توقفت بالأمس عند نبأ عن حملة أطلقت تحت شعار "من السلام في البيت الى السلام في العالم" لمناهضة العنف ضد المرأة، ومدتها 16 يوماً، تساءلتُ: لماذ لم تكن 15 أو 30؟ وتبين فيما بعد أنها تأتي لفترة تمتد بين يومين عالميين: "مناهضة العنف ضد المرأة" و"اليوم العالمي لحقوق الإنسان".
الحملة تقول إنها ستبث 16 رسالة من أجل تغيير المفاهيم والعادات المسيئة للنساء والفتيات، وكأنها ستكون كأداة سحرية ستغير التراكمات بين ليلة وضحاها!
ذلك يذكرنا بحملة التفتيش على المركبات في فصل الشتاء، والحملات الأمنية على المطلوبين وسارقي المركبات، وحملات أخرى على المركبات الحكومية، وحملات التقشف وترشيد الإنفاق، وكأن حقوق المرأة تصان في تلك الفترة كما هي الحملات المذكورة!
عندما أعلن الأمن العام القبض على آلاف المطلوبين خلال أسبوعين، ضمن إحدى الحملات، تساءل الجميع: وهل نحتاج إلى حملات للحفاظ على الأمن والأمان؟ وهل الأمن العام في إجازة خارج إطار تلك المدة؟!
تلك الفزعات التي لا تنفك الحكومات أو مؤسسات المجتمع المدني على إطلاقها بين الحين والآخر، لترسيخ مفهوم يتناقض والهدف الاساسي الذي غالباً ما يكون إيجابياً، ويتم حصره ضمن فترة معينة؛ لتثبيت قناعة بأنه غير دائم وقابل للفلتان.
مسائل الأمن وحقوق المرأة، وحتى الحفاظ على المال العام، لابد أن تكون مفاهيم راسخة تبدأ مع البيت، مرورا بالمدرسة وحتى أبواب العمل، ولمن لا يعرف فآلاف النساء يتعرضن للتحرش في أعمالهن، ويلذن بالصمت؛ خوفاً من فقدان العمل أو الانعكاسات الاجتماعية.
هنالك دراسات أثبتت وجود حالات فعلية، وكشفت إلى العلن عن كم عدد الحالات التي بقيت طي الكتمان؛ بمعنى أن الحفاظ على حق المرأة أو وقف العنف ضدها يبدأ بسن تشريعات وقوانين صارمة لا تقبل الالتفاف حولها.
على سبيل المثال، قبل أيام سربت الحكومة عن نيتها منح الحقوق المدنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين، مبينة أن القرار محدد بمنح الحقوق المدنية دون السياسية، حتى خرج البعض ليحتج كون ذلك يمكن أن يكون طريقاً لمنح الجنسيات؛ وبالتالي العزف على أسطوانة "الوطن البديل" من جديد.
كيف يمكن لشريحة في المجتمع أن تحتج على منح الحقوق المدنية لأولاد الأردنية، رغم أن حقوقهم السياسية مكتسبة، أن تستوعب الدفاع عن المرأة وصيانة كرامتها ووقف العنف الذي يمارس ضدها لأسباب ترتبط بالجهل وقلة المعرفة.
خلاصة القول أن حملات مناهضة العنف ضد المرأة وغيرها، تحتاج إلى مراجعة ذاتية تبدأ من المجتمع نفسه؛ من خلال نشر الوعي لا المؤقت، بل الدائم، وتتوج بقوانين حاسمة تطبق على الجميع، وإذا كان هنالك استثناءات للبعض في القوانين العادية، فكيف سيكون لهؤلاء التزام بشأن المرأة.