الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

قصة الأمس

  • 1/2
  • 2/2

لم يكن بوسع زوجة الخمس سنوات إلأ أن تبكي بحرقة، و هي تروى مأساة فرحة نغصت... أحلام بخرت ... أمال سيقت إلى الزوال ... و سعادة أغتصبت في المهد...
قالت: "أحببته مذ رأيته ... أدمنت صوته ... عشقت كلماته ... عشت طفولتي، وأنوثتي معه ... علمني أبجديات الحب ...  و كم كانت سعادتي لا توصف حين كللنا حبنا بالزواج... و أمضيت الليالي كالحمامة المطوقة بين ذراعيه، كان صدره وسادتي ... رائحته عطري ... أنفاسه تحييني... حتى "شخيره" كان كقطعة موسيقية "لبيتهوفن" في أذني!!!
 خمس سنوات مرت ... كأنها خمس ثوان... حسدنا الكثيرون، و تمنوا وصلا كوصلنا ...و جنونا كجنوننا... لا أنسى يوم بشرت بحملي ...لا أنسى عيناه و الغبطة الكامنة فيهما... تلك الإِ بتسامة الطفولية ، التي لم تفارق محياه مدة 9 أشهر ...و رزقنا بفتاة لم يخلق لها في الحسن مثيل... فهي ثمرة حبنا الأبدي، كان يدرك تماما كم أحب تلك الرجولة الطاغية فيه ... كم أعشق فحولته ...ضعفي بين يديه... رغبتي في وصله كل ليلة ... كم كنت أشتهى قبلاته ...لمساته ...و تصرفاته المجنونة معي ...كنت أسعد نساء الكون معه"
و هنا إختنقت كلماتها، و ملأ ت العبرات عيناها، الملتحفتان بكل شجون الكون و أدركت بصوت يكاد يكون مسموعا : "كان يوم... يوم إربعاء ...ذاك الإِربعاء المشؤوم ...حينها لم أدرك لماذا هجرني النوم ليلا ...لكنني الأن أصبحت على يقين "و إبتسمت إبتسامة مقتضبة، غامضة...  لم أدرك سرها إلإِ عندما أنهت كلامها، و أردفت في حزن: " غادر المنزل قاصدا عمله ككل يوم ...راسما قبلة فوق جبيني ... مقبلا إبنته مدندنا أغنية "للسيدة فيروز"و غادر المنزل مصحوبا بدعواتي الصباحية...
و ماهي إلا عشر دقائق ...حتى رن هاتفي... و سمعت صوتا، حفر في ذاكرتي يعلن حادث سيارة ألم بزوجي... "و تنهدت فأحسست لوهلة أن عاصفة هوجاء عصفت بي، و أنا جالسة أحاورها ثم أدركت قائلة :"كل ما أذكره إنني أودعت إبنتي لدى جيراننا... و حملت مفاتيح سيارتي ... ثم أوقفت تاكسي!!!... دلفت المستشفي، وكان في غرفة العمليات، و كم كانت الساعات متثاقلة... طويلة...مستبدة...قاسية... مميتة...
 و أخيرا خرج الطبيب ...و أخبرني بأنه أصيب ببعض الكسور البسيطة... و أنه سيتحسن قريبا، و لكنه أصيب إصابة بالغة... في عضوه التناسلي... و أن نسبة إصابته بالعجز الجنسي مرتفعة جدا ...و فعلا كان ذلك ... ومن هنا بدأت مأساتي ... و كان همي الأوحد، أن أخفف عليه ما حل بنا ...لأنني أعرف تماما معنى أن يكون الرجل عاجزا جنسيا، في مجتمعاتنا الشرقية...  خاصة زوجي الذي لطالما باركت فحولته... و تغنيت بذكورته... فحاولت الإِعتناء به أكثر من قبل... و لكنه كان  كل  مرة  يعتقد أنني أشفق عليه...
عرضت عليه الذهاب معا، لإِستشارة معالج نفسي ...لكنه ثار، و أخبرني بأنه إن كان عاجزا فهو لم يفقد صوابه بعد!!! فاعتراه الإِحباط ...و الإِحساس بالنقص ...و العجز ...فهجر غرفتنا، و أصبح ينام على الأريكة في "الصالون" ... يتفادى الكلام معي... و النظر إلي ...و حتى إبنتنا أهملها!!! و أخبرني مرة، أنه يفكر في منحي الطلاق ...و لكنني رفضت بشدة لأنني مازلت أحبه ... لا بل أعشقه...
 لكن الأمر إستفحل به ...و تحول إحساسه بالإِحباط إلى غيرة مفرطة... من كل المحيطين بي من زملائى في العمل ...أصدقائى... أصدقائنا المشتركين ...و حتى من أفراد عائلتى !!!
 وكان كل شيئا يسوء في حياتنا مع مرور كل يوم حتى بت أشعر أنني لا أعرفه!!! و أخيرا دخل الشك قلبه ...و أصبح يراقبني ...و يتعقب خطواتي، حتى أنه عنفنى مرة ...لأنني تأخرت عن موعد عودتي بنصف ساعة"
وأنهت حديثها قائلة :"اليوم عيل صبري ... و نجح في جعلي أكرهه ...و أكره العيش معه ...لكنني لم أجرأ و أطلب طلاقي... لأنني أخاف نظرة المجتمع لي... أخاف أن تكبر إبنتي، و تعتقد أني تخليت عن أبيها، عندما كان في أشد الحاجة لي... و أخشى من نفسي أن أتخذ عشيقا!!! و أخسر إحترامي لذاتي" 
والأن أدركت تماما سبب تلك الإِبتسامة  الغامضة ... التي عجزت عن فهمها أثناء حديثنا

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى