الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

وهل في قتلهن أي شرف؟!

  • 1/2
  • 2/2

شرف وعار يلتحفان وجه واحد.. وجه القاتل! اللغة قتلت الأنثى قبلهن حين وصفتها بالعانس والمطلقة، والثقافة قتلت الأنثى حين اعتبروها وعاءا وصورة جميلة، والمجتمع قتل الأنثى حين وأدها في جاهلية العصر، فمن بين أكوام القضايا التي تعري رجال المجتمع وصناع قراراتها، وتجعلهم لا شيء يذكر في مصطلح القرار والزعامة وصناعة القرار، تجد أن الرجولة والقوة لا تظهر بالفعل إلا في قتل مزيدا من النساء، وكأن غسل عارهم يتمثل بقتلها فهي ما تطاله اليد، وهي المساحة المشرعة التي يصول فيها القاتل ويكاد يفلت من بضعة شهور وإن ثبت أنه بداعي الشرف أصبح طليقا محررا غاسل وحامي شرف العائلة؟!!
عن أي عائلة يتحدثون عن نساء مقطوعات الألسن يختفين وسط كومة من الأطفال الذين يتجرعون العنف مع حليب أمهاتهم!! لم تتحرر النساء ولم يعد مفهوما لماذا معنى الشرف لازال مختلفا عليه فما بين العقلية والثقافة واللغة والقانون والشرع تتوه أرواح النساء ويسهل حصدها.. الأمر لم يعد يتعدى دهشتنا الأولى بمقتل إحداهن ثم المشهد الثاني تبادل الحقائق لماذا؟ وحين تعلو كلمة الشرف/العار تصمت الألسنة وتخفت الأصوات ويبدأ المهتمون بإعطاء رقم جديد لضحية جديدة ثم ماذا المشهد الثالث ذوبان في المعاتاة اليومية وينسى الألم والوجع ويتم التكتم على القضية وتصمت الصحافة بعد خبر وتقرير سطحي مكرر لا يكاد يعيد للمقتولة حقها في ذكرى طيبة.!!
صنع عاره بيديه!!
ويعود المشهد إليه.. على الدم في عروقه لكلمة أو صورة أو إشاعة كاذبة وقتل/فعل/صنع واقعا بعد أن صنع قرارا وحده لم يكن بحاجة إلى أحد نفذ قرارته وقتلها في لحظة وفي لحظة باتت جثة هامدة، صمت الجميع، وآخرون لم يهتموا بأي أحد وشرعوا بدفنها إلى هذا الحد بات يشعر القاتل بالراحة؟ هل يظن أنه سينام بعد تلطخت يداه بدماء فلذته؟! هل غسل العار؟!.. لا لم يغسل عارا بل صنع عارا بيديه !! صنعه للضحية وصنعه لنفسه ولأهله وأقاربه.. بات يمشي بعاره وينام بعاره، ويأكل بعاره، كلما نظر في المرآة رأى عاره لن يعود أبدا شريفا فقد كان بإمكانه أن يفكر ويتروى، يتحاور ويتكلم، يحتضن بناته ويكون صديقا لا عدوا.. ماذا جنت يداك وهل في قتلهن راحة!!
أذكر تماما حين أجريت مقابلة مع أحد القتلة في سجون السلطة في ذات القضايا.. قال مستعد ان أقتل أمي واختي أيضا الآن وبدون ان أتأكد او أسال ليس هنالك أسهل من ذلك!!! العار بات قاتلا ولم يعد إنسانا!!
قتل مع سبق الإصرار والترصد:
لماذا في حالة النساء فقط يتم الحكم والتنفيذ في عقل الرجل وحده! ببساطة لأن الصمت المجتمعي والقبول المبطن وشرعنة القتل ضد النساء يشكل حماية كافية له للإفلات من جريمته!! إن المجتمع والقوانين متواطئة ضد النساء، ولذلك تذهب صرخات المؤسسات الحقوقية والنسوية سدى فالبيانات والتظاهرات لم تعد مجدية، فالفعل لازال مستمرا والقوة مع الرجل ليكون الأمر البيوت أسرار! وكأن القضية قضيته وحده.. بينما هو حق النساء جميعا.!
عشرة نساء.. اثنتي عشر.. عشرون !! قتلن والبعض يتعامى والمسلسل لازال مستمرا!! ما معنى أن المشهد لازال مستمرا.. يعني أننا جميعا شهود على القتل ويعني أننا لم نفعل الكثير بعد!! ويعني أننا عاجزون عن الدفاع عن حياة النساء!! ويعني أننا جميعا نحمل العار ونمشي به ..!!
لو أنك نظرت في عينيها!!!
لو أنك نظرت في عينيها ورأيت بريق الحياة الذي تكاد أن تسلبه!! لو أنك أصغيت لهمساتها وحاولت أن تخلق حوارا بينكما..!! لو أنك سمعتها وتركتها تردد اسم الله قليلا لربما هدأت نفسك وفكرت مئة مرة قبل أن تبسط يدك لتقتلها.!! لو أنك تخاف عليها لما فضحتها ولو أنك واثق بها لما حاكمتها ولو أنك رحيم بها لما ذبحتها مرتين الأولى حين صادرت روح الخالق من يملك مصادرتها فقط، والثانية أنك وأدت اسمها الذي هو اسمك بالعار !! لو أنك رجل لما قتلتها..
وهل في قتلهن حياة:
ظلامية العقل وعزلة التفكير ستؤدي إلى مزيد من التطرف والتضييق.. سحقا لمن يرى شرفه فيما بين فخذي امرأة!! الشرف أن تصون كلمتك وأن تدافع عن حريتك وكرامتك فما هو شرف الرجل؟.. إن كان مفهوم الشرف عند الرجل هو مقياس سلوك أهل بيته من نساء وهو ما يجسد في اعتبار الرجل صاحب القرار في حياة أو موت أهل بيته مادام قرر ذلك، فما الذي نأمله ونتوقعه من مفاهيم مغلوطة وعدائية تفترض دوما الجرم وتشير إلى حامي شرف العائلة بل وتضعه في قالب القاتل الشرعي ويمجده أعمامه وأخواله واخوته الذكور.. إنه اتفاق سري بالنظرات وبالإشارات وبالتنفيذ!! إنه واقع مرير يقتل النساء كل يوم بفكره ورؤيته الدموية.
انها تحلق بروحها الآن:
هي في الأعلى روحا وجسدها ملطخ بيديك الآثمتين ستنظر شئت أم أبيت إلى صورتها..لأنها تحدق فيك الآن وتصرخ لما قتلتني!! لا تنم هنيئا حتى لو كنت حرا طليقا فلن تكف عن سؤالك.. لما قتلتني؟! ستقض مضجعك وتتسأل وهل في قتلي شرف لك!!!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى