقون لأجل لحظة لهو عابرة برحلة صيد لبشر او سمك لأجل المتعة بشواء نار تشتعل في أعماقهم ،بحث كل منهم عن هدوء وشيء من سلام ،في خضم الحياة العصرية، لجئوا لاجواء بعيدة عن حياتهم غير رتيبة ، كان معهم ثمة صخب يحيط بهم هواتف متحركة بتقنية عالية ،مواقع تواصل إجتماعي ، وحكايات معظمها هزيلة واهية ،عاثوا بالمكان فسادا ، وبحثوا عن حقل قمح نظيف ، وبعض زيتون وزعتر لسد رمق جوع ،من القهر والفقر ، إلتقطوا بعض فتات من طعامهم الجاهز لم تعده ربة بيت بل بائع بمطعم وجبات سريعة ، فليس في يدهم سوى الصمت ، تناولوا كسرا من الخبز المطهو على موقد الحياة ،وشواء لحم لطير وقع بين يديهم في غفلة النسر عنهم ،.
فرحوا قليلا ،وظنوا أنهم نالوا ما يبغونه لكنهم فجأة وجدوا أنفسهم بحقل ألغام ومشاكل وصراعات نتيجة اللهو المدمر ،صمتوا وشدوا الرحال إلى غير ديارهم ،هؤلاء غابوا عن وجه الزمان وما عاد لهم وطن أو سكن يجدون فيه الآمان أصبحوا مجرد موجة عالية تلاطمت مع غيرها في بحر هائج ، تلاشوا بين المد والجزر مع زبد البحر الذي ،تلقفهم و ضم رفاتهم إلى فقاعاته المتطايرة ، فذابوا في مياهه المالحة ، وطفت أجسادهم هي تودع الحياة أشبه بسفن تغرق منهزمة في دوامة السنين .