الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة في المرآة.

  • 1/2
  • 2/2


1-
جرى الحديث ويجري ولن ينتهي حول المرأة، حريتها وحقوقها الإجتماعية والإنسانية. هذا الحديث لا يخص المجتمعات المتأخرة ولا النامية فقط ولكنه يتعداها إلى المجتمعات المتقدمة في العالم ايضا، مع النظر إلى اسباب ومسببات هذا الحديث واهميته واعتباره بالنسبة لوضع المرأة الإجتماعي والإنساني في تلك المجتمعات. ونحن، هنا في العراق، نتحدث منذ سنوات طويلة ولا ننفك عن حرية المرأة وحقوقها الإجتماعية والإنسانية في مجتمعنا، خاصة بعد نيسان 2003 حين توسع هذا الحديث وتشعب واخذ ابعادا جديدة بفضل حرية التعبير والكلام والرأي الحر والتي توفرت للعراقيين إلى جانب نشوء المنظمات المدنية المطالبة بحقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة. هذا الواقع الجديد دفع المتحدثين والمتحدثات، المدافعين والمدافعات، عن حرية المرأة وحقوقها الإجتماعية والإنسانية، وخاصة المرأة نفسها، للمطالبة باشراكها في الحياة السياسية الجديدة على مستوى البرلمان المنتخب والحكومة المنتخبة بفضل ولادة ونشوء نظام ديمقراطي حر، لا يزال يتعثر في خطواته الأولى بعد مضي اكثر من عشر سنوات على قيامه، الأمر الذي لم يكن متاحا ولا ممكنا في النظام السابق . وقد أدلى من يهمه الأمر ومن لا يهمه بدلوه على إمتداد السنوات الماضية حتى كاد هذا الحديث يُستهلك بكثرة الكتابة حوله وترديد وتكرار ما قيل فيه دون ان نقرأ او نسمع كلاما موضوعيا وعقلانيا حول وضع المرأة الإجتماعي والإنساني من كتاب مستقلين ومنظمات مدنية تعنى بحقوق الإنسان وأخرى إنسانية غير حكومية، لأننا في العادة لا نثق بكلام أي نظام سياسي قائم، خاصة إذا كان نظاما دكتاتوريا، حين يصف وضع المجتمع في ظل حكمه ومنه وضع المرأة وصفا يظهرها إمرأة قد تحقق لها كل شيء في مجتمع كامل الأوصاف يتولى حكمه وتصريف اموره، كما كان يفعل النظام السابق. وقد حدث بالفعل تحسن نسبي عبر السنوات الماضية بعد نيسان 2003 في وضع المرأة الإجتماعي والإنساني، ولكنه لم يصل بعد إلى مستوى الطموح والرجاء، بفضل الوعي الذي لا يزال ناقصا، من قبل الطرفين، الرجل والمرأة بما لأحدهما على الآخر من حقوق وواجبات زوجية، إجتماعية وإنسانية، هذه الحقوق والواجبات التي تقف في طريق تأديتها صعوبات الحياة ومشاكلها اليومية المتراكمة والتي تنعكس آثارها على الرجل والمرأة سواء بسواء والتي سنتناولها لاحقا. وقد كفل الإسلام حقوق المرأة الإجتماعية والإنسانية في القرآن وتعامل معها بالعدل، فيما لها وما عليها. ولكن، إذا كنا نفهم ونتفهم ما يكتبه الكثير من الكتاب والكاتبات غير المسلمين من الأديان الأخرى ومن العلمانيين الذين ينادون بحرية الأديان، فإننا لا نفهم ولانتفهم ما يكتبه الكثير من الكاتبات والكتاب المحسوبين على الإسلام المدافعين عن المرأة حين يتجاهلون ما جاء في القرآن او يحاولون لي الحقائق التي جاء بها حول المرأة، ما لها وما عليها، وتفسيرها على هوى ما يشاؤون ويشتهون او يرفضونها، إن لم يكن علنا فضمنا في كتاباتهم.
نحن نريد ان ندلو بدلونا ايضا لنخرج بشيء قد يضيف إلى ما ادلى به الآخرون من رجال ونساء حول هذا الموضوع....
