أولا تهاني الحارة للمرأة السعودية التي تحقق مكسبا آخر بدخولها الانتخابات البلدية في دورتها الثالثة مرشحة وناخبة. وتهاني (الأحر) لمجتمع المملكة الذي بدأ يعترف للنساء بحضورهن ودورهن ومشاركتهن في مسيرة تنمية البلد وتقدم أهلها. ثم إنني أريد أن أسأل عن ما هو الداعي لهذا اللغط عن وضع المرأة المرشحة لصورتها في إعلانات حملتها الانتخابية؟ لماذا نتدخل في ذلك ونقول لها افعلي ولا تفعلي وانشري ولا تنشري؟! نحن نقدم المرأة الآن لتأخذ أمكنة قيادية تتطلب حسن التفكير وحسن القرار والتدبير. أي أننا نثق بها وبعقلها وبتصرفاتها وإلا ما وصلت إلى هذه المكانة.
وبالتالي هي من يفترض أن تتخذ القرار بوضع صورتها في إعلانات الترويج لها كمرشحة، فهي حرة إن اختارت أن تضع صورتها أو لا تضعها. وإذا كنا سنرى مرشحة منقبة أو مرشحة محجبة فستبقى منقبة أو محجبة كما نراها في مجلس الشورى وفي برامج التلفزيون وفي المحافل العامة، بل وكما نراها في معامل الطب ومراكز البحوث.
هذا من الجانب الشخصي للمرشحة. أما من الجانب الرسمي فقد نص إعلان وزارة الشؤون البلدية والقروية على أنه تم وضع الترتيبات والإجراءات والضوابط بشكل ينطبق مع الأحكام الشرعية ويراعي المعايير والقواعد الدولية للانتخابات، التي تؤكد المساواة بين المشاركين كافة في العملية الانتخابية، سواء أكانوا رجالا أم نساء من دون تمييز. وزبدة هذا الإعلان الرسمي واضحة وهي الأخذ بسعة الأحكام الشرعية في التعامل مع النساء المرشحات من غير فقدان الصلة بالمعايير المتفق عليها دوليا.. وهو ما يقطع الطريق سلفا على أية محاولات للمزايدة على شكل حضور ومشاركة المرأة في هذه الانتخابات، بصورتها أو بدون صورتها..
وبالنتيجة فإن التبرعات المرسلة بالآراء والأحكام حيال هذه المشاركة النسائية في الانتخابات البلدية في المملكة مرفوضة جملة وتفصيلا، من أي طرف ومن أي تيار يحاول أن يسحب البساط من تحت أقدام هذه الفرصة التاريخية لحضور المرأة السعودية في الحياة العامة لوطنها. اتركوا الأمر يسير حسب ما رسمته الجهات المعنية، واشغلوا أنفسكم، إن كنتم ستنشغلون، في اختيار الأفضل الذي يخدم همومكم البلدية ويخدم مدنكم وقراكم وأحياءكم.. جربوا مرة واحدة ألا تنشغلوا بما يفعل الآخرون وستشعرون بالفرق والراحة النفسية الكبرى.