دوماً ما نصادف في حياتنا اليومية أشخاصاً يدعون بأنهم يتمتعون بذكاء متفوق عن الآخرين، وهذا الادعاء لا يأتي بشكل مباشر، وإنما ببعض الحركات والتصرفات التي يحاول أن يوجه خلالها رسالة بأنه شخصية ذكية ودقيقة. لكن في الواقع هو يشعر الآخرين بنقطة نقصه وضعفه! فبمجرد المحاولة في هذا السياق ينكشف فداحة الخطأ الذي يرتكبه بحق نفسه. سأضرب مثلاً بقصة تروى عن رجل كان يصنف أحد الأطفال بأنه أغبى طفل في العالم، حيث تقول القصة:" دخل طفل إلي محل الحلاقة, فهمس الحلاق في أذن الزبون قائلاً: هل تريد رؤية أغبى طفل في العالم؟ فقال الزبون وهو يبتسم نعم، فقال الحلاق:هذا أغبى طفل في العالم، وسأثبت لك ذلك، فوضع الحلاق في يده اليمني ديناراً و في اليسرى ربع دينار، وطلب من الطفل أن يأخذ أحدهما فأخذ الطفل الـربع دينار وانصرف، فقال الحلاق للزبون: إنه لا يتعلم أبداً! في كل مرة يفعل ذلك. بعد أن خرج الزبون من مكان الحلاق، شاهد الطفل في محل يقوم بشراء الايسكريم فاقترب منه ليسأله لماذا اختار الربع دينار؟ فأجابه الطفل: حتى تستمر اللعبة ويستمر في إعطائي قيمة الايسكريم بشكل يومي، ففي اليوم الذي أخذ فيه الدينار تكون اللّعبة قد انتهت، وبالتالي أفقد المصروف اليومي الذي أقبضه من الحلاق". بعد أن نقرأ مثل هذه القصة من تعتقد الغبي هنا ومن هو الذكي؟ كما أسلفت من يدعون الذكاء يجعلون أنفسهم مجرد أضحوكة أمام الآخرين. المشكلة العظمى عندما يفاخرون أدعياء الذكاء بأنهم توصلوا لنتائج غير مسبوقة أو اكتشافات مهولة، أو عندما يحاولون السخرية من الآخرين بحجة أنهم الأذكى وفي الحقيقة تكون الصورة عكسية، تماما كما في قصة الحلاق والطفل.
الذي أريد الوصول له بأن الذكاء والغباء نسبي، بمعنى ما قد تراه عمل مبدع لا يقوم به الإ ذكي قد يراه البعض عمل عادي لا يتحمل كل هذا التعظيم، وفي الوقت نفسه قد تحكم على شخص أنه ذو تفكير سطحي، وتثبت لك الأيام أنه شخص يتمتع بشخصية عميقة وذكاء كبير. ولن أذهب بعيداً فهذه إحدى الصديقات كانت دوماً تنتقد رئيسها في العمل وتصفه بأنه شخص سطحي وغير كفؤ للوظيفة التي يتقلدها، وعندما سألتها كيف تمكنت أن تصدري هذا الحكم قالت: إنه خلال الاجتماعات يلقي المشكلة ثم يجعلنا نتحدث طوال الوقت ونبحث عن حلول، بينما السكرتيرة تقوم بالتدوين، وفي اليوم التالي يصدر قراراً ولا نجد أنه خرج عن أفكارنا وحلولنا، لذا هو لا يفكر وإنما يجعلنا نحن من نقوم بالتفكير، هكذا ببساطة وضعت صديقتي نفسها في مأزق وأظهرت نفسها بأنها هي من كان تفكيرها محدوداً، ولم تعلم أن أنجح القادة في المجال الإداري هم من يجعل موظفيه شركاء في حل المعضلات والعقبات التي تعترض طريق المنشأة، بل إن في مجال العلوم الإدارية تعتبر جلسات العصف الذهني التي تبحث عن الحلول والإبداع والتجديد وحل المشكلات في المنشأة من أفضل الطرق الإدارية، صديقتي ويوجد آخرون كثر يحكمون على الناس بسطحية معتقدين أنهم على درجة عالية من الذكاء وبطبيعة الحال هذا خطأ