2-
.... الرجل هو الرجل والمرأة هي المرأة، خُلقا اساسا ليلتقيا ويتفقا على حياة جنسية مشتركة من أجل إنجاب الأطفال بهدف المحافظة على ديمومة الجنس البشري لغرض لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، وعيا ذلك أم لم يعيا، رغبا فيه أم لم يرغبا. هذه الحياة الجنسية المشتركة يجب ان تتم شرعيا وقانونيا، ونحن نتحدث كمسلمين، عن طريق الزواج الذي يصلا إليه بطريق مباشر او غير مباشر. ففي الأول يرى الرجل المرأة في أي مكان فتعجبه فيطلب من أهله التحري عنها وطلبها للزواج به، او يخبر اهله انه يريد الزواج ويطلب منهم البحث له عن إمرأة للزواج بها. وفي الثاني يلتقي الرجل مع المرأة في أي مكان فتقع عنده موقعا حسنا ويهفو قلبه إليها في اللحظة والتو. ويستغرق الأمر لوقت قد يطول وقد يقصر، يعمل الرجل خلاله على التقرب من المرأة بما يملك من وسائل الإقناع والتحبب إليها. فإذا إستجابت المرأة له نشأت علاقة عاطفية بينهما تسمى علاقة حب، وقد لا تستجيب لأسباب إجتماعية أو شخصية، خاصة في مجتمع محافظ مثل مجتمعنا العراقي، وليس علينا ان نفصل فيها حتى لا نبتعد عن موضوعنا الرئيسي. وقد لا يكون هدف هذه العلاقة العاطفية من جانب الرجل هو الزواج ولكنه هدف أساس من جانب المرأة. وقد تفشل هذه العلاقة العاطفية ولا تنتهي بالزواج حين تكتشف المرأة ان هدف الرجل هو العبث وقضاء الوقت معها. وليس علينا، ايضا، ان نفصل في هذا الأمر لأنه يخرج بنا عن الموضوع الرئيسي . وسواء كان هذا الإلتقاء بالمرأة والزواج بها يتم بطريق مباشر بلا علاقة حب عاطفية قبل الزواج أو بطريق غير مباشر حين يرتبطان بعلاقة حب عاطفية تنتهي بالزواج، فإن الهدف الأساسي الذي يتقدم كل الأهداف من الزواج عند الرجل هو الرغبة في ممارسة الجنس اولا وإنجاب الأطفال ثانيا في وقت لاحق، بينما الهدف الأساسي الذي يتقدم كل الأهداف من الزواج عند المرأة هو الرغبة في إنجاب الأطفال اولا وممارسة الجنس ثانيا. وتتقدم الرغبة في الإنجاب عند الرجل لتكون هي الأولى كما عند المرأة حين تتراجع رغبته في ممارسة الجنس للتمتع بلذته لتكون هي الثانية مع مرور الوقت وتكرار ممارستها وتباعد التفكير فيها. وينحصر تفكير الرجل غالبا في إنجاب الولد وليس البنت، لأن الولد يثبت رجولته امام الناس، ولأن الولد يحمل أسمه بعد موته، ولأن الولد يعينه على الحياة في شيخوخته. وينحصر تفكير المرأة في إنجاب الأولاد، الذكر او الأنثى، لرغبتها اولا في ان يكون لها ولد بحكم غريزة الأمومة عندها، ولكنها تريد الذكر قبل الأنثى إرضاء للزوج في رغبته في ان يكون عنده ولد ذكر، صرح بذلك ام لم يصرح، ولإعتقادها ثانيا ان الولد الذكر هو من يحميها حين يشب ويكبرإذا توفى زوجها او غاب عنها او هجرها لأسباب مختلفة. فالمرأة تتمسك بالرجل كحام لها تعتمد عليه في وجودها في البيت وتشعر انها تعيش في ظل حمايته، فتقلق حين يغيب عن البيت لوقت طويل او تتضايق حين ينشغل عنها