كثيراً ما أسمع بعض الأمهات يشكون من عدم طاعة أطفالهن وعنادهم المستمر، وتذهب البعض منهن لإرجاع السبب وراء هذا العناد لسوء تعامل وتربية الأب لهم، وفي نفس الوقت تتكرر نفس المعضلة والمشكلة مع الآباء، حيث يحملون الأم السبب في جحود أو تمرد أبنائهم.
لا أريد التوسع في هذا الجانب لأن الموضوع كما هو واضح كبير جداً، وقدم فيه خبراء التربية الكثير من الدراسات والبحوث ولعلنا نحتاج المزيد من مثل هذه البحوث والمقالات لتنمية وعي الآباء والأمهات، لكن الذي أريد التركيز عليه من خلال هذه الكلمات هو الدور المنوط بالأب والأم داخل الأسرة، ففي كثير من الأحيان يحدث صراع علني أو حتى خفي بين نظرة الرجل وطريقة تربيته وتعامله مع أطفاله ونظرة الأم وطريقة تعاطيها وتربيتها لصغارها، بل إننا نسمع قصص جذب وتنافس بين الأبوين وكأن هؤلاء الصغار جمهور يحاول كل طرف كسب تعاطفه وتشجيعه، فالأم تعتبر صغارها أمان المستقبل وتريد ضمان ولائهم ضد الأب الذي تتوقع منه الانفصال في أي لحظة أو أنه يتركها، وبالدرجة نفسها تجد الأب يحاول أن يقنع أطفاله أن أمهم سيئة وكأنه يمهد للطلاق والانفصال.
بطبيعة الحال إذا وصلا – الأب والأم – لهذه المرحلة من الحياة الزوجية فتوقع أن يحدث منهما أكثر، ولكن هناك حالات تكون العلاقة الزوجية بين الأم والأب في حالة البرود بمعنى هناك اختلاف، ولكنهم يعبرون عن هذا ببرود وصمت وضمن أدوات هذا النوع من العراك استخدام الأطفال، فيسعى كل طرف لإغاظة الطرف الآخر مستخدماً أطفاله، فتجد الأب يغدق الهدايا بمناسبة وبدون مناسبة على أطفاله، وفي المقابل ترد الأم بالمزيد من الدلال وعدم تقويم أي سلوك خاطئ يصدر من أطفالها.
غني عن القول إن هؤلاء الأطفال يشعرون من خلال كلمات وتعابير الأبوين أن بينهما فجوة أو هوة من الخلافات، ويفهمون مباشرة أن ما يحصلون عليه من تنازلات من الأبوين هو بسبب هذا العراك البارد بين الطرفين.
والذي أحاول الوصول إليه أن لغة الأم والأب يجب أن تكون واحدة عندما يتعلق الأمر بتربية الأطفال، وتكون طريقة التربية واحدة، والتعليم وصنع القدوة جميعها أمور حساسة ومهمة يجب على الطرفين الحرص عليها، يجب أن يبعد الأب والأم خلافاتهم عن الأطفال حتى لو كان هذا الاختلاف ناشباً ومستمراً، فإنه يجب أن يكون هؤلاء الأطفال النقطة التي لا يحدث عندها أو فيها اختلاف.