جاء قرار وزارة الداخلية بإنشاء إدارة لمتابعة جرائم العنف ضد المرأة، ليؤكد حرص الوزارة على مواجهة ظاهرة التحرش التى تزايدت فى الفترة الأخيرة، خاصة أنها خط ساخن للإبلاغ عن أى جريمة عنف ضد المرأة.
وتكشف كل من العقيد منال العاطف، والعقيد منار مختار، المسؤولتين عن الإدارة فى حوارهما مع «المصرى اليوم» عن طبيعة عمل الإدارة، وكيفية مواجهة ظاهرة التحرش ورؤيتهما لمستقبل الشرطة النسائية فى مصر.
■ ما دور إدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة؟
- عقيد منال: الإدارة أنشئت فى مايو 2013، مع تكرار الحديث فى الإعلام والمؤسسات النسائية حول تزايد حالات التحرش فى الشارع، حيث أصدر وزير الداخلية قرارا بإنشاء إدارة متخصصة تعتمد على الشرطة النسائية، لمتابعة كل ما تتعرض له المرأة من صور العنف، وتم إلحاق ضابطتين من الطبيبات النفسيات لتشجيع المرأة على الإبلاغ دون حرج عن أى واقعة، خاصة أن خوف وتقاعس الفتاة عن الإبلاغ يشجع على ارتكاب جرائم أخرى وبالتالى المعدل يزيد، فسعينا من خلال الدعم النفسى الموجود بالإدارة لكسر هذا الخوف، بالإضافة إلى الدعم القانونى، وأحيانا يختلط الأمر عند البعض ويعتبرونا جهة مكافحة لجرائم العنف، لكن المكافحة اختصاص إدارات أخرى.
■ ولماذا خصصت الوزارة إدارة لتقديم الدعم النفسى والقانونى للمرأة، بينما هناك جهات أكثر تخصصا تستطيع تقديم تلك الخدمات؟
- عقيد منار: دورنا يستهدف دعم المرأة لاتخاذها قرار الإبلاغ، لأن هناك فتيات وسيدات يترددن فى منتصف الطريق، ويتراجعن عن الإبلاغ خوفا من الأهل أو الزوج، لذلك فإن تواجدنا معهن فى تلك اللحظة يرفع كل المخاوف عنهن، وحتى إذا احتاجت الحالة لمعاونة جهات أخرى نظل معها حتى النهاية ولا تنتهى علاقاتنا بها بمجرد تلقى الشكوى.
■ ماهو شكل تمثيل الإدارة فى الأقسام والمديريات؟
- عقيد منال:الإدارة ممثلة من خلال ضابط حقوق إنسان فى كل مديرية أمن، ونحن نتلقى الشكاوى بعدة طرق، إما مباشرة فى مقر الإدارة بوزارة الداخلية أو عن طريق أرقام تليفونات مخصصة لذلك، وهى 01126977222،01126977333، 01126977444، وفى هذه الحالة نوجه المبلغة إلى أقرب قسم شرطة لتقديم بلاغها، والبعض يتخوف فى البداية من عدم اهتمام الضابط بالحالة أو رفضه لسماع الشكوى، لكنى أؤكد أن هناك تعليمات صارمة لكل أفراد الشرطة بشأن حقوق المرأة باعتبارها من أولويات وزارة الداخلية.
■ هل يمكن أن تدخل الحالات إلى وزارة الداخلية بسهولة؟
- عقيد منال: هناك تغيير فى فكر الوزارة، وفى الصورة السابقة بأنها مكان أمنى يصعب على أى شخص دخوله، فإنشاء قطاع حقوق الإنسان فى نوفمبر 2012 جاء لتغيير العقيدة والفكر لدى المجتمع ولدى العاملين بالوزارة، لأنه من حق كل مواطن له مطلب أو شكوى أن يأتى لعرض مشكلته، بالطبع هناك إجراءات أمنية لحماية المؤسسة ولحماية المواطنين ولكن لا يتم منع أى مواطن من الدخول.
■ ماذا لو كانت الشكوى المقدمة ضد أحد أفراد الشرطة؟
- عقيد منال: فرد الشرطة الذى يتجاوز فى حق أى مواطنة أيا كان منصبه، يلقى العقاب وفقا للوائح الموضوعة داخل الوزارة، أكثر مما قد يتعرض له المواطن العادى، لكن بعد التأكد من الوقائع نكتشف أن معظم الشكاوى يكون كيديا.
■ كيف يكون التأكد؟
- من خلال تحقيق جاد وسؤال شهود على الواقعة فى المكان الذى حدثت فيه، حتى لو كان ذلك فى قسم الشرطة، فهو لا يخلو من الأفراد سواء مواطنين أو عاملين فيه.
■ لماذا لا تشعر الفتيات بوجود الأمن فى الشارع فى ظل انتشار ظاهرة التحرش؟
- عقيد منال: ليس صحيحا أن الأمن غير متواجد فى الشارع، فخلال عملى فى مباحث الآداب كنا نخرج فى حملات ودوريات مستمرة، وهناك ضباط يعملون بما يرضى الله فى قضايا العنف ويسعون لإعطاء المرأة حقها، وهناك ضباط دفعوا حياتهم ثمنا للدفاع عن النساء وكثير من هذه الوقائع كانت خارج وقت خدمتهم، وفى النهاية نُتهم كشرطة بأننا مقصرون وغير متواجدين فى الشارع، كما أن التحرش له أسباب متعددة، وزيادته مرتبطة بزيادة نسبة السكان وزيادة معدلات الجرائم، والتحرش ليس جريمة أمنية ولكنها جريمة مجتمعية فى الأساس، لكن مشكلة التحرش يجب ألا تكون المشكلة الوحيدة المسيطرة على الساحة وتطغى على أشكال أخرى للعنف تتعرض لها المرأة ويجب معالجتها.