بعمله او تغار حين يتحول عنها إلى إمرأة غيرها، وتكثر لهذه الأسباب وغيرها الخصومات والنزاعات والشجارات بينهما. ويتبدل الحال حين يكون للمرأة ولد أو اكثر، وتبدأ تشعر انها بحماية ولدها او اولادها إذا ما توفي زوجها او غاب عنها لوقت طويل او تشاجر معها فهجر البيت او إنشغل عنها فاهملها او تحول عنها إلى إمرأة غيرها . يحدث هذا مع المرأة غريزيا بسبب شعورها الدائم بحاجتها للحماية والأمان، فهي، قبل الزواج، في بيتها، مع اهلها وخاصة مع والدها، تشعر بالحماية والأمان، وعندما تنتقل إلى بيت الزوجية تنتقل مسؤولية حمايتها ضمنا إلى الزوج . ولكن، مع بعض الزوجات، هذا الشعور بالحماية والأمان مع الزوج يبقى مع الزوجة حتى مع وجود الولد او الأولاد إذا ما إنتقلت العلاقة الزوجية التي قامت بين الرجل والمرأة على أساس الحب، قبل الزواج او بعده، إلى علاقة زوجية تقوم على اساس الوعي بالمسؤولية المتبادلة؛ مسؤولية الزوج تجاه زوجته ومسؤوليتها تجاه زوجها في البيت طيلة وجود الأولاد فيه وقبل ان يستقلوا بحياتهم خارج البيت. فتراها تتعامل وتتصرف مع زوجها كما لو كانت بلا ولد ولا اولاد؛ تهتم به وترعاه وتستجيب لطلباته وتسمع لكلامه كزوج كما تهتم باولادها وترعاهم. ان الرجل والمرأة، والرجل قبل المرأة، لا يذهبان بتفكيرهما ابعد مما بيناه بالنسبة إلى الهدف من الإنجاب لكليهما. فهما، وهو قبل هي، لا يفكران، كما لا يفكر اكثر البشر، بالهدف الأساسي والحقيقي للزواج؛ إنجاب الأطفال بهدف المحافظة على ديمومة الجنس البشري، وان ما يجمع بينهما في حياتهما المشتركة من علاقة إجتماعية وإنسانية وعاطفية يفترض ان تكون جيدة، هو إنجاز هذا الهدف باحسن صورة، بالتربية السليمة التي اساسها الدين والأخلاق القويمة والرعاية الصحية التي اساسها التغذية الجيدة حتى يشب ويكبر ويدرك ما حوله دون ان يعيه ثم ينضج عقليا ويفهم ما حوله ويعيه. وما عدا ذلك فإن لكل منهما عالمه الخاص به بسبب التركيبة الجسمية والعقلية والروحية والنفسية ... إلى آخره. هذا العالم الخاص لكل منهما يجب ان يُحترم من كلا الطرفين إذا إالتزم كل طرف بحدوده وعرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات زوجية، إجتماعية وإنسانية. ولكن، ماذا يحدث للمرأة، قبل الزواج وبعده بحيث يجعل قضيتها قصة لا تنتهي مع الرجل في البيت ومع المجتمع خارجه، ويجعل من الرجل او المجتمع او كلاهما هما المدعى عليهما على طول الخط؟
3-
إذا كنت افهم واتفهم قضية المطالبة بحقوق المرأة الإجتماعية والإنسانية فلا افهم ولا اتفهم قضية الدفاع عن حرية المرأة. هل المرأة، قبل الزواج او بعده، سجينة؟ وإذا كانت سجينة فمن الذي يصادر حريتها، البيت أم المجتمع؟ هل حرية المرأة هي في التصرف بحياتها الشخصية في المجتمع خارج بيتها قبل الزواج أم حرية المرأة في التصرف بحياتها الشخصية خارج البيت بعد الزواج؟ ان الذين يدافعون عن حرية المرأة يخلطون بين المرأة وهي بعد فتاة لم تتزوج والمرأة وقد تزوجت واصبحت مسؤولة عن بيت وزوج واولاد. فالمطالبة بحرية الفتاة، بما يسمح به الشرع والقانون طبعا، والدفاع عنها اولى من المطالبة بحقوقها الإجتماعية والإنسانية لأنها، الفتاة، تستطيع بحصولها على حريتها ان تطالب وتحصل وتدافع عن هذه الحقوق ومنها ان تنفتح على الحياة وتفكر بحرية ويكون لها رأيها وموقفها مما تراه وتسمعه بقدر إدراكها ووعيها، وتختار ان تتعلم وتصل في تعلمها إلى المرحلة التي تقدر عليها، وان تختار الزوج المناسب لها. كما ان المطالبة بحقوق المرأة المتزوجة الإجتماعية والإنسانية أولى من المطالبة بحريتها التي إن لم تكن قد حصلت عليها وهي فتاة لم تتزوج بعد فإنها لا تعود بحاجة إليها الآن وقد صارت زوجة مسؤولة عن بيت واولاد وفي حماية زوج، إلا إذا حدث الطلاق بينها وبين زوجها لأي سبب، وحينها يمكنها ان تطالب او يُطالب عنها بحريتها لتكون حرة في إختيار طريق جديد لحياتها بعد الطلاق إذا ما وقف احد في طريقها. من اجل هذا وبسببه يجب ان لا يكون مفهوم الدفاع عن حرية المرأة والمطالبة بحقوقها الإجتماعية والإنسانية عند المدافعين عنها والمطالبين بحقوقها الإجتماعية والإنسانية، مفهوما عاما وملتبسا، فضفاضا وغائما، بل مفهوما محددا يذهب إلى هدفه مباشرة بدون تعميم وخلط حتى بالنتائج المؤملة منه. ان المطالبة بحرية المرأة والدفاع عن حقوقها الإجتماعية والإنسانية قبل ان تتزوج غير المطالبة بحريتها وحقوقها الإجتماعية والإنسانية وهي زوجة مسؤولة عن إدارة شؤون بيت وتربية اولاد وفي رعاية زوج.
بعض النساء يدافعن عن المرأة ويطالبن بحريتها وحقوقها الإجتماعية والإنسانية وهن لا يملكن صفة المرأة الحقيقية وانوثتها بسبب ما جُبلِن عليه من خِلقة يُعانين منها، ولكنهن يُمعن في تكريسها والزيادة عليها وكأنهن ينتقمن مما جُبِلن عليه. ترى الواحدة منهن قد قصت شعرها كما الرجل بدلا من إطالته لأن رمز انوثة المرأة هو الشعر الطويل، او إنها تلعب الألعاب الرياضية التي يلعبها الرجال مثل كرة القدم او رفع الأثقال او المصارعة او الملاكمة وغيرها من الألعاب التي تتصف بالخشونة والعنف، او تلبس كما يلبس الرجال، أو تراها وقد انغمست في العمل السياسي لسنوات فضعفت أُنوثتها او تلاشت وشاب شعرها، وصارت (إمرأة( مسترجلة تكره ان يتقرب منها الرجال او لا تهتم ان يتقربوا منها لشدة إلتزامها بعملها السياسي وإنشغالها به ونشاطها فيه.... بينما تكون الرقة واللطافة والعذوبة إلى جانب الرزانة والرصانة والإتزان في الشخصية هي رمز المرأة وانوثتها. وبعض النساء، ايضا، المتحررات المتنعمات يطالبن بحرية المرأة وبحقوقها الإجتماعية والإنسانية بدلا من ان تطالب هي بنفسها بهذه الحرية وهذه الحقوق. فأنت ترى في الندوات والمؤتمرات نساءا متأنقات، متعطرات، منتفخات، ولا تجد بينهن إمرأة فلاحة او عاملة او ربة بيت او حتى موظفة صغيرة تتقدم إلى المنصة لتتكلم هي عن نفسها بنفسها وتطالب بحقوقها وحريتها، حتى لو كانت لا تحسن الكلام بشكل جيد كما يحسنه السادة والسيدات الذين يتحدثون بالكلام المنمق والـ )المصفط)
