علاقاتنا البينية – مع بعض – يصيبها خلل بالغ والسبب هو عدم الصراحة والوضوح تجاه الطرف الآخر، نحن نجامل بعضنا بشكل سافر ودائم.. والمشكلة أن هذه المجاملات تشعر البعض منا خاصة بعد مرور بعض الوقت أنه وقع ضحية استغلال واستنزاف و
أنه يقع ضحية لانتهازية الطرف الآخر.. أما ذلك الآخر فهو يقوم بما تعود عليه، المشكلة الحقيقية في هذا الإطار أنه يحدث تراكمات من الأفعال التي تجلب الضيق والألم والحزن، فيحدث تباعد أحيانا يكون صاخبا مدويا وفي أحيان يكون الاتفاق ضمنيا – بصمت – على الابتعاد فتخفت الاتصالات وتنطفي الأشواق وتقل الزيارات بين الطرفين ثم تختفي وتتلاشى.
نحن نرتكب خطأ بالغاً في حق أنفسنا وفي حق من يشاركنا مسيرتنا في هذه الحياة وهم الرفاق الأصدقاء أو حتى قد يكون الزوج، هذه القسوة كان يمكن تحويلها إلى فعل ايجابي بهيج وسعيد للطرفين. تحكي لي صديقة انها اختارت إنهاء صداقة دامت لنحو عشرين عاما مع صديقتها التي رافقتها منذ السنوات الدراسية الأولى، والسبب حسب ما تقوله أنه كلما تلقت موعدا من صديقتها تخلفه ولا توفي بوعودها وأنها نبهتها وتعبت من نصحها دون جدوى فهي دوما لا تهتم بمشاعرها ولا تحترمها ويتجلى هذا في التأخر او التخلف عن الموعد.. ولكم أن تتخيلوا صداقة عمرها عقدان من الزمن تتلاشى بسبب عدم الوفاء بالموعد، فماذا يعني هذا؟ أنا متأكدة أن هناك أسباباً أخرى أكبر لكن خلف الموعد يعد بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال في المثل العربي القديم، وهو سبب لا أكثر، لأنه من البدهي أن تكون هناك أسباب أخرى لم يتم معالجتها وطغت المجاملة بين الصديقتين حتى وقع الانهيار.
يجب أن نتعلم كيف نصادق وكيف نحافظ على علاقاتنا ولا يأتي هذا بالمجاملة أو الصمت والصبر، إنما بالوضوح والمكاشفة وبناء أسس سليمة صحيحة لتدوم هذه العلاقة وتبقى وتسمو، المجاملة دوما فيها طرف خاسر قد يتحمل هذه الخسارة مرة واثنتين وعشر مرات ولكن فيما بعد سيتعب وسيسأل لماذا أنا دوما العنصر الأضعف في هذه العلاقة – الصداقة – فيقرر مواجهة هذا الجانب، فيستغرب الآخر هذا التحول ويفسره محاولة لفرض الآراء والتحكم به، فيحدث تنازع عادة يبدأ صامتا بروية – حرب باردة – سرعان ما يتقد سُعرها مع أول مشكلة بسيطة عابرة، فيخرج ما في النفوس وتزداد الهوة.. ولو أنهم اختاروا الوضوح والشفافية لما حدث كل هذا.. اذا كنت حريصة على أصدقائك وان تدوم اختاري دوما طريق الوضوح والصدق دون مواربة أو خداع.