حين يصاب الأفراد في ممارساتهم اليومية عبر سلوكيات اجتماعية بالازدواجية سيتقبلون ذلك وربما يتعايشون معه لأنك تجد مبررات وإن لم تلتقِ معها قناعاتك الشخصية ولكن يبقى للعرف الاجتماعي حضوره الطاغي على الفرد خاصة وسط الجماعة بمدها الثقافي المتجذر عبر تراكمات اجتماعية وثقافية تحاصر الفرد ويخضع لها قناعة او مسايرة...
خضوع الفرد كما أسلفت يمكن قبوله خاصة وانه مع الوقت يضعف وتبتدئ ثقافة أقل تشدداً أو العكس أحيانا... ولكن مالا يمكن قبوله حين تصبح الازدواحية سلوكاً مؤسسياً.... ولعل مايؤخذ على كثير من مؤسساتنا الرسمية انها تعيش تلك الازدواجبة بأشكال متعددة....، فنحن نوجه رسالتنا للأم باعتبارها المربية الفاضلة بل وأحيانًا نطلب منها أن تكون حارساً أميناً على زوجها ومنزلها بل ونؤكد لها انها السياج الأهم في حماية الأسره ثم وبنفس الوقت وربما من نفس المؤسسة نعود لنعاملها باعتبارها قاصراً...
الإشكال في الازدواج يأتي بتنوع المواقف....، ففي بعض القطاعات الحكومية نجد أن البعض لم يقم بافتتاح أقسام نسائية بل وعطل الاستفادة من البطاقة المدنية الوطنية للمرأة بحجة وأخرى فيما هو وبكل يسر يعطي مساحات واسعة للرجل وعبر إجراءات إداريه مرنة جداً...
الازدواجية نجدها اخترقت الرأي العلمي للتأصيل الشرعي لبعض الأحكام ويأتي ذلك وفق متغيرات جغرافية فبين مانحرمه محلياً بل وتعلو الأصوات برفضه وربما تحريمه نجد تعايشاً معه وقبوله وربما يتجاوز ذلك إلى مستوى الدعم في الخارج... ففي الوقت الذي ننتقل فيه زرافات إلى دول الجوار متمتعين بمقاهيها وصالات عروضها السينمائيه وأسواقها الصاخبة بالموسيقى وشواطئها متلاطمة بالأمواج والبشر نجد اننا نرفض بكل صلافة ذلك في محيطنا المحلي بل ونعمل على إعاقة البرنامج السياحي بكل الطرق مخترقين النوايا تارة ومؤكدين الخصوصية تارة أخرى... تلك الازدواجية تخنقنا في مواقف كثيرة وتشد رقابنا للخلف... في مهرجان الجنادرية الثقافي تبرز ثقافة الرأي المزدوج.. في حال حضور المرأة... مازالت علاقتنا مع المرأة تخضع لفكر الازدواجية...؟؟ نبتعث الفتاة للدراسة في الخارج ثم نؤكد لها حين عودتها ان عليها إن أرادت استكمال دراساتها العليا في إحدى جامعات وطنها لابد من موافقة ولي أمرها..... في الوقت الذي نمنعها من قيادة سيارتها ونبارك تنقلها مع السائق في كل مشاويرها نمنعها من حضور محاضرة علمية في مكان عام ومفتوح للجميع بحجة منع الاختلاط ثم نحرم دخولها على طبيب دون محرم... إشكالية الازدواج تتزايد بتزايد اتكائنا على جدار سد باب الذرائع الذي نحركه بين فترة وأخرى يسقط
تماماً كلما خرجنا من حدود البلاد بل تغيب شمسه في كل حراكنا الخارجي ونجد السماحة هي محور انطلاقنا في كل شيء .. ويتعالى حضوره بمجرد دخولنا الحدود... الازدواجية لا تقف عند التعاطي الفكري والفتوى بل تصل حتى الى مسارات الاستهلاك اليومي مثل قبول الأسعار المرتفعة للمطاعم في الخارج والتذمر منها في الداخل وكذلك الملابس و.... وما إلى ذلك.... في نفس سياق الازدواجية إحدى الأخوات ترفض حضور المرأة الفعاليات العامة للعائلة ولا تتردد في الرحلات العلمية للخارج رغم انها أيضا مشتركة... ربما يعود ذلك لرؤيتنا أنفسنا في الداخل المختلفة عن رؤيتنا لأنفسنا في الخارج...