في أحيان يتملكك الذهول واستغراب عدد من الممارسات الخاطئة، خصوصاً إذا كانت صادرة من أناس يفترض فيهم العلم والمعرفة، ولديهم سعة من الإدراك والاطلاع لا بأس بها.
تستغرب أخطاء فادحة ترتكب ضد الآخرين مصدرها أناس ينظرون ويتحدثون عن الصواب والطريق الصحيح ونحوها من المثل، لكن أكثر ما يزعج هو رؤيتك البعض عندما يظهر بالوقار الديني، خصوصاً من حيث الملبس ونحوه، لكنه ما إن يتحدث حتى يقطر سماً، والعياذ بالله، مع الضيق من الآخر ورفض التجديد والتحديث والإنكار والهجوم ونحوها من الممارسات المؤلمة، فضلاً عن تصنيف الناس وتوزيعهم بين فاسد ومفسد وبين مغرب ومتغرب ونحوها من الأحكام العشوائية التي تطلق على كل من يخالفه أو يعترض عليه.
أدرك أن في بلادنا الحبيبة، ولله الحمد، أمثال هؤلاء لا يعيشون، لأن ضوء الحقيقة وفهم المجتمع أكبر وأعظم من تخريفاتهم، لكنهم موجودون في عالمنا العربي، وبتنا اليوم نشاهدهم في مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر والفيسبوك، فنقرأ تعليقاتهم وكلماتهم التي لطالما أضحكت العالم منها، ومن المستوى الفكري وضحالته وسطحيته.
هؤلاء في بعض عالمنا العربي تسلطوا على مفاصل التعليم، وسيطروا على المنابر وعلى الأنشطة الطلابية، فأعاقوا تطورها وأرجعوها للوراء كثيراً، لكن الأخطر أنهم جعلوها منابر لحركاتهم وميولهم وأهدافهم لا أكثر ولا أقل، لقد اختزلوا الوطن في جماعتهم ورؤيتهم، فحاولوا تحريف مفهوم الوطنية، وحاولوا تغذية العداء بين المجتمعات.
ولنا في عدد من دول عالمنا العربية شواهد وأمثلة تغني عن ألف حديث وكلام، بل في دولة عربية أكثر من يلهب «تويتر» بالحديث عن شتم ونقد بلادهم هم من هذه الفئة، حتى يخيل لك أن هذا البلد يعيش في العصور الوسطى فلا تطور ولا نهضة ولا مستشفيات ولا مطارات ولا طرق ولا حضارة أو تنمية، لكنك عندما يقدر لك زيارة عاصمتهم أو إحدى مدنهم تلفحك الجريمة، جريمة الكذب، جريمة كراهية الوطن، جريمة الابن العاق، جريمة اختزال الوطن في فئة تستخدم كل وسيلة لنشر الزيف بحق بلادهم ومجتمعهم.
الذي أريد الوصول إليه هو أن مثل هؤلاء مصيبة كبرى أولاً في علاج ظاهرتهم، لأنهم متلونون فهم كالخفافيش تعيش في الظلام، ولا تضرب إلا وأنت عنها غافل، أقول لسنا بحاجة أبداً لاستقطاب أو استقدام هذه النوعية، وهذه الأمثلة إلى بلادنا، ولنكتفِ بتجربة الآخرين الذين سيمضون سنوات لعلاج هذا الورم الخبيث.