وما يقال عن النساء المدافعات عن المرأة يقال عن الرجال المدافعين عنها. حقيقة، أنا ارفض ان يقف الرجل المتزوج خلف المنابر مدافعا عن المرأة ومظلوميتها. لماذا؟ لأنه لا يوجد، في رأيي، رجل متزوج هو كامل الأوصاف في التعامل مع زوجته؛ يمضي حياته الزوجية معها بدون مشاكل ومشاحنات وشجارات يتناوبان بالتسبب في حدوثها! بعض هؤلاء اتخذوا من قضية المرأة وسيلة يتمظهرون بها امام المجتمع؛ يتحمسون في الكلام ويطلقونه من خلف المنابر في المؤتمرات والندوات، مدافعين ومنافحين عن المرأة، ويتحمسون في الكلام ويطلقونه مهاجمين وحاملين على المجتمع الذكوري وهم جزء منه ويسيطرون عليه. ونحن نسأل هل يتخلى الرجل، في اللحظة التي يقف فيها على منبر الخطابة ويتحدث امام المجتمعين في المؤتمرات والندوات مدافعا عن المرأة، عن غريزة الشعور بتفوق الرجل على المرأة، وشعورالرجل بتبعية المرأة له وتقدمه عليها؟ ان الرجل حتى وهو يدافع عن المرأة ويطالب بحريتها وبحقوقها الإجتماعية والإنسانية فهو يفعل كل ذلك من منطلق الوصي والقائم على شؤون حياتها كأنسانة قاصرة لم تدرك ولم تبلغ سن الرشد بعد . إن غريزة الشعور بتفوق الرجل على المرأة وشعوره بتبعية المرأة له وتقدمه عليها موجود حتى في اكثر المجتمعات تقدما وتحضرا، فكيف به في مجتمعنا الشرقي وخاصة في مجتمعنا العراقي المحافظ؟ ان هذا لا يعني اننا نقر بهذه الحقيقة من دون تجريدها مما يعلق بها من سوء فهم لهذا التفوق وهذه التبعية بحيث لا يعني هذا إلغاء شخصية المرأة وتضاؤلها امام الرجل، والتجاوز على إنسانيتها. إن المرأة تتبع الرجل شرعا وقانونا، ولكنه إذا عاملها كتابع له لم يعد رجلا. والرجل يتفوق على المرأة جسما وعقلا بحكم طبيعة الخَلق ولكنه إذا عاملها بتعال ودون لم يعد متفوقا عليها، بل هي التي تكون قد تفوقت عليه.
4-
ما هي الأسباب الحقيقية للمشاكل التي بمكن ان تحدث بين المرأة الرجل كزوجين يعيشان حياة زوجية مشتركة قد تمتد إلى سنوات طويلة؟ لماذا لا نشيرإلى سببين اساسيين لهما علاقة وثيقة بالمشكلة، او المشاكل، التي تنشأ بين الرجل والمرأة على إمتداد حياتهما الزوجية، احدهما، اقصد هذين السببين، يتسبب به وضع سياسي معين والثاني يتسبب به وضع إجتماعي معين هو الذي يقود في آخر الأمر إلى تسميم او تخريب او نهاية العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة مهما امتد بها الزمن، احدهما مطروح ولكنه يحتاج إلى تعيينه والإشارة إليه بصراحة ووضوح اكثر مما يشير إليه الآخرون عندما يُناقش، في المؤتمرات والندوات والحوارات، كسبب إجتماعي دون إرجاع هذا السبب الإجتماعي إلى مسببه الأول، ذلك هو النظام السياسي السائد في أي بلد. والسبب الثاني هو سبب إجتماعي يحتاج إلى ان يُثار ويُطرح بشيء من الجرأة والصراحة لأول مرة!
السبب الأول، ان النظم السياسية الدكتاتورية وتلك المتخلفة والرجعية في أي بلد وما يترتب عليها من تقييد لحرية الناس، خاصة من الطبقة الوسطى والفقيرة، وتكميم افواههم وتضييق مجالات العيش امامهم وتنغيص وتسميم حياتهم والوقوف في طريق تطلعاتهم وطموحاتهم وآمالهم هو السبب الأساسي الأول، في رأينا، لاية مشكلة إجتماعية وأقتصادية تنشأ في مجتمع ذلك البلد ومنها المشاكل الزوجية من نزاعات وخصومات وشجارات تحدث بين الرجل والمرأة، وتصل إلى حد إستعمال العنف ضد المرأة وحدوث الطلاق بين الزوجين .إن على المطالبين بحقوق المرأة الإجتماعية والإنسانية من الرجال والنساء ان يضعوا هذا السبب نصب اعينهم عندما يقفون مدافعين ومنافحين عن المرأة. عليهم ان يتحدثوا بمو ضوعية وعقلانية وبعدل وانصاف ويعطوا كل ذي حق حقه، الرجل والمرأة، على ضوء مشاكل الحياة التي تتسبب بها في الأساس النظم السياسية الدكتاتورية القمعية والنظم السياسية الرجعية المتخلفة. إن شظف العيش الذي تتسبب به تلك الأنظمة عندما تفنن الحياة المعيشية وتضيق ابواب الرزق على الناس تبعا لسياساتها الإقتصادية النابعة من طبيعة نظامها الدكتاتوري والرجعي المتخلف، تتسبب في خلق مشاكل كثيرة ومختلفة داخل العائلة الفقيرة والمتوسطة الحال، من بينها المشاكل بين الزوج والزوجة بسبب صعوبات العبش وتضييق مجالات العمل والرزق التي تلاقيها وتواجهها العائلة في حياتها اليومية والتي تتسبب بها تلك الأنظمة السياسية. فالظلم الذي يمكن ان يوقعه الزوج في البيت على عائلته ومنها زوجته سببه في الغالب الظلم الذي يوقعه النظام السياسي الدكتاتوري والمستتبد على مواطنيه ومن بينهم هذا الزوج الذي عليه ان يكدح في النهار ليأتي بما يسد حاجة عائلته من المأكل والملبس والحاجات الأخرى.
والسبب الثاني، إن طاقة الرجل الجنسية ورغبته في ممارسة الجنس اكبر واكثر من طاقة ورغبة المرأة، كما ان سن اليأس وتوقف المرأة عن الحيض وإنتهاء قدرتها على الحمل يكون في الخمسين بينما يكون الرجل لا يزال لديه القدرة على إنجاب الأولاد إذا كان يرغب في ذلك، ولكن تبقى رغبته الأكيدة في ممارسة الجنس بحكم طاقته الجنسية التي تلح عليه ان يقوم بهذه الممارسة، رغما عنه وحتى لو لم يكن يريد احيانا. ولذلك، جرت العادة ان يتزوج الرجل إمرأة اصغر منه سنا, ولذلك ايضا، فإن أي رجل في حال مثل هذه يتسرب إليه الملل والضجر من العشرة الزوجية الطويلة، وتكون الرغبة لديه في ممارسة الجنس مع زوجته وقد مضى على زواجهما وقت طويل، فاترة وباردة وبلا طعم، ويمارسها لهذا السبب في أوقات متباعدة رغم حاجته إليها بين ليلة واخرى. وليست المرأة كالرجل في بقاء رغبتها في ممارسة الجنس مع زوجها في حال مرور وقت طويل على العشرة الزوجية خاصة إذا كان لديها اولاد ومسؤولية بيت، ولأن، كما قلنا سابقا، غاية المرأة من الزواج هو الحصول على ولد اولا بحكم غريزة الأمومة. وبعد حصولها على الولد نبدأ تلتفت شيئا فشيئا ومع الأيام إلى رعاية أولادها وتهتم بهم وببيتها اكثر من إلتفاتها إلى زوجها بوعي منها او بدون وعي. من هناك أولا؛ من الشعور بالملل والضجرمن طول العشرة الزوجية، ومن هنا ثانيا؛ من تحول الزوجة عن زوجها إلى أولادها وبيتها، تبدأ المشاكل والنزاعات والشجارات تنشأ بين الزوج والزوجة لسبب او بدون سبب. والحق، إن الزوج، بسبب ملله وضجره من طول العشرة الزوجية لا يعود يتحمل أية مضايقات او تصرفات او سلوكيات ولو بسيطة وصغيرة تصدر من الزوجة في البيت وخارج البيت امام الآخرين، ويبدأ يتحجج على