حوّل قصور فهم رجال ونساء من المجتمع لعدد من الآيات المجتزأة أو الأحاديث الموضوعة والضعيفة إلى سياط بيد أهوائهم لجلد ظهر النساء وتقييدهن في صورة ذهنية محددة والتقليل من شأنهن، ما دفع مجموعة من الأكاديميات إلى التعاضد لأجل إعادة موازين الأمور إلى نصابها بالتصحيح والكشف عن المعاني الآيات القرآنية التي تستخدم من البعض للتقليل من شأنهن، أو الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي تساعد في حرمانهن من الحصول على حقوقهن.
وتصف الأكاديمية الدكتورة أمل الطعيمي خلال حديثها في ندوة حول المرأة السعودية في جامعة الأميرة نورة أخيراً، ما يحصل ممن يفسرون الآيات والأحاديث وفقاً لرغباتهم في الاستهانة بتعامل القرآن مع المرأة. (للمزيد)
ووافقتها الأكاديمية الدكتورة نوال العيد في الرد على ما يُثار من شبه حول الشريعة الإسلامية، بالقول: «هنا، علينا أن نسلك مسلكين: إثبات الدليل، ثم قراءته قراءة صحيحة»، منبهة على ضرورة التمييز بين الحديث الصحيح والضعيف في السنة النبوية، مع فهم المعنى الحقيقي للأحاديث الصحيحة كما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، لا كما يريدها المرددون وفقاً لرغباتهم.
ومع استغلال عدد من الرجال الحديث النبوي «يا معشر الرجال استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خُلقن من ضلع أعوج...»، لتعيير المرأة بالعوجاء، لفتت العيد إلى عدم فهم من يفعلون ذلك لحقيقة الحديث كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرة إلى عدم جواز الاستدلال ضد المرأة بحديث ساقه النبي للوصاية بها.
وقالت: «من يفعل ذلك مخالف للحديث بتعيير المرأة بدلاً من مراعاتها كما وجه الحديث، فضلاً عن كون معنى الاعوجاج في الحديث يعني العاطفة والحنو».
وأمام انتقاص عدد من الرجال لأية امرأة بالاستشهاد الشرعي بحديث: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن...»، أكدت العيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قيّد العقل هنا بحال الشهادة فقط، وأوضحه في سياق بقية الحديث لتذكر المرأة الأخرى درءاً للنسيان، مشيرة إلى أن شهادة الرجل بشهادة امرأتين لفرع واحد من خمس أفرع الشهادات في الشريعة، إذ إن الشهادة مبنية على الاختصاصات.
وتضيف العيد أن نقصان الدين يُقصد به عند حيضها، إذ تتوقف عن الصوم والصلاة، موضحة أن ذلك لا يؤثر في مستوى تدينها، في إشارة من العيد إلى نقصان العدد.
وقالت العيد إن «المشكلة هي في قراءة الأحاديث بطريقة غير التي سيقت لأجلها»، ودعت إلى قراءة الحديث قراءة كاملة كما أراده رسول الله لا كما يريده الناس وفقاً لرغباتهم.
أما الطعيمي فاستوقفها حديث تكفير العشير وما تضمنه من كون النساء أكثر من سيطوون في جهنم لتكفيرهن العشير وكثرة اللعن، ومع ذكرها لوجود أقوال في صحته وضعفه، إلا أنها قالت «بغض النظر عن الأدلة الكثيرة لعدم صحة رواية هذا الحديث والاختلاف عليه أحياناً، لو استعرضنا هذا الحديث بعقل منصف لما رأينا ما يُقنع بأن تكفير العشير أو كثرة اللعن تدخل النساء النار ليكن أكثر أهله».
وطالبت بقياس الكثير من المرويات التي شاعت وتعدت عشرات الألوف من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، التي تمس شؤون المرأة وتقلل من شأنها على هذا الحديث.
وقالت إن هنالك أحاديث وروايات صُنعت كي تظل الإساءة مستمرة لهذا الجنس البشري، وتظل تحت سيطرة الإمرة والخضوع لدرجة قد تصل إلى السخرة القديمة التي كانت موجودة قبل الإسلام.
في المقابل استحضرت الطعيمي آية قرآنية وصفتها بأنها «تنسف كل الأقوال التي يتقولها المخطئون في فهم حق المرأة»، وهي آية «ولهن مثلُ الذي عليهن»، وترى الطعيمي تعميم هذه الآية وتطبيقها على تفاصيل حياتنا اليومية سيجعل حال المرأة وحياتها يختلف اختلافاً كبيراً.
كما استرشدت الطعيمي أيضاً بآية «وعاشروهن بالمعروف» كمنهج سهل الأداء وعميق المعنى، يمكنه أن يُوضح حقوق المرأة في بيوتها وعملها، وأيضاً في مواضع صنع القرار التي يُتخذ فيها كل ما يتعلق بالمرأة، متسائلة «حقوق قدمها رب السماوات والأرض، كيف استهين بها وأسمح للآخرين بالاستهانة بها؟».
الحياة