قال وزير العمل عادل فقيه إن قضية البطالة واستراتيجيات القضاء عليها أصبحت محور اهتمامنا جميعاً، ولا يمكن لجهود منفردة أن تحقق النتائج المرجوة في التعامل مع قضايا التنمية والتشغيل، دون مشاركة الجميع، خاصةً الاقتصاديين والاجتماعيين وغرف التجارة والصناعة والاتحادات العمالية، وأصحاب الفكر المستنير، مشيراً إلى أهمية المنتدى العربي الثاني للتنمية والتشغيل، لأنه وسيلة لتحقيق أهداف وطموحات أبناء الأمة وشبابها. جاء ذلك خلال تدشينه أعمال المنتدى الثاني للتنمية والتشغيل أمس في الرياض.
وأضاف: باسم خادم الحرمين الشريفين أتمنى لكم جميعاً طيب الإقامة في بلدكم الثاني، ونسأل الله أن يُكلل جهودكم بالنجاح في التوصل إلى نتائج إيجابية تدعم خطط التنمية الشاملة في بلدان العالم العربي.
عقب ذلك ألقى مدير عام منظّمة العمل العربية أحمد محمّد لقمان كلمة رحب فيها بالحضور، رافعاً باسمه وباسم أعضاء المنتدى، الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لاستضافته أعمال المنتدى.
وأوضح مدير عام منظّمة العمل العربية أن البطالة في المنطقة عموما مشكلة مزمنة ومتراكمة تعود إلى العديد من الأسباب، "نُجملها باختصار شديد في العوامل الدّيموغرافية التي تتسم بارتفاع معدّل النموّ السكّاني (بالرّغم من تراجُعه تدريجيا) المقدّر بـ 2.4 في المائة سنويا، وهو ما يفسّر في جانب آخر ارتفاع معدّل الإعالة للشريحة العمرية دون 15 سنة التي تمثّل 33.8 في المائة، كما تتسم أيضا بتواصل نموّ القوى العاملة بمعدّل 3.1 في المائة سنويا بحكم التزايد السكّاني المرتفع في الأعوام الماضية، وهو ما يزيد من الضغوط على سوق العمل".
وأضاف لقمان قائلا: إلى جانب التطوّر المتنامي لمعدّل نشاط المرأة المقدّر في المتوسّط العام بـ 20 في المائة بحكم توسّع التعليم والارتقاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة، إلاّ أنّ حصّة المرأة في سوق العمل ظلّت متواضعة حيث تقدّر بـ 32 في المائة في المتوسّط العام (مقابل معدّل عالمي بـ 40.3 في المائة).
ومضى يقول: إن العوامل الاقتصادية لم تساعد على تنمية التشغيل والحد من البطالة، نظراً لتواضع معدل الاستثمار الإجمالي حيث لا يتجاوز 23.5 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي في 2011، وفق تقرير صندوق النقد العربي لعام 2012 (مقابل 38 في المائة في دول شرق آسيا)، واستقرار معدّل الاستثمار الخاص في حدود 14 في المائة نسبة إلى الناتج المحلّي الإجمالي (مقابل 29 في المائة في دول شرق آسيا مثلا).
ومن ضمن العوامل الاقتصادية غير المساعدة على النهوض بالتشغيل تقلبات معدّل النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز في المعدّل العام 5 في المائة منذ سنة 2000، حيث تراجع هذا المعدّل في 2011 إلى 2.4 في المائة، وهذه النّسب غير قادرة على توليد فرص العمل المطلوبة المقدّرة بخمسة ملايين سنويا لاستيعاب الدّاخلين الجُدد إلى سوق العمل، وامتصاص مخزون البطالة، ومما يلاحظ أيضا على المستوى الاقتصادي في علاقته بالتشغيل، محدودية قدرة جلّ الاقتصادات العربية على توفير فرص عمل تتناسب مع التطور النوعي لتركيبة قوّة العمل بحكم ارتفاع معدّل الالتحاق بالتعليم العالي المقدر بـ 25.8 في المائة، وهي نسبة أعلى من المتوسط في المناطق النامية.
وأبان مدير عام منظّمة العمل العربية أن عدم الملاءمة بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل ومتطلبات الرّيادة الاقتصادية التي باتت من أقوى المداخل لمعالجة بطالة الشباب وتوسيع قاعدة الإنتاج والمشاركة فيه.
وأوضح لقمان أن الأسباب السابقة أفرزت بطالة تراكمية من أهمّ خاصيّاتها "بطالة شباب بلغت 27 في المائة في عام 2012، حيث تتركّز في الفئة العمرية دون 30 سنة.
وتمثّل الشريحة العمرية 15 ــ 19 سنة النواة الصعبة فيها، وبطالة نسائيّة تمثّل ضعف معدّل بطالة الرّجال، وبطالة متعلّمين وخاصّة من حاملي المؤهّلات الوسيطة والجامعيّة، حيث يُلاحظ أنّ معدّلات البطالة تزداد كلّما ارتفع المستوى التعليمي، مما يعني أنّ تركيبة الاقتصادات العربية في مجملها غير قادرة على استيعاب واستثمار الكفاءات العليا".
عقب ذلك ألقت أنجر أندرسون نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كلمة أوضحت فيها أن التشغيل والوصول إلى سوق العمل هو مسألة حاسمة للعالم، مشيرًة إلى أن الوظائف هي شكل أساسي من المشاركة الاجتماعية ومصدرا مهم من تحقيق وتقدير الذات.
وأبانت أنه من المهم فهم طبقات الاستبعاد التي تتسبب في البطالة كي نفهم السياسات التي تعزز المشكلة، لافتة إلى أن الاقتصاد لم يكن قادراً على توفير فرص عمل لعدد المتقدمين القليل جدا، حيث إن البطالة مرتفعة بنسبة 54 في المائة للأفراد ما بين عمر 15 و64.
وأفادت أندرسون أنه في دراسة بنكية عالمية بعنوان: "الوظائف من أجل الرخاء المشترك" اتضح أن القواعد والحوافز التي تحكم أسواق العمل في البلدان العربية أدت إلى نتائج غير فعالة وغير منصفة، مقترحة أن يعمل بالاستراتيجات التالية "السياسات المحفزة على المنافسة واستثمارات القطاع الخاص لخلق فرص عمل، وموازنة ظروف التوظيف حيث يتنافس القطاعان الخاص والعام على مستوى متقارب، وإغلاق الثغرات في المعلومات من خلال الجدارة والخيارات المهنية وخلق فرصة ثانية، وكسر حلقة الفئات المحرومة".
بعد ذلك ألقى الدكتور محمد بن إبراهيم التويجري الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية كلمة نيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أكد فيها أن الدول العربية لا تزال تواجه مشكلات الفقر والبطالة وعدم مواكبة المخرجات التعليمية بمتطلبات التنمية وعدم الاستخدام الأمثل للموارد.
وأضاف التويجري أن معدل البطالة مرشح للتفاقم في جميع دول العالم بسبب ارتفاع نسبة النمو السكاني، منوهاً بأن فرص نجاح سياسات مكافحة البطالة تزداد مع ازدياد فرص التعاون بشكل فاعل، مؤكداً أن مكافحة البطالة تتطلب توفير فرص عمل جديدة لتقليص معدلات الفقر والبطالة، لافتاً النظر إلى أن سوق العمل تتطلب توفير خمسة ملايين فرصة سنويا لاستيعاب الداخلين للعمل.