الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

الخوف من الفشل... متى يصبح مرضياً؟!

  • 1/2
  • 2/2

تخيل.. كيف سيكون شكل حياتك إن كنت معصوماً عن الخطأ؟؟ تخيل الشعور بالرضا الذي سيجتاحك لأنك واثق من أن جميع قراراتك وأفعالك صحيحة!
عندها ستعيش حياة خالية من النقد، أو التأنيب أو حتى الجلد الذاتي؟
عندها ستنظر إلى من حولك باستغراب عندما تراهم يخافون من التجارب الجديدة أو يتخذون مواقف سلبية اتجاه مشاكل تحتاج إلى حل نهائي.
عندها لن تقلق على نتيجة أو تسهر الليالي تفكر فيما سيقدمه لك الغد... عندها لن تشعر بالخوف.
ولكن، هل التخلص من الخوف نهائياً سيرضي غرورك وطموحك؟
هل من الممكن أن يكون للخوف فوائد؟؟
متى يكون الخوف من التجربة مفيداً، ومتى يصبح مرضياً؟
إن أكبر مجازفة في الحياة هي ألا تجازف أبداً.
كثيرة هي الفرص التي نراقب اقترابها ثم ابتعادها عنا لأننا قررنا حرمان النفس من انتهاز هذه الفرص. هناك الكثير من الأفكار المبدعة التي بهتت وماتت لأن أصحابها لم يجرؤوا على التعبير عنها خوفاً من النقد أو السخرية. بعض الدراسات تقول أن 20% من الناس يعترفون بتأجيل عمل أمور مهمة في حياتهم لأسباب غير مفهومة أو لمزاج سلبي يحبس نشاطهم ويمنعهم من الإقبال على المحاولة والتجربة. هذه الأسباب غير المنطقية التي تدفع بنا في كثير من الأحيان إلى تفويت فرص الإنجاز أو الحب أو السعادة، تعبر عن خوف دفين يكبل قدراتنا وحماسنا ودافعيتنا، خوف يمنعنا من تحقيق أقصى طاقاتنا، لأنه يضع الفشل في عيوننا كنتيجة حتمية لا يمكن الهروب منها.
مهما تفاوت الخوف من الفشل بين الناس، إلا أننا لا نستطيع إنكار الفروقات الكبيرة بين الشخص الذي يسعى للنجاح ويكرر التجربة مستفيداً من الأخطاء السابقة التي وقع بها ومتناسياً ألامه، وبين الشخص الذي يرضخ للخوف من الفشل ويسمح له أن يمنعه من خوض تجارب الحياة المختلفة...
الحب، الارتباط، المنافسة، العمل، الدراسة..
قال رسول الله: «إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله».
لماذا الخوف من الفشل؟
لسبب ما نجد أن هناك طبيعة بشرية تميل دوماً إلى توقع الفشل قبل أي شيء آخر عند طرح فكرة أو تجربة جديدة. فترى الناس دائماً يفترضون الأسوأ، ربما حماية للذات من ألم الإحباط في حال كانت النتائج المستقبلية سلبية. قد يبدأ الخوف من الفشل على مقاعد الصفوف الابتدائية الأولى. ففي المدرسة يتعلم الطالب دروساً جديدة في تقييم الذات من خلال التحصيل، فعلامة 10 من 10 تعكس الطباعات من المعلمة والأم والأب وحتى الأقران مختلفة تماماً عما تعكسه علامة 5 من 10. تلك الانطباعات التي تحدد الكثير من سمات العلاقة بين الطفل والمعلم أو المربي. كما وتلصق بالطفل صفات جديدة لم يكن يعرفها من قبل، صفات تكبل الطفل في قوالب يصعب عليه في كثير من الأحيان التحرر منها ما يقنن من جرأته واندفاعه نحو التعلم بحرية واختبار قدراته والتعلم من التجارب غير الناجحة.
تتضح ظاهرة الخوف من الفشل في المستويات المهنية المختلفة، فبيئة العمل التنافسية لا ترحم الفشل، في حين أنها لا تشجع الإبداع وتجربة الطرق الجديدة في حل الأمور بالرغم من مناداة الكثير من أصحاب الأعمال بأهمية الابتكار. ومن هنا نرى أن الموظف يفضل دوماً البقاء في الطريق الأسلم على تجربة أمور جديدة أو اتخاذ قرارات غير تقليدية لأنه سيتحمل المسؤولية وحده في حين فشل في حل ما يواجهه من عثرات.
الخوف المرضي من الفشل والشعور القوي بموجات خوف وقلق عارمة تجعل الشخص غير قادر على تحمل أمر معين، هو لا يشكل خطراً حقيقياً يهدد سلامة الشخص. بينما يعترف الكثيرون أن الخوف من الفشل هو أمر غير مبرر، إلا أنهم يعترفون كذلك بوقوفهم ساكنين أمام القلق المرضي الذي يصيبهم في مواقف محددة تشلهم عن خوض التجربة أو المواجهة.
إن كنت تشعر أنك غير قادر على تحقيق أهدافك، انتبه فقد يكون الخوف من الفشل هو الذي يمنعك.
