لم أكن اتخيل وأنا أخط صفحات كتابي الصغير "أنوثة" أن يحدث كل هذا الضجيج، ويتسبب لي في كل هذا الوجع. فعندما فكرت أن أكتب عن أوجاع المرأة الجنسية وهمومها ورغباتها، كنت أرصد ما توقعته منتشر في مجتمع عربي مغلق وكئيب، لكنني لم أكن أتوقع أن يكون انتشاره بهذه الشكل.
فبمجرد ظهوري على شاشة إحدى القنوات الفضائية المصرية لأتحدث عنه كتجربة أدبية واجتماعية مختلفة أحدثت جدلاً، لم أكن أتخيل أن اتلقى هذا الكم من الرسائل، التي ارسلتها لي سيدات وفتيات يؤكدن لي أنهن يعانين من الكبت، ويكرهن الضعف وقلة الحيلة التي فرضها عليهن مجتمع يتعامل مع رغباتهن على أنها من المحرمات، ولا يحقن لهن الاقتراب منها، او الحديث عنها، او حتى البوح بها لأقرب الأقربين. تحت شعار "البنت المحترمة ما تتكلمش في الحاجات دي" وكأن البنت المحترمة ليست انسانا خلقه الله ليعمر الكون كباقي البشر.
وكما تلقيت رسائل شكر لأنني أبحث لهن عن حقهن في السعادة، تلقيت اتهامات وهجوم من أشخاص اعتبروني أطالب بالفحشاء ، وءأمر بالمنكر.
والنوعين أكدا لي أننا لا زلنا نعيش في مجتمع مشوة نفسياً، لا يتحدث عن الحب إلا بالأرقام، ولا يتطرق إلى الجنس إلا بالايحاءات البذيئة والدلالات القذرة، لكن أن يحترم الجسد البشري ويعي احتياجته، فهذا درب من دروب الخيال.
مجتمع يلهث خلف كل ما يتحدث عن الجنس سواء كان فيلماً او رواية او حتى برنامج، لكنه في الوقت نفسه يهاجم كل من يتحدث عنه بوضوح، رافعا لافتة الدين والأخلاق وعيب ومايصحش واتقوا الله.
لذلك كنت أعرف أنني اقترب من المحظور؛ عندما تطرقت بوضوح وجرأة لما تعانيه المرأة من كبيت وعنف جنسي، وجوع، وجهل، ووقوفها مكتوبة الأيدي أمام قائمة طويلة من المحاذير والممنوعات. لكني اقتربت من الممنوعات لأثبت للجميع أنني امرأة حرة، قادرة على البوح والتحدث في كل ما يؤلمها هي وبنات جنسها بمنتهى الاحترام والادب والشياكة إن صح القول. فالجرأة بالنسبة لي لا تعني الابتذال، والاحترام لا يتناقض مع المعرفة والاعتراف بحقي كأمرأة فى الحياة.
اعترف انني وعلى الرغم من الاساءات التي وجهها لي البعض بشكل شخصي، إلا أنني سعيدة لأنني تحدثت بلسان الكثيرات، وقلت ما يتمنيين قوله على الملأ .
وعلى الرغم من أنني أعلم جيداً انه مازال في انتظاري الكثير من الهجوم. إلا أنني لن اندم يوما على اختراقي للمحظور. وسوف أواصل الحديث عن كل ما يؤرقني أنا وغيري من فتيات عربيات متحفظات، يتصور المجتمع أنه قادر على سلبهن حقوقهن في العيش كبشر اسوياء تحت شعار الدين والاخلاق. ارحمونا يرحمكم الله.