■ هل معنى ذلك أن مواجهة التحرش تحتاج لحل مجتمعى فقط؟
- عقيد منار: الدور الأمنى فى مواجهة التحرش هو أصغر دور، لأنى لو اعتمدت على الحل الأمنى فقط فعلى توفير عسكرى لكل سيدة أو فتاة مع خروجها من المنزل وهذا غير معقول، وسيصبح نصف المجتمع شرطة ونصفه الآخر مواطنات عاديات، فأنا كفرد أمن دورى ليس المنع ولكن الضبط، والتواجد فى الأماكن والأوقات التى ترتفع فيها نسب حدوث جرائم تحرش، لكن المعالجة الجذرية للمشكلة تحتاج لجهد كبير من المدرسة والأسرة ودور العبادة والإعلام.
■ وماذ عن دور الفتيات؟
-عقيد منال: على الفتاة ألا تضع نفسها فى ظروف تساعد على التحرش، ولا أقصد أن الفتيات يتعمدن هذا، لكن عليها توخى الحذر من تواجدها مع شخص بمفردها كالطبيب أو المدرس، وعليها أيضا مواجهة المتحرش دون خوف، خاصة أنه جبان جدا.
■ كشفت دراسة حديثة صادرة عن معهد التخطيط القومى والمجلس القومى للمرأة عن تزايد نسب التحرش بعد ثورة يناير، فما تعليقك؟
- عقيد منال: بعد ثورة يناير ربما انشغلت وزارة الداخلية بمهام تتعلق بمصلحة البلد، والبعض تصور أنه يمكن أن يفعل أى شىء، لكن إنشاء قطاع حقوق الإنسان والإدارة جاء كوسيلة لمواجهة تلك المشكلة التى تزايدت فى الفترة الأخيرة.
■ هل للإدارة دور فى تأمين الفعاليات السياسية والوطنية؟
- عقيد منار: نحن لدينا تعليمات بالتواجد فى جميع الفعاليات والاحتفاليات الموجودة فى الشارع، والتى تشارك فيها المرأة، كما نتواجد فى الأعياد ليس بغرض المكافحة ولكن فى إطار دورنا، رغم أننا مؤهلين للتعامل مع أى صورة من صور العنف فى الشارع.
■ وماذا عن وقائع التحرش التى شهدها ميدان التحرير فى احتفالات الذكرى الثالثة لثورة يناير؟
-عقيد منار: أعتقد أنه مع تواجد أعداد كبيرة فى مكان واحد من الوارد أن يحدث تحرش، حتى لو غير مقصود بسبب الزحام والتدافع.
■ هناك تقارير صدرت مؤخرا من منظمات دولية أشارت إلى وجود عنف من جانب الشرطة مع المتظاهرات فهل يتم التعامل مع مثل هذه التقارير؟
- عقيد منال: لا نريد الدخول فى أمور سياسية، لكن ما الذى يدفع ضابط لإلقاء القبض على فتاة وهى غير مذنبة؟، فالفرد الذى يخالف القانون رجل أو امرأة يجب على الشرطة التعامل معه وبالقانون، وإلا ستنتشر الفوضى والجريمة فى المجتمع، وكثير من الفتيات يشاركن فى تظاهرات سلمية ولا يتعرض لهن أحد.
■ هل هناك تصور لتطوير عمل الإدارة؟
-عقيد منال: كان يهمنا فى البداية أن تكون هناك إدارة شرطية نسائية متخصصة، ونظرا لقلة عددنا كشرطيات على مستوى مصر، وبالتنسيق مع أكاديمية الشرطة فهناك خطة مستقبلية لزيادة أعداد الشرطة النسائية، وإلحاقهن بعد ذلك بكل مديرية أمن، فمثلا سيكون هناك شرط إذا تقدمت طالبة من محافظة نخبرها أنه بتخرجها ستكون خدمتها فى مديرية الأمن فى محافظتها والعمل فى مواجهة جرائم العنف ضد المرأة.
■ هل تواجه الضابطة تمييزا داخل الوزارة لكونها امرأة؟
- عقيد منار: التعامل مع الضابطات لا يختلف عن الضباط، وفى إحدى الجهات المهمة بالوزارة كنت أظن أنها لا تضم ضابطات، لكن اكتشفت العكس، وفى النهاية الاختيار فى الإدارات المختلفة يكون وفقا للتخصص والخبرة وحاجة الوزارة.
■ بعد ثورة 25 يناير هل تعرضتم كشرطة نسائية لبعض المضايقات من جانب المجتمع؟
-عقيد منال: فى تلك الفترة تحديدا كان هناك إقبال شديد على ضابطات الشرطة، خاصة فى الإعلام، لنكون جسور الثقة بين الداخلية والشعب بعد تعالى نبرة «الشعب فقد الثقة فى الداخلية »، والتى تبين فيما بعد أن الشعب مخطئ فيها، نظرا لأن صورة ضابطة الشرطة مازالت جيدة عند الناس، ولم تكن هناك وقائع احتكاك أو تجاوزات من ضابطة شرطة تجاه المواطنين، لكن هذا يرجع إلى أن عددنا قليل واحتكاكنا بالجماهير ليس كبيرا، والأزمات والمواجهات دائما يتصدى لها الرجال، لكن إذا كانت صورتنا جيدة عند الناس أو تعاملنا موفق معهم فهذا تحقق بفضل قيادات رجال تعلمنا على أيديهم.
المصري اليوم