عندما نكبر ويكبر إدراكنا لعالمنا، يصبح من الصعب أن ننكر تحكم الخوف من الفشل بحياة الكثيرين. الخوف من فشل العلاقات العاطفية، أو الفشل في تربية الأولاد، أو الفشل في الوظيفة الجديدة أو عدم الحصول على الترقية. فالخوف من الفشل في كل مرحلة مصيرية في الحياة يعكس رفضنا لوضع أنفسنا في صورة سلبية أما الآخرين، ورغبتنا بالحصول على التقبل والثناء بدلاً من النقد أو السخرية.
عندما يتعرض الإنسان لموقف مزعج نفسياً مثل الخوف، ترتفع نسبة هرمونات قوية في الجسم مثل الكاتيكولاماينز Catecholamines وكذلك الأدرينالين والدوبامين الضروريان لتنظيم ضغط الدم والنبض. هذا الارتفاع قد يقود إلى أعراض مشابهة تماماً لأعراض الذبحة الصدرية، مثل آلام الصدر وضعف ضخ الدم من القلب. وقد وجدت إحدى دراسات معهد جون هوبكنز الطبي أن المرضى الذين تعرضوا لمواقف مزعجة قوية أظهروا نسبة عالية من الكاتيولاماينز في الدم بنسبة 7 مرات أكثر من العادي، أي بحوالي مرتين إلى ثلاث مرات أكثر من الإصابة بذبحة صدرية.
وتؤكد دراسات عدة أن ارتفاع نسبة هذه الهرمونات تؤثر على الصحة على المدى البعيد، فتتضرر أنسجة القلب، وكذلك الجهاز المناعي للجسم وقد تؤثر في حدوث اضطرابات جنسية، وزيادة التعب وفقدان الشهية وغيرها من الأعراض الصحية المزعجة.
كيف نتعامل مع مخاوفنا؟
حوّل الفشل إلى نجاح:
1ـ تعرف على مخاوفك: الخطوة الأولى لرفع القدرة على التعامل مع المخاوف المختلفة هي التعرف على حقيقة الشعور الذي نشعر به، والاعتراف به، فقد يظهر الخوف بأشكال متغايرة مثل تأجيل العمل، أو التردد، أو الخجل أو الإنكار أو الرفض. تعرف على مخاوفك، وحاول التنبيش وراء السبب الحقيقي الذي تخافه هل هو رأي الناس بك؟ هل هي صورتك أمام أهلك؟ هل هو خوفك من الأضواء؟ أم الخجل من التعبير عن رأيك؟
2ـ افهم الفرق بين التجربة والفشل: الفشل هو صفة لنتيجة تجربة أو فكرة معينة وليست صفة ملتصقة بك. تعلم أن تجرب أفكارك، وتخطأ وتصحح وتصقل أفكارك حتى تحصل على أفضل نتيجة، ولا تحكم على نفسك بالفشل إن لم تنجح إحدى الأفكار التي اقترحتها. تعلم أن هذه الفكرة فيها خطأ يحتاج إلى تصحيح، وابحث عنه.
3ـ الفشل تجربة يتعرض لها الجميع: من المفيد جداً أن تعرف أن أنجح الأمثلة في التاريخ الإنساني هي التعرض لفشل في تجربة معينة، ولكنهم لم يكتفون بحمل لقب الفاشل، إنما اجتهدوا لإيجاد حلول مبتكرة لتحقيق أفكارهم بنجاح. تذكر لست وبعدك من تعرضت لتجربة فاشلة.
لا يوجد شيء اسمه الفشل، هناك شيء اسمه مراجعة للنتائج.
4ـ الفشل هو جزء من تجربة الابتكار. مبدأ التجربة والخطأ كان ولا يزال هو من الوسائل المفيدة جداً. البحث عن حلول المشاكل المتغيرة.
أنا لم أفشل ولكني وجدت 1000 طريقة غير ناجحة. توماس أديسون
5ـ اخط خطوات صغيرة للتعرف على مواطن القلق من التجربة، تعرف على كل خطوة على حدة، حتى لا تبقى التجربة كاملة مجهولة بالنسبة لك، فالجهل بالشيء يزيد من الرهبة منه.
6ـ توقع أنك ستواجه بعض الصعوبات، ولا تكبر الفشل في عينيك وكأنه نتيجة محتمة لا قيام منها. هيئ نفسك للصعوبات واستعد لتجربة أكثر من طريقة حتى تصل للنجاح.
7ـ برمج نفسك على الاجتهاد والمحاولة: قل لنفسك أنك تستطيع النجاح، ولا تسمع نفسك كلاماً يبعث على اليأس وإحباط الذات. تذكر أن أفضل وسيلة لرفع المعنويات هو القيام والمحاولة من جديد.
8ـ اقطع الطريق على الخوف، إن استسلمت لمظاهر الخوف، سيقعدك ذلك عن الاستمرار والمحاولة، حاول دائماً أن تشحن ذاتك وتطلب ممن حولك المساعدة للخروج من دائرة الخوف والمحاولة من جديد.
9ـ تعلم من أخطائك وأخطاء من حولك. لا ترض بالفشل وتتقمصه، تعلم من الطرق غير الناجحة، وركز جهودك نحو إيجاد حلول عملية ومفيدة لمشاكلك، لا تكن سلبياً.
10ـ اعلم أن الفشل سيجعل منكم رجلاً أقوى، أو امرأة أقوى، المهم أن نتعلم من تجاربنا ونستمر في المحاولة.
تذكر أنه بدون الفشل، لن نعرف الطعم الحقيقي للذة النجاح!.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى