ازداد إقبال الفتيات والسيدات على صالونات التجميل ليس فقط لتصفيف الشعر أو تجميل الوجه كما كان في الماضي، ولكن أضيفت أهداف أخرى إلى ذلك، ولكن للأسف اعتمد أصحاب صالونات التجميل على عاملات لا يملكن المعرفة والخبرة اللازمتين لاستخدام هذه التقنيات المتطورة، مما أدى إلى وقوع العديد من الحوادث المؤلمة راح ضحيتها الكثير من الباحثات عن الجمال.
تروي مي قصتها مع صالونات التجميل قائلة “وجود بعض البثور في وجهي كان يزعجني جدا، وعندما أخبرتني إحدى العاملات في مركز التجميل الذي اعتدت التردد عليه عن وجود كريم جديد لتقشير البشرة، اشتريته منها بمبلغ زهيد، وبعد أيام من استخدامي الكريم فوجئت بزيادة البثور في وجهي بشكل لافت للنظر”. وأضافت “سألت العاملة فأجابتني بأن زيادة البثور أمر طبيعي، وأن علي الانتظار حتى تجف، لكنني لم أحتمل ذلك، وسارعت إلى أحد الأطباء فأخبرني أنني استخدمت كريما لا يتلاءم مع بشرتي، وأجرى لي عملية تقشير كيميائي لم تكن النتيجة مرضية، وبعد سنة ذهبت إلى طبيب آخر أجرى لي عملية أخرى وأعطاني علاجا، ولم أستفد منه أيضا، وبعد سنتين اضطررت إلى إجراء عملية جراحية تجميلية على وجهي، ورغم كل ما أنفقته من مال وما تحملته من معاناة جسدية ونفسية لم يعد وجهي إلى سالف عهده”.
أما مريم (35 عاما)، فتروي تجربتها قائلة “أنا أهتم بجمالي كثيرا مما جعلني ألهث وراء مختلف الإعلانات التي تروج لمستحضرات التجميل والحفاظ على البشرة وحمايتها من عوامل الزمن، وفي إحدى زياراتي لصالون التجميل أخبرتني إحدى العاملات أن لديهم قناعا (ماسك) له تأثير رائع في شد البشرة وتنظيفها من الشوائب التي قد تعلق بها، فطلبته منها على الفور، وبالفعل وضعته على وجهي مدة 15 دقيقة، ثم أزلته، ولم أشعر بشيء غير طبيعي إلى أن عدت إلى المنزل، حيث أصبت بحكة خفيفة أخذت تتزايد مع الوقت إلى أن تحولت إلى التهاب واحمرار شديد في الوجه، فسارعت إلى الطبيب الذي أخبرني أنني أعاني حالة تهيّج شديد في البشرة نتيجة استخدام مستحضر يحتوي على مواد مسببة للالتهاب، ووصف لي عددا من العلاجات، لكنني لم أتخلص من آثار الالتهاب إلا بعد فترة طويلة من العلاج”.
وتشكو نوال صالح مما أصابها قائلة “كنت أشعر بالضيق والخجل من وجود هالات سوداء أسفل العينين بصورة دائمة، وترددت على أكثر من طبيب متخصص في الأمراض الجلدية، ولكنهم أخبروني أن هذه الهالات هي صفة وراثية في عائلتي ومن الصعب التخلص منها، ولكن يمكن تخفيفها باتباع تعليمات معينة مثل الحصول على قدر كاف من النوم، وعدم السهر، والتغذية الجيدة”. وتابعت “لكنني لم أقتنع بذلك، وظللت أحلم بالتخلص من الهالات المزعجة التي تشوه وجهي، فدلتني صديقة لي على مركز تجميل يعالج هذا الأمر، فتوجهت إليه، وهناك أعطتني خبيرة التجميل كريما خاصا للتخلص من هذه المشكلة.. استخدمته لمدة أسبوع، ولاحظت خلاله ظهور بقع داكنة على البشرة، ثم اتسعت مساحتها لتغطي بشرتي وتجعلها تبدو كالمحترقة، فأسرعت إلى الطبيب فطلب مني التوقف نهائيا عن استخدام الكريم الذي حصلت عليه من الصالون، وأعطاني علاجا استمر لمدة ثلاثة أشهر”.
ومن جانبها تقول منال عبدالرحيم، استشاري الأمراض الجلدية والتجميل، “بالفعل أصبح هناك الكثير من التداخل بين صالونات التجميل ومراكز العناية بالبشرة، لذلك يجب على المرأة أن تدقق عند اختيار من تسلم له بشرتها التي تعتبر عنوان جمالها، فلا تذهب إلى عاملة في صالون تجميل عادية وتطلب منها أن تجري لها عملية تقشير أو تنظيف عميق للبشرة، كما يجب ألا تنساق وراء ما تقدمه بعض الصالونات من مستحضرات تجميل مجهولة الهوية والمنشأ، حتى لا تعرض نفسها لعواقب وخيمة، فالعناية بالبشرة أمر يختلف عن تجميل الوجه، ويجب أن تقتصر ممارستها على الأشخاص المؤهلين لذلك، والذين يمتلكون المعرفة والدراسة والخبرة الكافية للتعامل مع كل بشرة بحسب نوعها، والقدرة على استخدام الأجهزة الحديثة بما تتضمنه من تقنيات متطورة”.
ويوضح شريف صقر، استشاري الأمراض الجلدية والذكورة والعقم، قائلا “هناك الكثير من الحالات التي تأتي للعلاج، نتيجة أخطاء وممارسات العاملات في مراكز التجميل التي انتشرت بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة، وواكب هذا الانتشار اتساع دائرة أنشطتها حتى تداخلت مع تخصصات عيادات علاج الأمراض الجلدية الذي يجب ألا يتم إلا تحت إشراف طبي متخصص”.
وأضاف موضحا “نتيجة لهذا التداخل تحدث العديد من المشكلات التي تقع ضحيتها الكثير من السيدات، ومن هذه المشكلات الأمراض التي تصيب الشعر وفروة الرأس، والتي تنتج عن الاستخدام الخاطئ لبعض الأنواع غير المناسبة من صبغات الشعر، أو استخدام الصبغة باستمرار، واستخدام ما يعرف بكريمات فرد الشعر دون التأكد من مكوناتها وما تتضمنه من مواد كيميائية”.
وقال صقر “للأسف بعض المستحضرات والتركيبات التي يتولى تركيبها العاملون في صالونات التجميل دون خبرة العلاج تؤذي فروة الشعر، مما يؤثر في المواد البروتينية المكونة للشعر وخلايا جلدة فروة الرأس ويُحدث أضرارا عديدة مثل تقصّف الشعر وتساقطه الذي يمكن أن يصل إلى مراحل متأخرة، فيتوقف عن النمو وتقل كثافته إلى درجة كبيرة، ولذلك لا بد من استشارة الطبيب المختص في حالة الإصابة بأي من الأعراض التي ذكرناها، لتشخيص الحالة بدقة ووصف العلاج المناسب”.
ويرى أمجد عبدالله، استشاري الأمراض الجلدية والليزر، أن هناك فرقا كبيرا بين صالونات التجميل وبين الذهاب إلى عيادة طبيب مختص، مبديا استغرابه من أن تقوم بعض النساء بالمغامرة بشكل غير محسوب بتجريب كريمات أو تركيبات مجهولة المصدر فقط لأن عاملة في صالون تجميل تدعي الخبرة نصحتهن باستخدامها.
ويضيف “في حقيقة الأمر، المقارنة مرفوضة بين الصالونات التجميلية التي من المفترض أن تقصدها المرأة للتزيّن وبين العيادات المتخصصة في علاج البشرة التي تشكو من مشكلات مثل حب الشباب أو البثور أو الكلف أو غيرها، وعلى المرأة أن تدرك جيدا أن التجربة في مكان مجهول مثل أمور البشرة والتجميل قد تؤدي إلى نتائج سيئة تحتاج أشهرا حتى تشفى منها”.