الزوجة بسببها تعبيرا عن حياة الملل والضجر التي يعيشها مع الزوجة. والحق ايضا، ان الزوجة لا تعود تهتم كثيرا بالزوج ولا برعايته قدر اهتمامها ورعايتها لاولادها عندما يكون لديها اولاد مما يولد لدى الزوج شعور قوي بأنه إنسان مهمل ولم تعد له اهمية في البيت ما دام الأولاد موجودين، فهو الذي يكون حاميا للزوجة عندما لا يكون لديها اولاد، ولا يعود حاميا للزوجة عندما يكون لها اولاد، وهذه الحاجة للحماية غريزة اساسية وشعور اكيد عند المرأة، كما بيناه سابقا. كما ان الزوجة لا تتفنن مع إمتداد العشرة الزوجية في الإحتفاط بزوجها قريبا منها كما في الأيام الخوالي عندما لم يكن لديها اولاد ولا مسؤوليات بيت كبيرة وكثيرة، ولا تسعى للتخفيف من ملله وضجره بعمل أشياء تتحبب بها إليه وتلفت نظره وتثيره، رغم ان هذه الأشياء لن تكون مجدية ولا تؤدي الغرض منها كثيرا ودائما إذا كان الرجل قد بدأ يفكر في إمرأة ثانية تعيش مع زوجته الأولى او تحل محلها! يحدث هذا عندما تكون للرجل إمكانية مادية يستطيع بها تأسيس بيت جديد لزوجة ثانية تلبي ويلبي بها حاجته الجنسية التي تلح عليه رغما عنه احيانا. ويعاني الرجل من الطبقة الفقيرة او المتوسطة الذي لا يملك إمكانية مادية كبيرة من نفس حالة الضجروالملل من ممارسة الجنس مع زوجته بسبب طول العشرة الزوجية، ويحلم بالزواج بأمرأة ثانية إذا كانت طاقته ورغبته في ممارسة الجنس تلح عليه لتلبيتها بين ليلة واخرى بعد مرور السنوات الطوال على العشرة الزوجية، ولكن عدم امكانيته المادية للزواج بأمرأة ثانية تقف حائلا امامه. وبدلا من ذلك فإن ملله وضجره ينعكسان على تصرفاته مع زوجته في البيت يوميا، وبذلك تُضاف مشكلة اخرى إلى المشاكل التي تواجه هذه العائلة الفقيرة او المتوسط الحال. وقد لا يقدم على الزواج بأمرأة ثاية من لديه القدرة المادية على الزواج لأسباب اهمها عدم رغبته في الجنس كثيرا بسبب إنشغاله، مثلا، بنشاطات ثقافية او إنسانية او إجتماعية، الأمر الذي يجعله بكتفي بأمرأة واحدة، او ان طاقته الجنسية عادية لا تلح عليه فتجعله بحاجة إلى ان يتزوج ثانية. وقد يقدم على الزواج بأمرأة ثانية من ليس لديه القدرة المادية على الزواج إنجرافا مع رغبته في ممارسة الجنس التي تلح عليه رغما عنه احيانا. ان المشاكل والنزاعات التي تحدث في العائلة بسبب هذا الأمر تحدث داخل العائلة الفقيرة او المتوسط الحال اكثر مما تحدث داخل العائلة الميسورة الحال...... لأسباب لا يسعنا المضي في طرحها هنا لحراجتها ....
.... فالمقام هنا يسع كلاما اطول فيه جرأة وصراحة اكثر في موضوع المرأة في المرآة، قد لا يسمح به اصحاب هذا المقام، وهذا من حقهم! ولهذا السبب فأنا اعتبر ان الموضوع لم يستوف الغرض من كتابته تماما، واجدني في إنتظار فرصة اخرى للتعمق والتفصيل فيه والإنتهاء منه، اقصد من جانبي وليس من جانب الذين يتخذون منه وسيلة للظهوروالتمظهر، من الرجال والنساء عندما تُعقد الندوات والمؤتمرات وتدور النقاشات والحوارات دون الخروج بنتيجة حاسمة ومعقولة لقضية المرأة والرجل، او كما يصر الكثيرون على وصفها بأنها قضية المرأة فقط دون الرجل الذي هو دائما في موقف المُتهَم الظالم للمرأة دون الأخذ بنظر الإعتبارالظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي تحيط بالعائلة عامة والزوجين خاصة والتي تتسبب في خلق المشاكل داخل العائلة وحدوث النزاعات والشجارات التي تصل إلى حد العنف والطلاق بين الزوج والزوجة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى